تذكّر مطالعتي المندوبين الأميركي والروسي بالمراسلات الخطابية التي تبادلها الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان
 

أولاً: الخطاب الأميركي

قدمت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية اليوم خلال جلسة مجلس الأمن مطالعة تاريخية تُدين الثلاثي :روسيا وايران والنظام السوري إدانة كاملة للجرائم التي تُرتكب بحقّ المدنيين في شرق حلب، مطالعة جريئة كُنّا نتمنى سماعها من أمين عام الجامعة العربية مثلاً، أو أي ملك أو حاكم عربي أو إسلامي في العالم العربي والإسلامي، حين وصفت الدور الروسي بالمخزي والاجرامي، وذلك بالتدخل السافر بالطائرات والاساطيل في الميدان العسكري، واستخدام حق النّقض (الفيتو) المرّة تلو الأخرى لشلّ وتعطيل دور مجلس الأمن في الميدان الدبلوماسي. ولم تُغفل المندوبة الأميركية الدور الإيراني وميليشياته في تفاقم الوضع العسكري والإنساني المساند لنظام البطش والإرهاب في سوريا والعالم العربي، وذهبت بعيدا في كشف اضاليل الدور الروسي بادعائه محاربة الإرهاب، الروس يقتلون الأبرياء ويطاردون القوى المعتدلة، ويتركون قوى الإرهاب حرّة طليقة، وفي عزّ نشوة نصرهم في حلب، يفرّون كالطير الخائفة أمام الدواعش في تدمر، ليتركوها لقمةً سائغة للإرهاب ومخازيه.

ثانياً: الخطاب الروسي

وردّ مندوب روسيا، فوجّه خطابه لمندوبة أميركا، فتعجّب من اللهجة الأخلاقية التي تحلّت بها ، وسخر من نزعتها الإنسانية كأنّها الأم تريزا، أمّا هو (وكأنّه القديس جاورجيوس أو يوحنا فم الذهب) فقد راح يُعدّد فضائل قواته في حلب، بمساعدة من فرّ من المدنيين ليلقى أحضاناً دافئة روسية أو سورية لا فرق، وهاهي الطائرات توقفت عن قذف الحمم على رؤوس الناس، وراح الجنود الروس يوزعون المساعدات والحلوى على المدنيين ، أمّا الإرهاب، فروسيا عدوته اللدود، والأميركيون والبريطانيون والفرنسيون هم دعاتُه وحماته. في حين لا تغمض عين النظام الروسي عن محاربة الإرهاب تمهيداً للقضاء عليه في سوريا ولبنان والعراق والجزيرة العربية، إذا لزم الأمر ذلك.

إقرأ أيضا : يزيد استباح المدينة المنوّرة...وبشار استباح حلب المدمرة.

ثالثاً: مناظرات الإمام علي ومعاوية

تذكّر مطالعتي المندوبين الأميركي والروسي بالمراسلات الخطابية التي تبادلها الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان،  ففي حين كانت خطابات علي تتّسم بالصدقية والتُّقى حين أوضح برائته من دم الخليفة عثمان بن عفان، وكان قد حاول نُصرته، إلاّ أنّ عثمان ، وقد حوصر أربعين يوماً، كان قد أمر بعدم القتال، وهو أميرٌ مُطاع، وبعد مقتله، اجتمع أهل الشورى من المهاجرين والأنصار على مبايعة علي خليفةً للمسلمين ،ومعاوية غائب وهو والٍ على الشام، فلزمتهُ البيعة، إلاّ أنّه أبى وراح يطالب بدم عثمان، واعتمد المراوغة والمداهنة وطمس الحقيقة، وتقديم الباطل، وشقّ عصا الطاعة، حتى تمّت الغلبة له في نهاية الأمر،وبفضل المراوغة والبطش الروسي، وقلب الحقائق، ومساندة آخر ديكتاتور عسكري، تمت الغلبة للخطاب الروسي في حلب، ودفع الحلبيون من دمائهم وارزاقهم أثماناً مضاعفة، لتصُح مقولة قالها الإمام علي: لئن انتصر الباطل فقديماً فعل، ولئن انتصر الحقُّ ،فعسى ولعلّ.