المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي يعد آية الله إبراهيم رئيسي لخلافته بعيدا عن صراع المؤسسات.
 

ترك رحيل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام السابق، الباب مفتوحا أمام التساؤلات حول من سيخلف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي في حال داهمه الموت فجأة.

وبعد وفاة رفسنجاني، لم يبق من الدائرة المقربة لمؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني على قيد الحياة سوى خامنئي. ويضع ذلك قيودا كثيرة على مرشحين محتملين لا يحظون بإجماع مؤسسات متنافسة وتفرق بينها تناقضات جمة.

لكن في غمار الضبابية بشأن خلافة خامنئي، يصعد آية الله إبراهيم رئيسي بهدوء ليحوز على صلاحيات كبيرة تقف خلفها ثقة خامنئي الذي سمح له بأن يكون أحد أعضاء دائرته المقربة.

ولا يعرف العالم خارج إيران الكثير عن رئيسي، الذي يبلغ 54 عاما، وقد أصبح أقوى مرشح لخلافة خامنئي.

واليوم يشغل رئيسي منصب رئيس جمعية “أستان قدس رزافي”، أكبر جمعية خيرية في العالم الإسلامي، التي تشرف على أكثر المراقد قدسية في إيران. ويقول مراقبون إنه يتم إعداد رئيسي ليكون المرشح الذي لا ينازعه أحد على منصب الولي الفقيه.

وتنتهي ولاية خامنئي (77 عاما)، التي امتدت لأكثر من ربع قرن، بوفاته فقط. وفي عام 2014 تم الإعلان عن إجراء خامنئي لجراحة إثر إصابته بسرطان البروستاتا.

وفي يونيو الماضي كشف رفسنجاني في حوار صحافي أن مجلس الخبراء، المسؤول عن اختيار المرشد الأعلى، قام بترشيح شخصيتين لخلافة خامنئي، لكنه لم يعلن اسميهما. وفاجأ صعود رئيسي منذ تعيينه على رأس الجمعية الخيرية الإيرانية في مارس الماضي الكثيرين.

ويرتدي رئيسي عمامة سوداء، وهو ما يعني في المذهب الشيعي أنه “سيد” (ينحدر من نسل النبي محمد). ويقول محسن كديفار، الذي درس في مدارس قم الدينية، إن حقيقة أن رئيسي سيد “تزيد من فرص اختياره بنسبة 30 إلى 40 بالمئة”.

ويرى حسين رسام، وهو مستشار إيراني سابق لوزارة الخارجية البريطانية، أن “منصب رئيسي الحالي هو منصة قوية تؤهله للصعود إلى القيادة، فهو المسؤول عن المرقد الذي يقصده الملايين من الحجاج الشيعة كل عام، وأعتقد أن ذلك مهم للغاية”.

ويزور قرابة 30 مليون شخص مرقد الإمام علي الرضا كل عام.

وأضاف رسام “يتمتع رئيسي أيضا بصلات قريبة بلاعبين أساسيين في إيران، بدءا من المرشد الأعلى ونزولا إلى الحرس الثوري. كل المؤشرات تقول إن فرصه لتولــي منصب المرشد القادم تتنامى بشكــل متسارع”.

وكان رئيسي واحدا من بين أربعة قضاة تورطوا في الإعدامات التي نفذت ضد اليساريين والمعارضين عام 1988. وشغل لاحقا منصب المدّعي العام الإيراني، كما لا يزال يحتفظ بمكانة رفيعة في السلك القضائي، إذ يشغل منصب رئيس المحكمة المسؤولة عن محاكمة رجال الدين المعارضين للنظام.

ورئيسي متزوج من ابنة رجل دين متشدد يشغل منصب ممثل خامنئي في إقليم “خرسان رضائي” الشرقي، حيث يقع مرقد الإمام الرضا.

وقال رسام إن رئيسي يملك الأفضلية على آية الله علي لاريجاني وآية الله هاشمي شهرودي، الرئيسين الحالي والسابق للقضاء، إذ تطال لاريجاني اتهامات بالفساد، كما أن شهرودي ولد في العراق وكان عضوا بحزب الدعوة العراقي. وظل رئيسي بعيدا طوال الوقت عن صراعات النفوذ بين مؤسسات الحكم في إيران.

ومؤخرا تم تداول صور تظهر قادة كبارا في الجيش الإيراني يجلسون على الأرض، بينما كان رئيسي يجلس على أريكة بجوارهم. وقال رسام “هذا يظهر السلطة الكبيرة التي يتمتع بها”.

ويقول مرتضى كاظميان، الباحث الإيراني المقيم في باريس، إن “فرص رئيسي كبيرة، لكن لا أحد يعرف ماذا سيحصل بالضبط في اليوم الذي يموت فيه خامنئي”.