وصف العاصفة المجنونة التي هبت على الوطن العربي منذ أكثر من نصف عقد من الزمن بالربيع العربي. لم يكن توصيفا دقيقا للجحيم الذي تعيشه المجتمعات العربية في العديد من دول المنطقة التي هبت عليها رياح هذه العاصفة. 
فالنار التي التهمت جسد محمد البوعزيزي لا يزال لهيبها يتمدد في كافة أرجاء الوطن العربي. وكأن عود الثقاب الذي ألقاه ذلك الشاب التونسي على ثيابه لا يهدف فقط لأحراق نفسه استنكارا لواقع معيشي مأساوي. بل يهدف إلى إحراق المنطقة العربية برمتها. 
وتباشير ما أطلق عليه افتئاتا وتضليلا  بالربيع العربي التي انطلقت من تونس وانتقلت إلى ليبيا مرورا بمصر ومن ثم حطت الرحال في دول المشرق العربي. ابتداءا من اليمن وصولا إلى سوريا مرورا بالعراق الذي كان قد سبق غيره من الدول العربية للتنعم بويلات هذا الربيع فضلا عن لبنان الذي شهد خمسة عشر عاما من الحروب الأهلية وما يقارب ضعفها من حالة فقدان الإستقرار والأمن وعدم التوازن. فإنها اي تباشير الربيع العربي تهدد ما تبقى من الأقطار العربية بالاقتراب منها لاجتياحها في القادم من الأعوام. خصوصا الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي تحاول درء مخاطر هبوب رياح الثورات العربية المتفلتة من اي قيود وذلك بتحصين حدودها خارجيا وترسيخ نظامها السياسي في الداخل. 
والسعودية التي يلفحها لهيب نيران الثروات المشتعلة من حولها فإنه من الطبيعي ان تعيش تحت تأثير هواجس وحالة من الخوف تصل إلى حد الرعب من انتقال شرارة هذه الثورات إلى الداخل السعودي وذلك لجملة عوامل. 
أولا. قربها جغرافيا من عدو تقليدي وهو إيران التي أسست نظامها على أنقاض نظام الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان يعتبر الحليف الأقوى للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. والذي لعب دور الشرطي في منطقة الشرق الأوسط لعقود من الزمن فاجتاحته ثورة الشعب الإيراني المقهور بقيادة ملالي قم يتقدمهم الإمام الخميني / قدس / وأنشأت نظاما ثوريا خاضعا للحرس الثوري الإيراني والذي اعتمد مبدأ تصدير الثورة إلى خارج الحدود. وهو ما يتباهى به المسؤولون الإيرانيون عندما يتفاخرون بأن نفوذ بلادهم يتحكم بأربع عواصم عربية وهي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت. وفي هذا المعنى فإن الرياض ليست بعيدة عن الأطماع الإيرانية. فضلا عن امتلاك إيران ترسانة عسكرية هائلة قوامها منظومة صواريخ متعددة المهام وبمواصفات تقنية عالية الفعالية. علاوة عن أنها أصبحت على قاب قوسين او أدنى من دخولها نادي الدول النووية. 
ثانيا. التوتر الذي ضرب علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأميركية وتقاعس إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عن السير في ركاب السياسة السعودية لتنفيذ رغبات الأسرة الحاكمة في المملكة مما أسس لقلق لدى القادة في دول الخليج وخصوصا في السعودية من تراجع الإهتمام الأميركي بحفظ هذه الانظمة وحمايتها. والذي يتماهى مع تراجع الحاجة الأميركية للذهب الأسود العربي. 
ثالثا. هشاشة النظام السعودي والتوتر الذي ضرب الشراكة بين أسرة إل سعود الحاكمة والحركة الوهابية التي تمسك بمفاصل المؤسسة الدينية في المملكة. وذلك بعد توجيه اصابع الاتهام من معظم دول العالم ومن المجتمع الدولي برمته إلى الفكر الوهابي بأنه المرجع الأصولي للجماعات التكفيرية والارهابية التي توسع نشاطها في أربع رياح الأرض. وتاليا وضع السعودية في قفص الإتهام بأن مؤسساتها الدينية هي التي تغذي الفكر الوهابي لهذه الجماعات الإرهابية بالتوازي مع ترسيخ واقعا مذهبيا بالحاجة إلى تأسيس مكون سني مسلح للوقوف بوجه المد الشيعي الآتي من إيران. وهذا الواقع وضع المملكة العربية السعودية في عين العاصفة. 
رابعا وهو الأهم ضعف المؤسسة العسكرية السعودية لجهة الخبرة وتعداد الجيش الوطني والذي ظهر جليا من خلال عجز المملكة عن حسم الوضع المتفجر في اليمن رغم قيادتها لتحالف عربي واسلامي واسع انخرط في حرب اليمن وعجز عن حسمها. 
وعليه فالدلائل تشير إلى أن الربيع العربي في طريقه إلى الخليج ابتداءا بالسعودية مع ضعف أجهزة المناعة لاتقاء شرور هذا المرض المعدي ..