يدرك الكثيرون في لبنان وخارجه أهمية السياسة الجنبلاطية في الحياة السياسية باعتبارها تجربة مستوفية الشروط وقادرة على التوليف من جهة وصناعة التصدَع من جهة ثانية والتفرد والانفلات من الأطواق الداخلية والخارجية من جهة ثالثة هذه الخصوصية الجنبلاطية وفرَت باستمرار ضمانات لتشكيل سياسي أقلوي ولطائفة ملتمة . قوَة تجاوزت في أحايين كثيرة أحجام الطوائف الكبيرة . لذا لعبت السياسة الجنبلاطية دوراً بارزاً في مراحل تطرفها السياسي ومراحل وسطيتها كحماية مطلوبة لتأمين مصالح الزعامة الجنبلاطية وما تختزنه من أبعاد مذهبية تدفع الى توفير حرص سياسي على مصير معرَض لمخاطر متعددة اذ ما غرق في صراعات مجنونة .

انتقل الزعيم الجنبلاطي من الحضانة السورية والرفاهية الايرانية الى موقعية عدائية قاد فيها وليد جنبلاط مرحلة نمو فريق 14آذار وفق سقف سياسي بناه على حسابات اقليمية ودولية وبعد مدَة من الحدَة السياسية وجدَ جنبلاط أن رياح التغيير تهب في ملاعب أخرى فلحس مبرده وعاد طائعاً بعد وساطة وسطاء الى موقعه الأوَل ولكن دون الحصول على دلل سياسي وبدل مالي كانا من نصيب جنبلاط على الدوام .

تنكَر جنبلاط من مواقفه من سورية ومن المقاومة وباع حلفائه من جماعة 14آذار بأبخس الأثمان وبذلك خسر جنبلاط مجموعة علاقات كان قدَ حسَن من شروطها لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومن أهمها العلاقة مع المملكة العربية السعودية التي أنصفته معنوياً ومادياَ كما يقول مقربون من المملكة .

بعد الربيع العربي وأحداث سورية عزف جنبلاط معزوفة خاصة تعمل على اطراب العرب وتهدئة النفوس المضطربة في لبنان من نكوص جنبلاط بالتزاماته تجاه السلاح والمقاومة وحكومة الرئيس ميقاتي وجاءت مقدَمات التحضير للانتخابات النيابية وعبوة المشروع الارثوذكسي لتعيد ترتيب التحالفات السياسية وفق تقاطعات جديدة بين طرفيَ الطبقة السياسية 8و14آذار ووفق حسابات سياسية جديدة .

من هنا ثمة من يضع زيارة رئيس جبهة النضال الوطني الى السعودية في اطار استعداد جنبلاط للانتقال الطوعي الى ما تبقى من حزب 14آذار ومن باب الضرورات الانتخابية. وثمَة من يضع زيارة الزعيم الجنبلاطي في دائرة المساعدة المالية في لحظة سياسية يسهم فيها المال اسهاماً كبيراُ في نتائج العملية الانتخابية .

اذاَ ثمَة بحث جنبلاطي عن معونة كان قدَ خسرها من مموليين أساسيين نتيجة لتحولات قدَ تكون طبيعية الاَ أنها ليست مفهومة عند الكثيرين خاصة وأنها مصحوبة بتطرف مخيف لم تبقي له حليفاَ أو صديقاَ الاَ في دائرة الضرورة القصوى .