جاء الإعلان أخيرا عن تأليف الحكومة برئاسة الرئيس سعد الدين الحريري في لحظة محلية وإقليمية مهمة وحرجة.
 


فالتقدم الكبير الذي حققه النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين  وحزب الله كان له وقع على التشكيلة الحكومية وإن حاول الجميع الفصل بين مسار الحرب السورية والوضع اللبناني.

خطاب نصر الله الأخير:

صحيح أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان من الذين حاولوا تظهير المشهد الحكومي قبل التأليف على أنه منفصل عن المسار السوري إلا أن الأمور التي حصلت لاحقا تشير إلى تأثير حصل على مسار التأليف خصوصا بالنسبة للمشاركين بها.
وفي نفس الوقت لا يمكن إلا الإعتراف  بأن خطاب  نصر الله الهادىء كان له وقعه في تسهيل وتسريع تشكيل الحكومة   ولكن معركة حلب أضافت تغييرات في اللحظة الأخيرة من عملية التأليف.

إقرأ أيضا : السيد نصر الله... نبرة هادئة ولغة مختلفة

من حكومة 24 إلى 30 :

أولى بوادر هذا التغيير كان في نوع الحكومة وتشكيلتها.
فبعد أن سار الجميع بخيار حكومة ال 24 مع تهميش واضح لحلفاء سوريا التقليديين كالحزب القومي وحتى المردة، تغيرت فجأة الأمور بعد معركة حلب وسار الرئيس المكلف بصيغة ال 30 وزير مع مشاركة القومي وقبول العهد بحقيبة الأشغال للمردة التي قدمها الرئيس نبيه بري من حصة حركة أمل.
كان هذا التحول ترجمة فعلية لتأثير المعارك السورية على التشكيلة الحكومية خصوصا بعد الحملة الإعلامية المنظمة من حلفاء سوريا على العهد الجديد وبالأخص وزير الخارجية جبران باسيل.
فقبل معركة حلب كان يوجد خيار واضح في تهميش وإضعاف حلفاء سوريا التقليديين بإستثناء الثنائية الشيعية التي باتت تمتلك إستقلالية عن النفوذ السوري وتدور في فلك السياسة الإيرانية.

ماذا بعد التأليف؟

الآن إنتهت محطة صعبة واجهها العهد بإنطلاقته وجعلته يخضع لمعادلة إقليمية ومحلية منتصرة مؤقتا  وعابرة في فترة الإنتقال السياسي من إدارة الرئيس باراك أوباما إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وهناك العديد من الإستحقاقات التي ستواجهها حكومة سعد الحريري كأزمة النفايات والفساد المستشري ومواجهة الإرهاب.
لكن يبقى أهم إستحقاقين بارزين سيطغيان على العمل الحكومي  هما : إنجاز قانون إنتخابي جديد وتنظيم الإنتخابات النيابية في موعدها.
وقبل معركة هذان الإستحقاقان هناك البيان الوزاري للحكومة، فهل سيكون محطة سهلة؟
تأثيرات اللحظة الإقليمية ستسرع صدور البيان الوزاري خصوصا أن سعد الحريري لن يخوض معارك دونكيشوتية لا مبرر لها حول بند سلاح حزب الله في البيان وبالأخص في هذه المرحلة وربما سيتبنى صيغة البيان الوزاري لحكومة تمام سلام فيحل مشكل محتمل ولا مبرر له بالبلد.
فإشارته لحلب بعد إعلان التأليف هو أقوى الإيمان في هذه المرحلة.