كشفت صحيفة "حرييت" التركية، عن تفاصيل جديدة حول هجوم ملهى "رينا" الليلي في إسطنبول، الذي وقع ليلة رأس السنة، وأسفر عن مقتل 39 شخصا. وقد تبين أن منفذ الهجوم عبد القادر مشاريبوف استطاع الخروج من المكان بعدما ترك معطفه الذي تتواجد فيه محفظته.
 
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن نسيان المنفذ لمحفظته لم يكن بالأمر السيئ كما يتوقع البعض، حيث استغل هذا الأمر من أجل تغيير عدة سيارات أجرة، فاستقل السيارة الأولى التي أبعدته عن المكان إلى مسافة قصيرة، وذكر للسائق بأنه نسي محفظته ولن يستطيع الذهاب إلى وجهته، واكتفى بإعطائه سيجارة، ونزل من السيارة.
 
وأضافت الصحيفة أن مشاريبوف استقل سيارة أجرة ثانية، وذهب بها إلى منطقة "زينجيرلي كوي"، وهناك قام بنفس الأمر، وذكر للسائق بأنه لا يملك نقودا، وقدم له سيجارة، ثم نزل هناك، ودخل إلى حديقة منزل بالخطأ، وتعرض لهجمة شرسة من مجموعة كلاب وقع خلالها على الأرض؛ ليستجمع قواه مرة أخرى ويخرج إلى الشارع.
 
وبينت أن منفذ الهجوم صعد في المرة الثالثة إلى سيارة أجرة، وذكر للسائق بأنه يريد التوجه إلى منطقة زيتن بورنو، وأنه سيدفع له الأجرة بعد أن يصل إلى هناك كونه لا يملك النقود. وبعد وصوله؛ نزل من السيارة وذهب إلى أحد المطاعم، وأيقظ من فيه، وطلب منهم أموالا ليدفعها لسيارة الأجرة، وبعد ذلك توجه إلى إحدى الشقق في المنطقة واختبأ فيها.
 
وأوضحت أن الشرطة التركية توصلت إلى هذه المعلومات خلال أول 24 ساعة من حدوث الهجوم، وذلك من خلال تفحص آلاف الساعات من تسجيلات كاميرات المراقبة، التي استطاعت من خلالها الشرطة التوصل إلى سائقي سيارات الأجرة، والوصول إليهم، والتحقيق معهم.
 
ومن جهتهم؛ أفاد السائقون بأن منفذ الهجوم شخص يتكلم لغة تركية ركيكة، ولديه ملامح شرق آسيوية، لكنه قد يكون من سكان إحدى الجمهوريات التركية، مؤكدين أنه قدم لهم سجائر لأنه لا يملك المال.
وقالت الصحيفة إن الشرطة التركية استطاعت التوصل إلى الشقة التي اختبأ فيها مشاريبوف في منطقة زيتن بورنو، بعد 36 ساعة من وقوع الهجوم. كما داهمت القوى الأمنية على الفور المكان، غير أنها لم تجد سوى حقائب سفر، وأعقاب سجائر من نفس نوعية السجائر التي قدمها المنفذ لسائقي سيارات الأجرة، الأمر الذي أكد وجوده بتلك الشقة في وقت سابق.
 
وبحسب الصحيفة؛ استمرت التحريات والملاحقة، حتى تم التوصل إلى مكان وجود زوجة مشاريبوف؛ لتلقي الشرطة التركية عليها القبض، برفقة ابنتها البالغة من العمر سنة ونصف، وعقب ذلك برزت بعض الأمور الجديدة التي سهلت عمل الشرطة التركية في التوصل إلى مكان تواجد واختباء منفذ الهجوم، بعدما تأكد لها أنه لم يخرج من إسطنبول.
 
وأوضحت الصحيفة أن الشرطة التركية قامت بتحريات واسعة، وفحصت آلاف كاميرات المراقبة، كما تم العثور على السيارة التي أقلت ماشاريبوف إلى مكانه الجديد. ولم يقصر الأمر على ذلك، وإنما بحثت الشرطة التركية عن كل ارتباطات منفذ الهجوم، وداهمت أكثر من 480 منزلا في خمس ولايات، واعتقلت 214 شخصا، وذلك خلال عملية البحث التي استمرت 16 يوما كاملة.
 
وذكرت أن وحدة مكافحة الإرهاب استطاعت تحديد ثلاث شقق يُعتقد بتواجد منفذ الهجوم فيها، وقامت بمراقبتها لمدة ثلاثة أيام، وحددت كل شخص يخرج منها ويدخل إليها. كما قامت بمداهمة المنازل الثلاثة بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير في وقت واحد، وذلك في تمام الساعة الحادية عشرة مساء، واستطاعت إلقاء القبض على عبدالقادر ماشاريبوف، الذي كان مختبئا خلف السرير في إحدى هذه الشقق.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن 220 رجل شرطة من وحدة مكافحة الإرهاب، و180 رجل استخبارات شاركوا في عملية التحري للوصول إلى منفذ الهجوم، "وقد اتخذت إجراءات عديدة للمشاركين في هذه العملية، حيث مُنع استخدام وسائل التواصل والتراسل على غرار واتساب وغيرها من التطبيقات. وفي المقابل؛ تواصلت العناصر فيما بينها عبر تطبيق سري خاص بهم، وذلك بسبب احتمال وقوف أجهزة استخبارات أجنبية خلف الهجوم".
وفي الختام؛ بينت الصحيفة أن هذه العملية الواسعة أسفرت عن كشف الشرطة التركية لـ20 خلية تابعة لتنظيم الدولة، واعتقال 214 شخصا، منهم 52 شخصا إما إنهم على صلة بمنفذ الهجوم، أو مرتبطون بتنظيم الدولة.
 
وعرضت "حرييت" في تقريرها صورة تنشر لأول مرة؛ تظهر لحظة اعتقال منفذ الهجوم داخل الشقة التي اختبأ داخلها.