ما قاله السيد سامي خضرا بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة فتح شهية البعض على النيل من ثقافة لا مكان لغيرها في التجربة الإسلامية ولا تُساعد النصوص، على كثرتها، في إعطاء المعترضين على ما قاله السيد خضرا التبرير الكافي أو القناعة الزائدة في وجود ثقافة منفتحة حداثوية منسجمة مع متطلبات العصر.
دفعتني الردود الكثيرة على الثقافة التي يحملها المسلمون في ما خصّ المناسبات غير الإسلامية إلى التمعّن في الخطاب التبجيليّ لأفراد ينتصرون لمعركة رابحة في بلد متعدّدٍ وغير مصادر ولا محكوم بعقيدة سياسية تحبس العقيدة الدينية في أدراج المصالح السياسية كما هو حال المسلمين والمسيحيين الذين يتغنّون ببعضهم البعض في حين أن نصوصهم الدينية تكفّر بعضهم البعض، هذا وبغض النظر عن محاولات مكشوفة لتلميع النص الديني بحق الآخر .

إقرأ أيضًا: من هو بابا الإرهاب في تركيا ؟
وحده السيد سامي خضرا قال ما يؤمن به وما نذر نفسه لأجله وهو التعبّد للنص الديني في صيغته الشيعية وأطلق باسم الإسلام العقائدي لا السياسي جوهر الفهم الديني للمناسبات غير الإسلامية ولغيرها من تدابير و أفكار غير إسلامية، واللافت أن من أدانه هو من يؤمن إيماناً غليظاً بما قال سامي خضرا ولكن الحسابات السياسية والعلاقات المستجدة مع أطراف مسيحية وحاجة الأحزاب الإسلامية إلى التبرّؤ من الداعشية في انتهاج مسالك سياسية تغطّي طُرُقُ العقيدة التي تختصر المسيحيين كمثلثين في التوحيد وكأهل ذمّة في التجربة التي يؤمن بها المسلمون من أهل الإسلام السياسي .
حاول السيد سامي خضرا أن يكون ناقلاً أميناً للكتب والمفاهيم الإسلامية من أبواب الفقه والحديث والتفسير إلى العلوم الدينية وفي محتواها الرسمي والذي ينظر إلى المسيحيين نظرة مختلفة عمّا ينظر إليها العاملون في الشأن السياسي كحيلة أو كتقية تبررها وتتيحها الضرورات التي تطيح بالمحظورات كما هي القاعدة الفقهية التي يحملها فقهاء المسلمون كمسطرة يقيسون بها قياسات المصالح والمنافع في البلدان غير الإسلامية .

إقرأ أيضًا: باي فلسطين.... حلب أولاً
فجأة وجد السيد سامي خضرا نفسه وحيداً في عقيدة يموت من أجلها المسلمون فخطف نفسه من دائرة الاهتمام وغلف النص الوارد بحماية لا تُسقطه مما هو فيه كمبلغ ناجح  في دروس مثمرة تحت وطأة السياسة والعلاقات المفتوحة مع تيارات مسيحية تشهد للإسلام السياسي الشيعي بانفتاح لا حصر له يتجاوز حدود المصرّح به في الآية والرواية . وكان أكثر المهاجمين للسيد هم من ورثة المفاهيم التي أعلنها خضرا بمناسبة الأعياد المسيحية . 
أعتقد أن السيد سامي خضرا سيعيد تقيم تجربته وسيدقّق في العمر الذي صرفه على التبليغ الديني خاصة وأنه مؤثر في التعبئة والثقافة الإسلامية السائدة لأكثر من ثلاثة أجيال وأنه سيصل عبر نتيجة وعيه وصدق قناعته لكون التاريخ القديم والحديث ما هو إلاّ تجربة سياسية ما الأديان فيها  إلاّمجرد بضاعة رائجة في أحيان وزبائن أساسيين في أحايين أخرى .