من المبكر الأجابة على السؤال الملح والمتعلق بخروج حزب الله من سوريا وعودته إلى الداخل اللبناني بعد الاتفاق الروسي التركي على الوقف الشامل لإطلاق النار على كافة الأراضي السورية ودخوله حيز التنفيذ الأسبوع الماضي بعد تصويت مجلس الأمن الدولي عليه. 
وكان لافتا الموقف الإيراني الذي صدر على لسان الدكتور علي أكبر ولايتي وهو المستشار الأول لمرشد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي وجاء فيه : إن التفاهمات في شأن وقف النار في سوريا لا تشمل خروج المجموعات المسلحة المؤيدة للحكومة السورية مثل حزب الله اللبناني .
 وهذا التصريح الإيراني جاء بعد أيام من مطالبة تركيا وهي أحد الطرفين الضامنين لوقف النار إلى جانب روسيا بضرورة انسحاب حزب الله من الأراضي السورية. 
وترافق ذلك مع تقارير عن حشود للقوات النظامية السورية وعناصر من حزب الله اللبناني بهدف حسم المعارك في منطقة وادي بردى. خزان مياه دمشق . 
أما الفصائل السورية المسلحة والمعارضة للنظام فقد ربطت استمرارها بالالتزام بوقف النار الشامل ومشاركتها في التحضير لمفاوضات استانة المقبلة بعدم إستثناء وادي بردى من التهدئة. وقد ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطائرات الحربية والمروحية السورية واصلت استهداف قريتي بسيمة وعين الخضرة ومناطق أخرى بوادي بردى في ريف دمشق بالتزامن مع قصف بصواريخ أرض أرض واشتباكات بين القوات النظامية السورية وعناصر من حزب الله من جهة وفصائل المعارضة السورية  من جهة أخرى. وأشار إلى استقدام دمشق تعزيزات عسكرية إلى وادي بردى للمشاركة في العمليات العسكرية والهادفة إلى استعادة السيطرة على عين الفيجة وهو النبع الذي يغذي العاصمة السورية وريفها بالمياه وكامل منطقة وادي بردى او التوصل إلى اتفاق مصالحة وتسوية أوضاع بينها وبين القائمين على تلك المنطقة من الفصائل المعارضة العاملة فيها. 
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن في حديث صحفي أن الهدنة دخلت مرحلة حرجة محذرا من أنها تواجه خطر الانهيار. 
ومن نافلة القول ان حزب الله انخرط في الحرب السورية إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد جاء بناءا لرغبة ايرانية هي أقرب إلى الأوامر منها إلى الطلب. وتحديدا بعدما طلب ذلك السيد الخامنئي من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي ساق جملة تبريرات لإقناع الرأي العام اللبناني وبالأخص الحاضنة الشيعية التي ينتمي إليها بضرورة المشاركة في هذه الحرب ومنها الدفاع عن القرى الحدودية الشيعية ومن ثم حماية المراقد المقدسة تحت شعار (زينب لن تسبى مرتين ) وصولا إلى الحرب الاستباقية ضد الجماعات الإرهابية. 
إلا أن الواقع هو خلاف ذلك تماما. إذ أن حزب الله ينفذ أجندة ايرانية في سوريا. لذا فإن خروجه منها لا يتحقق إلا بطلب إيراني. تماما كما كان الدخول إليها بأوامر ايرانية. وهذا لن يتحقق تحت تأثير الحسابات التركية والروسية. إذ أنه وعلى هامش الاتفاق الروسي التركي لوقف النار الشامل في سوريا فإنه بات من الواضح أن لإيران حسابات أخرى. فهي تخشى التوصل إلى توقف العمليات العسكرية قبل أن تؤمن عزل دمشق عن محيطها السني. وهذا يفسر إلى إلى حد كبير الاستماتة الإيرانية من أجل تهجير أهالي وادي بردى الذين يشكلون آخر تجمع سني كبير في محيط العاصمة السورية من جهة وعلى طول الحدود اللبنانية السورية من جهة أخرى. 
فما تسعى إليه إيران أن يكون بين لبنان وسوريا منطقة عازلة ليس فيها معارضون للنظام السوري. وبمعنى أوضح فإن المطلوب ايرانيا أن يكون هناك ممرا آمنا بين البلدين وتحديدا بين مناطق معينة في سوريا ومناطق نفوذ حزب الله في لبنان حيث يتضاءل وجود السلاح الشرعي التابع للدولة اللبنانية. 
وإذا كان لإيران في معركة حلب دورا ثانويا. إذ لم يكن ممكنا تحقيق الانتصار من دون روسيا وبالتنسيق مع تركيا. فلا يبدو أنها سترضى بدور ثانوي في ما يخص تحديد مستقبل سوريا. سيما وأن التقارير تشير إلى ان تكاليف انخراط إيران في الحروب السورية جاوزت الثلاث وثلاثين مليار دولار. عدا عن الضحايا البشرية والتي تعد بالآلاف بين قتيل وجريح. 
لذا فإن إيران ستلجأ إلى استخدام كل أوراقها لتأكيد أنها لاعب أساسي في سوريا. وليس مستبعدا أن تتابع معركة وادي بردى للتأكيد أنها الطرف الذي يسيطر على دمشق مكان إقامة الرئيس بشار الأسد. وقد يترتب على هذا الموقف الإيراني الذهاب في مواجهة سياسية مع الحلف الجديد بين  روسيا وتركيا تتخللها مواجهات عسكرية مع فصائل من المعارضة السورية قد يؤدي إلى فشل اتفاق وقف النار مما يعيد الأزمة السورية إلى المربع الأول .