بدأ تيار المستقبل استعداداته للانتخابات النيابية. لكن هذه المرة ستكون مختلفة عن سابقاتها. فأسماء ووجوه ستغيب وأخرى ستبرز. وهي المرة الأولى التي سيبرز فيها حضور رجال الأعمال، القادرين على تمويل حملاتهم الانتخابية وحملات التيار وزملائهم المرشحين، اتساقاً مع الأزمة المالية التي يواجهها رئيسه سعد الحريري. وهذه الخطوة تكاد تحاكي تجربة التيار الوطني الحر عبر تركيز تحالفاته وكوادر التيار على تجمّع رؤوس الأموال.

في الأيام الماضية، كان لافتاً إعلان النائب محمد قباني عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، وإن لم يفصح عن السبب الأساسي. لكن هناك أسباباً متعددة لهذا العزوف، أولها موقف قباني من التسوية الرئاسية وإعلانه مبكراً رفضه التصويت لميشال عون، رغم ما يُقال عن تغييره رأيه، لاحقاً، لكن بصمت.

أما السبب الثاني فهو بروز إشارات عند بعض نواب المستقبل، بأنهم سيكونون المسؤولين عن تمويل حملاتهم الانتخابية، على عكس ما كان يجري في السابق. لذلك، سيفضّل بعض النواب الحاليين عدم الدخول في هذا المعترك. 

وتلفت مصادر متابعة إلى وجود سبب إضافي خلف عزوف قباني، هو أنه غير محبوب شعبياً، لأنه لم يحقق شيئاً لأهالي بيروت، وأساء إلى شعبية تيار المستقبل في محطتين. الأولى أثناء خلافه وتعرّضه لأحد مشايخ دار الفتوى، والثانية لدى زيارته مرفأ طرابلس، واعتباره أن المرفأ يشهد عمليات تهريب. ما أدى إلى إشكال بينه وبين أهالي المدينة.

لكن قباني لن يكون الغائب الوحيد عن الساحة النيابية هذه المرّة، إذ ثمة من يعتبر أن النائب أحمد فتفت لن يترشح أيضاً، أو لن يكون على لوائح التيار، ليطرح سؤال عن سعي الرئيس الحريري إلى ابعاد نواب كتلته الذين لم يلتزموا التسوية مع عون، بمن فيهم الرئيس فؤاد السنيورة.

وتعتبر مصادر التيار أن معيار اختيار المرشحين ليس مرتبطاً بالانتخابات الرئاسية. بل هناك عوامل عدة، أبرزها أن الحريري يريد ضخ دماء جديدة. ودليل ذلك، ترشح النائب سمير الجسر، الذي لم يصوت لعون، لأنه يملك حضوراً شعبياً في طرابلس، ويتمتع بمقدرات مالية، وهو بدأ العمل في حملته الانتخابية.

إذن، المسألة في التمويل، وهو المعيار الأول في اختيار المرشحين العتيدين. لكنه لن يكون المعيار الوحيد عند الحريري. وتؤكد المصادر أن الحريري يسعى إلى اختيار مرشحين يتمتعون بحضور شعبي وازن في الشارع، ويشكلون رافعات شعبية للوائح.