وفي التطورات الجديدة فقد تكونت شبكة من المصالح ليس معروفا ما إذا كانت إيران ستبقى خارجها ام تنضم إليها بصفتها شريكا صغيرا وثانويا مع امتلاكها لمشروع خاص بها في سوريا
 

بعد الاشتباك الدولي والإقليمي على الساحة السورية بوجهيه السياسي والعسكري لم يعد أمام رئيس النظام السوري بشار الأسد سوى الاستمرار في الخيار الذي سار فيه منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية في شهر آذار للعام 2011 والمساهمة في بلوغ هدف واحد هو تفتيت الجغرافيا السورية والقضاء على النسيج الاجتماعي فيها. 
ويبدو جليا سير النظام السوري في هذا النهج من خلال عمليات واتفاقيات البيع والشراء مع كل من روسيا وايران والتخبط الذي يعيشه وغياب تام  للرؤية الإستراتيجية الواضحة سيما وأن الرئيس الأسد أثبت عجزه عن اللعب على حبل التناقضات الروسية - الإيرانية. 
وإذا كان الأسد يعتقد أن في استطاعته الاستفادة من ثغرات الخلاف القائمة بين موسكو وطهران وتأليب روسيا على إيران وإيران على روسيا إلا أنه بالتأكيد فإنه لا يدرك أن هناك وقائع جديدة على الأرض وبالتالي لا يمكن الحد من اندفاعة المشروعين الروسي والإيراني وأن هناك اطماع تركية في الشمال السوري لضرب وحدة الأكراد والحؤول دون قيام كيان كردي على حدودها الجنوبية يتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي. 
وفي التطورات الجديدة فقد تكونت شبكة من المصالح ليس معروفا ما إذا كانت إيران ستبقى خارجها ام تنضم إليها بصفتها شريكا صغيرا وثانويا مع امتلاكها لمشروع خاص بها في سوريا. 
وروسيا تبدو في وضع مريح إلى حد كبير في ظل شبكة العلاقات التي أنشأتها فهي على علاقة عميقة بتركيا التي تغيرت كليا في غضون أقل من سنة وأكثر من ذلك فإن تركيا رممت علاقتها بأسرائيل وايضا فإن روسيا على علاقة قوية بأسرائيل. وهناك تنسيق كامل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شأن كل ما يدور في سوريا إذ أن روسيا لم تقدم على أي خطوة في سوريا من دون التشاور مع إسرائيل والتفاهم معها عبر غرفة العمليات المشتركة.

إقرأ أيضًا:هذا ما تسعى إليه إيران في سوريا
أما لجهة مؤتمر الاستانة الذي انعقد بدعوة روسية - تركية - ايرانية ومشاركة أميركية عبر السفير في كازاخستان فإنه يبدو أن كل شيء مدروسا بين روسيا وتركيا وإسرائيل. 
أما إيران فإنه لو ترك الأمر لها لما كان انعقد هذا المؤتمر لكن لم يكن أمامها سوى الحضور للتأكيد على أنها لاعب أساسي في سوريا وأن لديها مصالح في هذا البلد المدين لها بمبالغ مالية فاقت الثلاث وثلاثين مليار دولار تحاول أن تستعيدها نتفا وبالتقسيط. وذلك عبر رخصة لشبكة هاتفية او أراض شاسعة تأمل في تحويلها الى مستوطنات ايرانية تطوق دمشق ولها امتدادات باتجاه الأراضي اللبنانية وفي المناطق التي يسيطر عليها حزب الله والتي تشكل حاضنة شعبية له وهي منطقة البقاع الشمالي. 
وما يعزز الموقف الروسي العلاقة المميزة التي تربط الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب بنتنياهو الذي دعاه لزيارة واشنطن مطلع الشهر المقبل عبر مكالمة هاتفية كانت لافتة إذ أنه وعلى أثر هذه المكالمة مباشرة أعلنت إسرائيل عن بناء وحدات سكنية جديدة في القدس الشرقية. 

إقرأ أيضًا: التعاون الإيراني - السعودي أمر مستبعد
فإسرائيل تحولت إلى قاسم مشترك بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية في وقت تبدو تركيا غير بعيدة عن هذه المعادلة الجديدة التي تتحكم بما يدور في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط كلها. 
وفي ظل هذا الواقع فمن الطبيعي حصول اشتباك روسي - إيراني وتناتش لسوريا ومحاولات لاستغلال نظام مفلس يقود بلده نحو الدمار الكامل والضياع وتغييبه عن التأثير في صياغة مستقبله، وبالتالي فإن هذا الوضع الجديد يضع إيران أمام الخيار الصعب وهو الدخول في لعبة تبدو إسرائيل طرفا أساسيا فيها. فيما إيران تكتفي مضطرة بدور الشريك الثانوي في معادلة ليست قادرة على التحكم بها وهي معادلة بالتأكيد ستشمل لبنان في مرحلة ما  في المستقبل.