إنتظر اللبنانيون , وسينتظرون إلى أجل غيرمسمى , دولة يشعرون فيها بالامن والامان , ولكن هذا الانتظار مع هذه التركيبة السياسية وأقطابها هوتماما  كوعد إبليس بالجنة , تأخر التشكيل والناس تظن أن همّ الزعماء , تأسيس نواة لبداية جديدة في عهدٍ جديد , يلحظ هذا التأسيس كلّ التراجع والانهيار الذي مُنيت به البلد .

ظهر وبان بوضوح أن التأخير في التشكيل كان بسببٍ آخر , وهو أولا : تقسيم السلطة وتقسيم المغانم , وإعادة الانتشار السياسي والزعامتي ,  وإرضاء الاحزاب ولو باستحداث وزارات جديدة تزيد العبء على كاهل الدولة والمواطن , ومما لا شك فيه أنها حقائب وعناوين لا قيمة لها في ظل الازمة المالية والسياسية , ولن تفلح كما لم تفلح سابقاتها من الوزرات , وثانيا تمييع تشكيل قانون إنتخابي نسبي لأنه قد يضرّ ببعض السلطويين .

الآن وقد شكّلت المعجزة المنتظرة , وإن كانت ذات عمر قصير , ولكن هذه التشكيلة هي نموذج لكل الحكومات التي ستأتي فيما بعد , وهي عبارة عن توظيفات في شركة خاصة يملكها أشخاص معينون محددون , هم يوزعون المغانم على مَن يريدون وعلى أساس إرضاء فلان وعلتان بعيدا عن مصلحة الدولة والناس .

لماذا نقول هذا ؟

عندما يبكي وزيرٌ حالي أمام أحد الزعماء مستجديا وزارة , ويقول أعطنيها أرجوك , وأحفظ لي زعامتي , فيضحك الزعيم ويقول هي لك .

إذا عرف المواطن اللبناني هذه الآلية في تشكيل حكوماته , وتوزيع الحقائب  والتركيبات , سوف  يخجل من إنتظاره الحلول المستحيلة التي يعلّق عليها آماله .

فزعيمك يا أيها المواطن يستجدي حقيبة لكي يحفظ زعامته , وليس من أجل مصلحتك , وليس في حساباته غير زعامته ومصالحه , وأنت في برنامجه واحد من المصفقين لصفقاته ,

فأول مهمة واجبة على هذه الحكومة , تمهيدا لكي تسير الحكومات القادمة كلها على نفس المنوال , ومن باب التأكيد على صدق الحكومات , هي الاعتراف والإقرار بأن لبنان دولة  ووطن لجيمع أبنائه , والإقرار بأنها ليست ملكية خاصة قد ورثها الزعماء عن آبائهم وأجدادهم , بل هي مؤسسة بكل ما لكلمة مؤسسة من معنى , هذا الذي يجب أن يُكتب في البيان الوزاري فقط , وبناء عليه يكون البيان كاملا , لأنه عندما يُقرّ الزعماء بأن لبنان دولة ويعملون على هذا الاساس , تُلغى تلقائيا المخاوف على مصير الدولة والشعب , أما الصيغة التي يختلفون عليها دائما في البيانات الوزارية هي دليل على عدم الثقة ببعضهم البعض  أولا , ودليل على المحاصصة الفاسدة ثانيا , وبالتالي هذا دليلٌ كافٍ لفساد السلطة وعدم مصداقيتها .