تسرّب بعض الجهات أجواء عن مخاطر أمنية. كتّاب معروفو الانتماء في أكثر من جريدة، وجرائد واضحة الخيارات السياسية، منها الديار. صحافيون مرتبطون بجهات أمنية تميل إلى 8 آذار يسوّقون سيناريوهات مختلفة، ويحذّرون من تداعيات ما بعد حلب، كأنّهم يحضّرون الأرضية إعلاميًا لتقبّل ضربة أمنية كبيرة، على ما يحذّر أحد العارفين.
 


ولكن هل التهويل مفيد في هذه اللحظة للنشوة السياسية التي يعيشها لبنان، على وقع تزامن الأعياد مع تشكيل الحكومة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية؟ ومَن هو المستفيد من إبقاء الأجواء متشنّجة؟ ولماذا إغراق الإعلام بهذا الكمّ من التحذيرات؟

متابعون عن كثب للأوضاع الأمنية يشرحون أنّ "كلّ الاحتمالات واردة" وأنّ "ما جرى في تركيا من اغتيال للسفير الروسي فتح الاحتمالات كلّها". ويضيف مصدر شديد الاطّلاع: "هذه حرب كبيرة، وما جرى في حلب قد يكون مستحيلاً ألا ينعكس على دول مجاورة. فقد وصلت الارتدادات إلى برلين وأنقرة وزيورخ، فليس مستبعداً أن تصل إلى لبنان". ثمّ يضيف: "ليس من مصلحة أحد تخويف الناس".

هكذا إذاً: لا مصلحة للبنان واللبنانيين بإشاعة أجواء من الرعب، قد تفرغ الفنادق الممتلئة عن آخرها ببشائر السيّاح الخليجيين والعرب، ويتمّ إفراغ الشوارع الملتهبة بازدحام الذين قرّروا "فكّ الحزام" والاستمتاع بأيام هانئة سياسياً، من المقيمين ومن المغتربين الذين سيمضون الأعياد في لبنان.

مستفيد واحد من إشاعة أجواء الرعب: هو الذي يصرّ على أن يظلّ لبنان "صندوق بريد" إن لم يكن "ساحة". فتحريك الاغتيالات في مخيم عين الحلوة، بالتزامن مع "الضخّ الإعلامي" حول "ارتدادات أمنية لزلزال حلب"، وفي الوقت نفسه نشر تقارير عن "تسرّب الإرهابيين إلى لبنان هرباً من الخسائر في سوريا"، كلّ هذا يهدف إلى "فرملة" العهد والتفاؤل السياسي.

أحد المتابعين يرتاب من "إرسال مفتي بشار الأسد أحمد حسّون لزيارة بكركي والبطريرك الراعي، ورئيس الجمهورية ميشال عون". المفتي السنّي، الذي يعمل في خدمة نظام الأسد، لم يزر أحداً من أركان الطائفتين السنية والشيعية، قد زار مرجعيتي المسيحيين فقط. فهل جمع التحذيرات والتهديدات الأمنية، مع "الضخّ الإعلامي" و"فتح شبّاك عين الحلوة" مع زيارة حسّون، تؤدّي إلى خلاصة خطيرة: استهداف مناطق مسيحية؟

هو سؤال فقط. والأمل أن تكون الإشارات خاطئة. لأنّ "خضّة أمنية"، صغيرةً كانت أو كبيرة، ستعيد خلط أوراق كثيرة. وواضحٌ مَن الذي لا تعجبه اللعبة بالشروط الجديدة. واضحٌ مَن الذي يريد إعادة خلط الأوراق وتوزيعها مجدّداً.