ومن يراقب سلوك المسؤولين الإيرانيين على الساحة السورية كما على الساحة اللبنانية فإنه يلحظ أن النظام الإيراني يتصرف وكأنه خرج منتصرا من انخراطه في الحرب السورية ومن امساكه بالورقة اللبنانية منذ خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 إثر الانتفاضة العارمة في 14 آذار عقب إغتيال الرئيس رفيق الحريري
 

الحديث عن حل للأزمة السورية ما زال مبكرا مع غياب الإهتمام الدولي والإقليمي والعربي الجدي لوضع حد لنكبة السوريين والحؤول دون تعريض الدولة السورية إلى مخاطر التقسيم ووقوعها في قبضة الدول التي انزلقت في الحروب المشتعلة فيها منذ ما يقارب الست سنوات.
وأما التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار الشامل على كافة الأراضي السورية والدعوة الروسية ومعها تركيا إلى مؤتمر الاستانة في كازاخستان حيث تشارك فيه الأطراف المتنازعة للبحث في حل للأزمة السورية، فإنه ليس أكثر من هدنة بانتظار الموقف الأميركي بأدارته الجديدة إذ أن ما ستقوله الخارجية الأميركية على طاولة المحادثات في استانة حول سوريا سيكون أول اختبار خارجي لأدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب وسيقطع الشك باليقين في شأن كل ما تردد في الأسابيع الماضية حول عزم الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية على إحداث تغيير جذري وايجابي في العلاقات بين البيت الأبيض والكرملين، علما أن مسار العلاقات بين الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تكن وطوال الثماني سنوات التي أمضاها في البيت الأبيض سيئة لا سيما في الملف السوري. 
وأيا يكن شكل العلاقات الأميركية - الروسية في المستقبل القريب فإن سوريا ستكون ميدان الإختبار لاحتمال المواجهة او التعاون بين الرئيسين ترامب وبوتين.
وأما إيران وهي الدولة التي انخرطت في الحرب السورية إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد منذ أيامها الأولى وإلى اليوم حيث جاوزت تكاليف هذه المشاركة الثلاث وثلاثين مليار دولار عدا الخسائر البشرية التي تعد بالآلاف من القتلى والجرحى والمعوقين من الحرس الثوري الإيراني وقوات حلفائها حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية والافغانية التي استقدمتها إلى الميدان السوري فإنها تسعى لأن يكون لها الدور الأبرز والكلمة الفصل في أي تسوية سياسية من شأنها أن ترسم ملامح مستقبل سوريا.

 

إقرأ أيضًا: التعاون الإيراني - السعودي أمر مستبعد
ومن يراقب سلوك المسؤولين الإيرانيين على الساحة السورية كما على الساحة اللبنانية فإنه يلحظ أن النظام الإيراني يتصرف وكأنه خرج منتصرا من انخراطه في الحرب السورية ومن امساكه بالورقة اللبنانية منذ خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 إثر الانتفاضة العارمة في 14 آذار عقب إغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ففي سوريا فإن القيادة الإيرانية تعتبر أن بقاء الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة هو نجاح لرهانها وبالتالي فهو إنتصار لنهج الحرس الثوري الإيراني تحت ولاية المرشد الأعلى للثورة السيد علي الخامنئي.
وفي لبنان فإن وصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة تعتبره طهران هو إنتصار لنهج المرشد ونجاح لرهانه بعد تعطيل الانتخابات الرئاسية الذي مارسه حزب الله على مدى سنتين ونصف.
وفي هذا السياق جاء كلام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من موقع المنتصر في مؤتمر دافوس الإقتصادي العالمي في سويسرا الذي أشار فيه إلى أن نجاح التفاهم الإيراني - السعودي أدى إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان.

إقرأ أيضًا: عالوعد يا كمون
وفي مراقبة للممارسات الإيرانية فإنه يمكن ملاحظة سعي طهران لرسم معالم خريطة ما يسمى ب سوريا المفيدة التي تضم قسم من سوريا مارست فيه القوات الإيرانية وحلفائها عمليات التطهير العرقي، وتفيد المعلومات ان طهران مصممة على إبقاء عشرات الآلاف من قواتها المسلحة وقوات ميليشياتها الحليفة في نطاق هذه الخريطة ولن تتراجع عن هذا الوجود مهما تطورت المحادثات حول سوريا. وعلى أن يتولى حزب الله ضم منطقة البقاع الشمالي والتي تشكل حاضنة له إلى هذا الجزء السوري المتصل حدوديا بلبنان مستخدما قوته التي لا تقف في وجهها اي قوة معارضة.