بينما اعتاد المواطنون الإيرانيون استغلال أيام العطلة خاصة عند ما تكون في منتصف أيام الأسبوع، للسفر إلى أنجاء البلاد للاستجمام إلا أن المرة كانت تختلف عن جميع المناسبات الأخرى، حيث إن مناسبة العطلة كانت للاحتفال تقديراً لإنجازات وتغاضياً عن أخطاء الرجل السياسي الأبرز في إيران منذ أربعة عقود على الأقل
 

عادت الحركة الخضراء الإيرانية إلى الشوارع مستغلة مناسبة تشييع جثمان رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، كرد للجميل لدعم رفسنجاني لتلك الحركة منذ انطلاقتها في العام 2009، وبقي رفسنجاني على موقفه الداعم لتلك الحركة حتى وفاته، وقد خسر خلال تلك الفترة مناصب حكومية مهمة ومصيرية أهمها رئاسة مجلس خبراء القيادة ولكنه استعاض عن تلك المناصب الحكومية بشعبية متزايدة رفعت موقعه إلى أكثر الشخصيات المؤثرة على الساحة السياسية الإيرانية، وكدليل على هذا التأثير فوز قائمته في انتخابات مجلس خبراء القيادة الأخيرة التي كسبت فوزاً كاسحاً في طهران، حيث احتلت 19 كرسيا نيابياً من أصل 20 كرسي.
كما حصل رفسنجاني على 2 مليون و 300 ألف صوت في طهران ليحطم رقماً قياسياً بين جميع الفائزين مما يعني بأن الأخير أنهى حياته السياسية وهو في القمة وهذا ما يحسده عليه أي رجل سياسي قضى أربعة عقود في السياسة والإدارة وتدبير شؤون البلد.
وبينما اعتاد المواطنون الإيرانيون استغلال أيام العطلة خاصة عند ما تكون في منتصف أيام الأسبوع، للسفر إلى أنجاء البلاد للاستجمام إلا أن المرة كانت تختلف عن جميع المناسبات الأخرى، حيث إن مناسبة العطلة كانت للاحتفال تقديراً لإنجازات وتغاضياً عن أخطاء الرجل السياسي الأبرز في إيران منذ أربعة عقود على الأقل. 

 

إقرأ أيضًا: المشهد السياسي الإيراني بعد وفاة رفسنجاني
فهذا الرجل ارتكب أخطاء سياسيةً كما أي رجل سياسي آخر، ولكنه في ساعة العسرة وقف إلى جانب شعبه ودفع تكاليف ذاك الوقوف باهظاً. 
هذا الرجل ضحّي بنفسه من أجل فضح تيار أحمدي نجاد المنحرف الذي تسلسل إلى أركان السياسة والإدارة من أجل تخريب البلد وإقصاء أبناء الثورة الإيرانية وتهجير الأدمغة لتعبيد الطريق أمام نهبهم ثروات الشعب. 
وكان رفسنجاني من الأوائل الذين تعرفوا على نوايا حركة النجادية الخبيثة ولهذا لن ينسى الشعب الإيراني تلك التضحية التي قام بها رفسنجاني، بالرغم من أن سياسته للتنمية في عهد رئاسته للجمهورية في التسعينيات كانت تتركز على الاقتصاد وتناست البعدين السياسي والثقافي للتنمية، وكان يرى رفسنجاني أنذاك بأن الأولوية هي للاقتصاد وعند ما تحسن الوضع الاقتصادي فإنه يؤدي إلى تحسين الوضع الثقافي والسياسي.
وعلى أي حال فإن مراسم تشييع جثمان رفسنجاني تحولت إلى استعراض شعبي واسع بفضل مشاركة ملايين من المواطنين، ورفع المشيعون هتافات تطالب بالإفراج عن الزعيمين السياسيين للحركة الخضراء ميرحسين موسوي ومهدي كروبي. وأرسل المشيعون بأنهم لم ينسوا هذين الزعيمين الذين وقفا في وجه الجنون النجادي، واتهموه بالتزوير في نتائج الانتخابات، ولديهم أدلة وقرائن من شأنها أن تكشف عن الكثير من ملابسات تلك الانتخابات.
الحركة الخضراء الإيرانية عادت مرة أخرى إلى الشوارع يوم الثلاثاء من أجل تذكير النظام بأنها لم تكن تريد إسقاط النظام، بل كانت تريد إسقاط أحمدي نجاد الذي كانت تعتبره متسللاً إلى جسد النظام لتدميره من الداخل وفعلاً أثبتت الأحداث فيما بعد بأن المحتجين كانوا حريصين على سلامة النظام.

إقرأ أيضًا: إيران تشيع رفسنجاني وتمنع خاتمي من حضور مراسم التشييع
وهكذا أحبط المشيعون فرضية إخماد الحركة الخضراء وكرروا مطلباً رئيسياً لرفسنجاني الذي كان يرى مصلحة النظام في الإفراج عن موسوي وكروبي وجميع المعتقلين ورأب الصدع بين المحتجين وبين النظام بإفساح المجال السياسي وتوسيع دائرة الحريات والإفراج عن المساجين، وتلك المطالب لا زالت سارية المفعول حتى تنفيذها بشكل كامل. 
نعم أفسح النظام من دائرة الحريات وأنشطة الأحزاب حتى تمكن الإصلاحيون من تغيير المصير الرئاسي، في الانتخاب الرئاسية الأخيرة ولكن هناك الكثير من أشياء يحب فعلها على النظام استرضاء للشعب.