الشهيد السيد محمد باقر الصدر ( رض ) في كتابه دروس في علم الأصول أقر بحجية القطع سواء كان القطع قطعا موضوعيا أي يستند إلى الدليل أو كان ذاتيا أي لا يستند إلى الدليل مثلما يكثر لدى عوام الناس وبهذا تكون الحجية عند السيد الشهيد ليست رهينة الدليل .
 


وما يجب ملاحظته بهذا الصدد هو أن هناك نقاط ضعف منهجية قد تتسرب  إلى الفقيه المختص فتجعل نتائجه أقل قبولا من نتائج الوجدانيات العقلائية لغير المختصين كالفتوى التي يقول فيها الفقيه بجواز التمتع بالطفلة الرضيعة ?!?!?! ومن ذلك ما سنذكره من هذين الإعتبارين  
1 -  قد يبتعد الفقيه المختص عن المطلوب لكثرة ايغاله بقوالب الإستدلال فكلما طال الإستدلال كلما زاد احتمال الوقوع في الخطأ 
2 -  قد يُفْضي المنهج المتعب في التفكير عند الفقيه إلى أن تكون نتائجه الظنية هي على خلاف ما يُصَدِّقه به الوجدان مما قد يجعل الإستسلام إلى قرار الوجدان أقرب وأفضل تصديقا من الإعتماد على الدليل الصناعي مهما كان دقيقا ومنضبطا وذلك أن الدقة والضبط ليستا كافيتين في حد ذاتهما إذ أخذنا المنهج الوجداني العقلائي المعتمد بالإعتبار  فالقياس المنطقي مثلا هو صحيح ودقيق لكنه مع هذا لا يكشف في حد ذاته عن الواقع الموضوعي فكيف إذا أعطى الدليل الصناعي الذي يعتمده الفقيه المختص نتائج هي من حيث الوجدان واضحة البطلان .?!
كذلك لا ضرورة لترجيح الدليل العلمي الصناعي على ما يخالفه من القضية الوجدانية فقد تكون هذه القضية الوجدانية أصح مما يُقَدَّم من تلك المُلَبَّسة بالدليل الصناعي ما لم يكتسب هذا الدليل صفة القوة الترجيحية من التصديق  ويظل التصديق في جميع الأحوال يعبر عن حالة وجدانية نابعة عن البصيرة أو العقل الوجداني وإلا لأدى الأمر إلى تسلسل الأدلة إلى ما لا نهاية .
وهذا يعني أن فهم القضايا الإسلامية والعلم بها لا ينحصر في دائرة المختصين ( الفقهاء ) فالمهم هو الفهم المقرب للصحة سواء بُنِيَ الأمر على التخصص وممارسة الأدلة الصناعية أو على غيره مما يجري بصورة تلقائية 
وقد جاء عن النبي {  إستفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك }
وفي رواية اخرى { إستفت قلبك واستفت نفسك ، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك }
وهنا نواجه عددا من القضايا كالأتي :
1 - هناك من القضايا الإسلامية ما يستسلم إليها الوجدان دون أن تحتاج إلى التخصص عادة ، وذلك لوضوحها ولكونها تشكل روح الدين ومقاصده
2 - إن الفهم المقرب للصحة لا يتوقف بالضرورة على التخصص ولا على من تتحقق فيه الأعلمية فَمِلاك الحكم هو الرجحان والأقربية لا التخصص والأعلمية 
عرفاؤنا وفلاسفتنا المسلمون كانوا يقولون إن العلم النظري التخصصي الذي يمارسه فقهاؤنا قد يكون حجابا في موارد كثيرة مانعا للعلم الصادق والكشف عن الحقائق.