الأولى بالمسلمين أن يخطُبُوا وُدَّ المجتمعات الغربية بدل معاداتها ويُحسِنُوا شرحَ قضيتِهم أمامَ الرأيِ العام بالحكمة والموعظة الحَسَنَة وليس بلغة الوعيد والتهديد والإزالة من الوجود، ونتصرف بردات فعل مُراهِقة مُدانةٌ تضرُّ ولا تنفع
 

انتقاداتُ المسلمينَ والعربِ للرئيس ترامب تفتقد للمنهجية والموضوعية، فبدأَ بعضُهم بإطلاق الشتائم على أمريكا أرضاً وشعباً ودولةً وإدارةً، متناسين شعباً تظاهرَ رفضاً لاحتلال العراق في ساحات الولايات، والآن نَقضَ القضاءُ قرارَ رئيسِ دولتِه ليُصَوِّب المسارَ، وخرجت موجةٌ من الإستنكارات على لسان النخب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبعض عمدة الولايات لم يمتثِل لقرار الحظر لأنهم رأوا فيه تناقضاً مع قيم وقانون أمريكا الذي ينصُّ على حرية الأديان والمعتقدات والرأي والتعبير الحر.
ولعل البعض لا يميِّز بين الإدارة والشعب الأميركي وتطلعات كل منهما،وغابَ عن باله أنَّ أمريكا دولة مؤسسات دستورية وفيها فصل بين السلطات الثلاث.
فقد علَّمنا القرآنُ الكريم آدابَ الإستئذان في زيارتنا للناس،فإنْ أَذِنَوا لنا بالدخول وإلاَّ فَلْنَرِجِعْ وكذلك الفيزا، ولا يحق لنا اتهامَ الآخرين بالعنصرية ونحن غارقون في ممارستها فيما بيننا بأدق التفاصيل، ونعيش الجاهلية الأولى والآخرة بكل مصائبها.

إقرأ أيضًا: ترامب والغضب العربي
وبكل جدارة فقد نجحَ اليهود في استمالة شعوب الغرب نحو قضيتهم انطلاقاً من ( المحرقة اليهودية) وانتهاءً بأنّ فلسطين أرض الأجداد والميعاد، فأقنعوا صناع القرار أنهم مظلومون ومضطهدون ومعتدى عليهم، وجندوا لنصرة قضيتهم ( المال، الإعلام، المفكرين، النساء، الترغيب والترهيب، الاقتصاد)، وبذلك تعاطف الغربُ وتكافلَ على دعم مشروعهم فسيطروا وحكموا ونالوا مرادَهم مع حنكة ودهاء لا يُقاوَم والذي قابله ضعفٌ وترهُّلٌ إسلامي وعربي.
والسؤال فهل عندما نفجّر ونخرب ونعتدي على الشعب الغربي ونحن ضيوف في بلاده نكون بذلك قد شرحنا له معاناتنا في الشرق الأوسط؟.؟ أم أسأنا لنا وله؟
فاليهود في أوروبا كانوا أقلية مضطَهَدة وذاقوا الكثير من العذاب الأليم،لكنّهم صبروا حتى حكَموا جلاَّدَهم وقبضوا على الغرب والشرق بالدهاء ونحن بالفوضى المُمَنهجة ضاعَ وخسِرنا كلَّ شيء.
فقضية المسلمين محقة لكنَّ محاميها فَشِلَ في الدفاع عنها وعَجَزَ عن إقناع الغرب بها، المشكلة أننا ما زلنا نعيش نَشوةَ الدولة الأموية والعباسية والسلجوقية والأيوبية والعثمانية،فضعنا بين الماضي المجيد والحاضر الذي يحْتَضِر وبمستقبل مجهول.

إقرأ أيضًا: دروس الديمقراطية والليبرالية القادمة من أوروبا وأميركا الشمالية
فالأولى بالمسلمين أن يخطُبُوا وُدَّ المجتمعات الغربية بدل معاداتها ويُحسِنُوا شرحَ قضيتِهم أمامَ الرأيِ العام بالحكمة والموعظة الحَسَنَة وليس بلغة الوعيد والتهديد والإزالة من الوجود،ونتصرف بردات فعل مُراهِقة مُدانةٌ تضرُّ ولا تنفع.
ورغم سوء المرافعات والإستئناف من المحامي الإسلامي والعربي فيبقى هناك في بلاد الغرب فئة تقف مع المظلوم وتًقارِع الظالم فهل بوسعنا استقطابُ الباقي بأننا مظلومون ولسنا بظالمين ومعتدى علينا ولسنا بمعتدين؟ 
والجواب عند أُوْلِي الأمرِ منا من المرجعيات الدينية والسياسية والاجتماعية والفكرية،وكذلك الجاليات المسلمة يقع على عاتقها الدفاع عن قضاياها كما فعل اليهود من خلال تأليف اللوبيات للضغط على المعنيين... فهل من فاعل؟