دمار حلب وتهجير أهلها من قبل النظام السوري وحلفائه، وأبرزهم الترسانة الحربية الروسية، هي جريمة ضد الإنسانية، جريمة مُنظّمة ستظلُّ آثارها ومآسيها لعقودٍ طويلة من الزمن، ولا يُطفئ لهيبها، ويُخفّف من غلوائها قتل دبلوماسي روسي في تركيا، فهي ليست عملاً إرهابياً فردياً يغسلهُ عملٌ إرهابي فردي هنا أو هناك
 


أولاً: السفير الروسي القتيل...
هذا السفير في تركيا، لا يرسم بالتأكيد سياسة بوتين الخارجية ولا يُشارك بها حتى، ولربما كان مثلنا يتعاطف مع حلب وسُكّانها أو لا يتعاطف، كحالنا في العالم العربي والإسلامي، وحال شعوب عديدة في مشارق الأرض ومغاربها، لا حول لهم ولا طول ولا تأثير، وهو إذ يُشارك في حفل فنّي ،بعيدا عن مسارح المعارك العسكرية، ليسقط مضرّجاً بدمائه، فهو ضحية من ضحايا الإرهاب، وأيّ بريئ في العالم يغتاله الإرهابيون قتلاً أو تفجيراً أو طعناً أو دهساً هو ضحية من ضحايا الإرهاب، فهؤلاء الذين دهستهم شاحنة في ألمانيا في نفس الوقت الذي قُتل فيه السفير الروسي هم ضحايا للإرهاب، وكذلك رجال الشرطة الأردنيين مع السائحة الكندية هم ضحايا للإرهاب، وعلينا أن لا نُخطئ بغضّ النظر عن مساوئ الإرهاب ومخازيه، أو الانجرار لغرائز الحقد والشماتة، فهذا يتعارض مع مبادئ الإنسانية، التي تُدين أوّل ما تدين القتل، وبعد ذلك التهجير القسري، واقتلاع الشعوب من مواطنها الأصلية ورميها في مهاوي المجهول، لا بل من الواجب المُلزم إدانة أي عمل إرهابي، طالما أنّه يطال أبرياء غافلين عن ما يُعدّ لهم من قتلٍ وتهجير ومآسٍ.

إقرأ أيضًا: الإسلامي مُش أوكراني يا بوتين


ثانياً: قاتل السفير الروسي...
قد يجد البعض أعذاراً كافية للشاب التركي الذي أخذته الحمية الدينية، لا القومية، على أهل حلب وسوريا، فأردى السفير الروسي قتيلاً في حفلٍ عام، وقد تصيب آخرين عدوى الحماسة والشماتة، فيُباركون ويهللون.. ولكن، في نظري أنّ روح هذا الشاب "البريئة" هي أزكى وأشرف وأقدس من أن تُزهق هكذا! فدبلوماسي روسي بالزائد أو بالناقص لا يعني شيئاً للنظام الروسي الذي أخذ وجهة استبدادية باحتلاله جزيرة القرم أو بتدخله العسكري في سوريا وقصف طائراته للمدنيين الأبرياء، يبقى أن نأسف أشدّ الأسف لفقدان شابٍّ تركي مُفعم بالحيوية والاندفاع ، شاب حُرّ يسقط في غير ملاعب الأحرار، ليبقى عملُه مُداناً مهما كانت الذرائع والمبرّرات.