انتهى اليوم الأول من محادثات أستانا بشأن سوريا بين ممثلي النظام السوري وممثلي المعارضة بتفاؤل حذر، وذلك بعد حرب كلامية شهدتها الجلسة الافتتاحية للمحادثات المنعقدة في عاصمة كازاخستان. وقالت المعارضة إنها أجرت محادثات «عميقة» مع الوفد الروسي المشارك، فيما صرح محمد علوش رئيس الوفد السوري المفاوض عن المعارضة بأن هدف المفاوضات الحالية هو تثبيت وقف إطلاق النار، وبأن العملية السياسية في سوريا تبدأ برحيل بشار الأسد والطغمة الحاكمة وإخراج جميع الميليشيات والقوى الأجنبية التابعة لإيران من البلاد.
فقد نقلت وكالة «نوفوستي» عن مسؤول كبير في مركز قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية قوله إن «طرفي 
النزاع يلتزمان بالهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ في 29 كانون الأول الماضي، بشكل عام»، لكنه بيّن أن "قيادة المركز" قلقة من خروق تحصل من وقت لآخر، ومصدرها قوات الأسد.
وأضاف المسؤول، أن مراقبي المركز الروسي يرصدون يومياً ما معدله 6 خروق. وتابع: "قبل أيام، ذكّر الجانب الروسي القيادة العسكرية السورية بحزم بضرورة التزام قادة معينين (في الجيش السوري) بالاتفاقات التي تم التوصل إليها، وبضرورة عدم السماح بخرق تلك الاتفاقات".
وأكد المسؤول أن مركز حميميم "سيواصل اتخاذ مواقف موضوعية من أجل استعادة الاستقرار في كامل أراضي سوريا في أقرب وقت".
وذكر موقع «روسيا اليوم» في هذا السياق، أن "المركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة في سوريا، ذكّر قيادة الجيش السوري بحزم بضرورة الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار".
فعلى الرغم من الضغوط الروسية - التركية للتقدم في محادثات أستانا بين نظام الأسد والمعارضة، اختتم اليوم الأول من المفاوضات بتفاؤل حذر على أمل تحقيق تقدم خلال اليوم الثاني والأخير من الاجتماعات، وذلك بعد أن كانت المشاورات التي جرت أمس عقب الجلسة الافتتاحية عبرت عن توتر وتباعد بين الأطراف، بل وصفتها "بي بي سي" بأنها حرب كلامية. 

إقرأ أيضًا: لا حل في الأستانة
وأجرى وفد الفصائل محادثات خصوصاً مع الأتراك الجهة الراعية لهم، وأيضاً مع الروس حلفاء دمشق، ومع الأمم المتحدة.
وكشف المتحدث باسم الفصائل يحيى العريضي أن هذه المحادثات كانت «مطولة ومثمرة» مشيراً الى نقاشات "معمقة" حول "المشاكل السياسية" في سوريا مع مبعوث موسكو.
وفي تصريح للصحافيين صرح العريضي قائلاً، "لقد لاحظنا تفهماً حقيقياً من جانب الروس.» وتابع "نرى أنهم حققوا (أهدافهم) العسكرية في سوريا، الآن يرغبون في ترجمة هذا الإنجاز العسكري إلى تسوية سياسية وهي الهدنة".
وقرر الوفد المعارض في اللحظة الأخيرة عدم التحدث مباشرة مع وفد النظام السوري برغم أن الجميع جلسوا حول طاولة واحدة مستديرة كبيرة في فندق ريكسوس في أستانا. وأكد العريضي أن المحادثات ستكون «من خلال وساطة".
وقال "للتوصل الى وقف لإطلاق النار وسفك الدماء، ولكي تنسحب القوات الأجنبية والميليشيات من الأراضي السورية (...) سنفعل كل ما يتطلبه الأمر، ومن الممكن القيام بذلك".
أما حول ما يمكن مناقشته في اللقاء، فقال العريضي "لن ندخل في أي مناقشات سياسية، وكل شيء يدور حول الالتزام بوقف إطلاق النار والبعد الإنساني لتخفيف معاناة السوريين الموجودين تحت الحصار، والإفراج عن المعتقلين وتسليم المساعدات. وتابع قائلاً إن "النظام السوري له مصلحة في صرف الانتباه عن هذه القضايا، إذا كان النظام السوري يعتقد أن وجودنا في أستانا استسلام منا فهذا وهم".
وقال مراسل "الجزيرة" في المفاوضات إن وفد المعارضة عبّر عن حالة من الرضا بعد اجتماعات مطولة عقدها مع المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا والمفاوضين الروس والأتراك، في حين أن ممثل النظام السوري بشار الجعفري ترك مقر الاجتماعات من دون معرفة وجهته.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر قريب من مفاوضات أستانا قوله إن اليوم الأول من المفاوضات وفر ما يدعو للتفاؤل الحذر بإمكانية تحقيق تقدم. وأضاف المصدر أن من المتوقع أن تواصل الدول الراعية- روسيا وتركيا وإيران- المحادثات والعمل على إعداد وثيقة مشتركة محتملة.
وكان التوتر ساد الاجتماعات التي أعقبت الجلسة الافتتاحية، وعبرت تصريحات الوفود عن تباعد المواقف بين النظام والمعارضة.
وقالت مراسلة «الجزيرة» إن الاجتماعات الفعلية بدأت مساء، وإن أجواء من التوتر تسود المفاوضات التي تعقد على مدى يومين عقب تصريحات وفدي المعارضة والنظام. وأضافت أن وفد المعارضة التقى المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الذي دعا الطرفين إلى القبول بآلية لمراقبة الهدنة.
وأكدت الفصائل السورية المسلحة أنها ستستأنف القتال إذا فشلت المفاوضات، وطالبت بوقف شامل لإطلاق النار في سوريا ورحيل نظام الأسد ضمن أي تسوية سياسية، في حين تدعو مسودة البيان الختامي إلى إنشاء آلية روسية - تركية - إيرانية لمراقبة الهدنة الهشة السارية منذ نحو شهر.
وقال أسامة أبو زيد المتحدث باسم وفد الفصائل السورية في أستانا «إذا نجحت الطاولة نحن مع الطاولة، لكن إذا لم تنجح، للأسف لا يكون لنا خيار غير استمرار القتال".
وفي تصريحات منفصلة قال أبو زيد إنه جرى الاتفاق مع الجهات الضامنة بأن تكون هذه المرحلة لبحث تثبيت وقف إطلاق النار. ووصف إيران بأنها دولة عدو ساهمت في التغيير الديمغرافي بسوريا، وارتكبت جرائم ضد الشعب السوري، مؤكداً أنه لا ينبغي القبول بدورها كبلد ضامن لأي اتفاق.
وكان مراسل «الجزيرة» أفاد ليلاً أن وفد المعارضة رفض ذكر إيران في البيان الختامي بوصفها ضامناً لاتفاق الهدنة.

إقرأ أيضًا: الآستانة .. بداية المخاض
وفي كلمة ألقاها في افتتاح المفاوضات بالعاصمة الكازاخية طالب رئيس وفد الفصائل السورية محمد علوش بوقف فوري وشامل للعمليات العسكرية في كامل الأراضي السورية، وأضاف في كلمة ألقاها خلال الجلسة المغلقة وبثها ناشطون في الإنترنت بعد قطع البث التلفزيوني، أنه لا بد من حل يؤدي إلى انتقال سياسي يبدأ برحيل الأسد ونظامه.
وطالب علوش في كلمته بضم الميليشيات المسلحة التابعة لإيران مثل حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية وغيرها إلى قائمة الكيانات الإرهابية في سوريا جنباً إلى جنب مع تنظيم «داعش». وقال إن وجود تلك الميليشيات المقاتلة مع النظام يعرقل أي فرصة لوقف إطلاق النار في سوريا.
وأشار علوش إلى "وجود أكثر من 13 ألف امرأة معتقلة في سجون النظام السوري، اعتقلن تعسفاً دونما محاكمة أو ذنب"، وبيّن أن "قوى المعارضة السورية تسعى جادة لتحقيق طموحات وتطلعات الشعب السوري، في حياة حرة كريمة يسودها العدل والقانون، بعيداً عن الاستبداد والظلم".
وفي المقابل اتهم رئيس وفد النظام السوري بشار الجعفري وفد المعارضة السورية بالسعي لإفشال مفاوضات أستانا، كما اتهمه بالخروج عن اللياقة الديبلوماسية، ووصف الجعفري في مؤتمر صحافي عقب انتهاء الجلسة الأولى المغلقة للمفاوضات وفد المعارضة بأنه "وفد الجماعات الإرهابية".
وقال إن من سماهم مشغلي تلك الجماعات يهدفون إلى تقويض المفاوضات، وأضاف أن برنامج الاجتماع ليس جاهزاً. ورداً على سؤال عن تراجع النظام عن إعلانه سابقاً عدم التفاوض مع تركيا، قال الجعفري إن النظام ليس طرفاً في الترتيبات الجارية ولم يشارك في الإعداد لها.
كما قال إن تركيا ضامن لمن سمّاها الجماعات الإرهابية في مقابل روسيا وإيران كضامنين آخرين في المفاوضات.