وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للإيرانيين: لولا تدخلنا العسكري لسقطت دمشق خلال أسبوعين أو ثلاثة في أيدي إرهابيين.
 
وجه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف رسالة واضحة إلى إيران بأن التدخل الروسي حال دون سقوط مؤكد للعاصمة السورية دمشق بين أيدي المجموعات المسلحة، وأن وجود مستشارين إيرانيين والآلاف من عناصر الميليشيات المرتبطة بطهران لم يكن ذا قيمة لولا التدخل الحاسم للقوات الروسية.
 
وقال لافروف في مؤتمر صحافي الثلاثاء إن “دمشق كانت ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة في أيدي إرهابيين” عندما تدخلت روسيا لدعم الرئيس السوري بشار الأسد.
 
واعتبر متابعون للشأن السوري أن الرد القوي للافروف يأتي على خلفية سعي إيران وحزب الله اللبناني لتعطيل مسار أستانة، وخلق عراقيل ميدانية لدفع المعارضة المسلحة إلى مقاطعة اجتماعات 23 يناير القادم، والتي ترعاها كل من موسكو وأنقرة، وتهدف إلى فرض وقف إطلاق النار على جميع الفرقاء بما في ذلك القوات السورية، والميليشيات المرتبطة بإيران.
 
وأشار المتابعون إلى أن تصريحات لافروف هدفها تذكير إيران وحزب الله والأسد بأنه لو لا روسيا لكان المشهد الآن مختلفا، وأن عليهم أن يعترفوا بالأمر الواقع، وأن يسيروا وراء موسكو في تثبيت الحل القائم.
 
وكان واضحا من البداية أن إيران ليست راضية عن اتفاق وقف إطلاق النار لأن روسيا أخذت الملف بيدها، وأوكلت لنفسها مهمة ضمان الأسد مقابل ضمان تركيا للمجموعات المسلحة المعارضة، وهو أمر لم تعارضه طهران بشكل علني، لكن مراقبين على الأرض يقولون إنها تعمل على إرباك الاتفاق بخرق وقف إطلاق النار على أكثر من جبهة.
 
وأعلن مسؤول في وزارة الخارجية التركية في الأيام الأولى لإعلان الاتفاق أن “إيران منزعجة من التقارب التركي ـ الروسي بشأن سوريا”، لافتا إلى أن بلاده “تنتظر من طهران استخدام نفوذها في المنطقة بشكل بنّاء، بما يخدم إرساء سلام دائم في المنطقة، وخاصة في ما يتعلق بمساهمتها في حماية هدنة وقف إطلاق النار في سوريا وبدء المرحلة السياسية”.
تمتلك الكثير من الأدوات اللازمة للضغط دوليا وإقليميا لإنجاح مؤتمر أستانة.
 
وأكد في تصريح لـ”العرب” على أن روسيا ستعمل على إقناع إيران بالالتزام بالحل السياسي ومخرجات المؤتمر.
 
وأضاف “موسكو حريصة على إنجاح مؤتمر أستانة وتنفيذ خارطة الطريق عبر التعاون مع أنقرة للضغط على المعارضة والنظام للالتزام بالحل السياسي”.
 
وقالت أوساط مطّلعة خلال اجتماعات المعارضة السورية الأخيرة في أنقرة إن الروس أرسلوا بتطمينات إلى الفصائل المشاركة مفادها أن موسكو ستعمل على إلزام مختلف الأطراف بتنفيذ تفاصيل الاتفاق، بما في ذلك حلفاء إيران.
 
وأشارت المصادر إلى أن التطمينات تضمنت تعهدات روسية بتوسيع دائرة المشاركين من الفصائل المعارضة، والدول الإقليمية الأخرى المعنية بالملف السوري، وأن لا إيران ولا تركيا بإمكانهما تجيير الاتفاق حسب مصالحهما.
 
وحث المعارض السوري جبر الشوفي السوريين على “كسب المعركة الدبلوماسية، على أرضية افتضاح الدور الإيراني المعرقل، وتصاعد الشقاق بينه وبين الأتراك والروس”.
وما يغضب الإيرانيين أن روسيا بادرت إلى إرسال إشارات إيجابية للسعودية من خلال ترسيم أحد أبرز المحسوبين عليها طرفا رئيسيا في مفاوضات أستانة، والمقصود هنا القيادي في “جيش الإسلام” محمد علوش المرشح لقيادة وفد المعارضة.
 
وتشارك الفصائل عبر وفد عسكري يعاونه فريق تقني يضم مستشارين سياسيين وقانونيين من الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية.
 
وقال لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو الثلاثاء إن “أحد أهداف لقاء أستانة هو أولا تثبيت وقف إطلاق النار”، مؤكدا أن المحادثات ستوفر فرصة لإشراك “قادة للمقاتلين على الأرض في العملية السياسية”.
 
وأضاف “نقدّر بأن قادة المقاتلين على الأرض سيشاركون ويجب عدم حصر لائحتهم فقط بالمجموعات التي وقعت في 29 ديسمبر” اتفاق وقف إطلاق النار، وأنه “يجب أن يتمكن الراغبون في الانضمام إلينا من القيام بذلك”.
 
ولم تقف تحذيرات وزير الخارجية الروسية لمن يسعون إلى إفشال مؤتمر أستانة عند إيران، ووجه رسالة إلى فرنسا دون ذكرها بالاسم، محذرا بأن بلاده لن تسمح بذلك.
 
وقال إن لديه معلومات عن أن بعض الدول الأوروبية تبحث تقويض محادثات السلام السورية لأنها شعرت بأنها همشت منها.
 
ويتخوف معارضون سوريون من أن يحاول الروس جعل أستانة مسارا خاصا بديلا عن مسار جنيف، وأن يتم إيكال مهمة التفاوض على الحل السياسي إلى العسكريين وليس إلى الهيئات الممثلة للمعارضة.
 
واعتبر عقاب يحيى عضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض أن “تحويل مهام الفصائل العسكرية إلى طرف سياسي، أمر يحمل دلالات خطيرة، بالنظر إلى أن تلك الفصائل لا علاقة لها بالشأن التفاوضي”.