بين النسبي والمختلط او كلاهما تضيق فرص التقدم بقانون جديد للانتخابات فمن المسؤول عن تعثر المشاورات؟
 

تمهيد: 
مع كل ما يتمتّع به أهل الحكم والسياسة في لبنان فيما يُشبه الذكاء والموهبة لإدراك الشروط الملائمة لمصالحهم ومغانهم، ومع محاولاتهم الجادّة ليكونوا "آباءً صالحين" لهذا الشعب، ومع كل ما يُبدونهُ من قدسية وطهارة ممزوجة بالفجور، وبعد استمتاعهم بفترة "سُبات شتوي" امتدت على مدى أربع سنوات مضت، فقد تنبّهوا إلى ضرورة شحذ الهمم لاستنباط قانون انتخابي جديد فزعاً من الفراغ الذي هدّد به رئيس الجمهورية في الأيام الماضية.

 

إقرأ ايضًا: دروس الديمقراطية والليبرالية القادمة من أوروبا وأميركا الشمالية
أولاً: عند كل عقبة..فتّش عن باسيل...
من منّا لا يذكر ما قاله الإمام أبو الحسن الأشعري للمعتزلي أبي علي الجبائي بعدما أفحمه في مناظرة مشهورة: وقف حمار الشيخ في العقبة، وحمار الشيخ جبران باسيل (الذي لا يرضى بأن يُعيّن وليد جنبلاط نائباً مسيحياً بعد اليوم) وقف في عقبة جنبلاط، فطارت صيغ المختلط مع النسبي، أو النسبي مع المختلط، أو المُختلطات المتنوعة، ليقف "نجم" السياسة اللبنانية الحديثة، الوزير الجوال في بلاد العالم بحثاً عن مواطنين "صالحين" جُدُد، من أقاصي البرازيل وصولا إلى مجاهل إفريقيا، الوزير الذي يحاول جاهداً أن يُثبت أنّه كاثوليكي ولو بوسائل خادعة، يقف واضحاً أمام اللبنانيين ليكشف عن حقدٍ دفين ضد الصيغة اللبنانية، ضد المعرفة، ضد العقل، ويُمثّل امتداداً لمسيحية مريضة وظلامية، فيحاول أن يظهر كرجل دولة حريص على وطنه وطائفته، فتخونه الحصافة والنباهة، ولا يبقى في عُرفه ومنطقه سوى حقوق المسيحيين "المهدورة" ، والتي لا يتردّد المواطنون المصنفون "كمسلمين" في مصادرتها، ومن غير حامي الحمى ،المحظي بعطف ورعاية رئيس الجمهورية، ليدعونا إلى اعتناق فكر القرون الوسطى الظلامية ، فكر الطوائف والملل والنحل والنزاعات الدينية، في غياب المُواطنة وحقوق الإنسان، والشرائع المدنية التي صاغتها البشرية من عصر التنوير وحتى يومنا هذا.

إقرأ أيضًا: شتان بين وُلاة العرب في غابر الزمان، ووُلاة الفُرس اليوم
ثانياً: العجز التام في مسام الطبقة السياسية...
ولئلّا نظلم باسيل وحده، فالطبقة السياسية تعاني من زمنٍ بعيد من شلل نصفي أقعدها عن الحركة، ولم يترك لها سوى فضائل الكلام والخطابة والهذر، مع الفساد الملازم لها طبعاً، وتبدو اليوم أمام معضلة استحداث قانون انتخابي يعكس الإرادة الشعبية الحقيقية، كأنّها لا تعرف كيف تسير وحدها دونما حاجة إلى إمام أو أمرٍ صادر من أعلى، حتى أنّها لا تدرك مسيرها نحو الهاوية، لذا يلجأ بعض أقطابها في الغوص بعيداً في "ميتافيزيقا" لا يُدركون كُنهها ولا مآلها، فلا غرابة أن ينكشف أمام الجميع عجزهم وتخاذلهم ، رغم كل عبارات الزهد والعفّة، فمشاعر العفة التي يُبديها الشيوخ لا معنى لها بعد عمرٍ طويل من الرذائل والموبقات والشّبقية، كما لا يحسُنُ من المشلول أن يتباهى بعدم تسلُّق حيطان الجيران للسّطو على جنائنهم، لهذا وذاك، ولكل ما عاناه هذا الشعب من حروب الآخرين على أرضه، إلى الحرب الأهلية، إلى الحرب الباردة التي تستعر وتُخمد حسب الطلب، آن للّبنانيين أن يقولوا لهذه الطبقة المتوحشة: كفى استهتاراً بعقولنا ومشاعرنا وطموحاتنا، كفى، هاتوا ما يُناسبكم، ويُناسب زوجاتكم وانسبائكم، ولا تنسوا أحداً من الورثة، واللهُ المستعانُ على ذلك.