بعد أحداث أيار 2008 ، تعالت نبرة الوزير السابق وئام وهاب، مُعلناً بتحدٍّ سافر للزعامة الجنبلاطية انتسابه لقوى المقاومة والممانعة
 


أولاً: جنبلاط في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي

بعد اغتيال الشهيد كمال جنبلاط عام ١٩٧٨ في بداية الحرب الأهلية،تسلّم نجله الشاب وليد جنبلاط مقاليد الزعامة الجنبلاطية ورئاسة الحركة الوطنية اللبنانية، أمّا شؤون الزعامة فقد آزرهُ في إدارتها الحزب التقدمي الاشتراكي، حزب مُنظّم وذو تاريخ عريق، أمّا شؤون الحركة الوطنية فقد كانت أمورها أكثر سلاسة وانتظاماً، حيث كان جنبلاط محاطاً بالسيد محسن إبراهيم عن يمينه، والشهيد جورج حاوي عن يساره، وبوجود زعامة ياسر عرفات الفلسطينية الراجحة في الساحة اللبنانية إبان الحرب الأهلية. وما إن وقع الاجتياح الإسرائيلي عام ١٩٨٢ ، وأدخل لبنان في طور دوامة  جديدة من الحرب الأهلية، حتى أعلن وليد جنبلاط نهاية دور الحركة الوطنية، باعتباره رئيس الحركة، ليتفرّغ لإدارة شؤون الجبل بعد احتلاله من قبل القوات الإسرائيلية قبل انسحابها منه ودخول القوات اللبنانية أجزاء هامة من الجبل ووصولها إلى تخوم المناطق الجنبلاطية، ممّا اضطر ّوليد جنبلاط لوضع يده في يد من يعتقد جازماً بأنّه قاتلُ والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، ممّا وفّر له دعماً عسكرياً سورياً وازناً في تحرير مناطق المتن الجنوبي والشوف من الوجود القواتي وترسيخ زعامة جنبلاط في الجبل.

ثانياً: جنبلاط في مواجهة الوصاية السورية

خرج جنبلاط من "شرنقة" الوصاية السورية على لبنان بعد الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان عام ٢٠٠٠، فدعا جهاراً لتطبيق القسم الثاني من اتفاق الطائف الذي يقضي بانسحاب القوات السورية إلى منطقة البقاع، تمهيداً للتفاوض على انسحابها الكامل، وهو بذلك أيّد ما كانت تطالب به قيادات مسيحية بتوجيهات البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، وجاء الرّد السوري عنيفاً بمحاولة إغتيال الوزير مروان حمادة، وبعدها بإغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري، وتوالت الاغتيالات، فطالت عدداً من السياسيين والقياديين المناوئين للنفوذ السوري، ودخل وليد جنبلاط دائرة الاستهداف الخطر من قبل السوريين، وكان أبرزها وأخطرها محاصرته عام 2008  في دارته في كليمنصو من قبل قوات حزب الله، وما تبع ذلك من اشتباكات مسلحة بين حزب الله ومناصري جنبلاط في ساحل المتن الجنوبي والشوف الأعلى، ممّا فرض على الزعيم الجنبلاطي انكفاءً سياسياً، ما زالت مفاعيله وتداعياته ساريةً حتى اليوم.

إقرأ أيضا : جنبلاط: وعود كاذبة تخفي حقيقة رهيبة

ثالثاً: جنبلاط في مواجهة درزية 

بعد أحداث أيار 2008 ، تعالت نبرة الوزير السابق وئام وهاب، مُعلناً بتحدٍّ سافر للزعامة الجنبلاطية انتسابه لقوى المقاومة والممانعة، وتشكيل طابور خامس  داخل الطائفة الدرزية، مُفاخراً بصوابية خياراته السياسية ،ناعياً بؤس خيارات المختارة، ووصل به الأمر، بعد انتخاب الرئيس عون، إلى تأليف سرايا التوحيد، على غرار سرايا المقاومة المسلحة، رغم نفيه الطابع العسكري عنها، وتتالت الاطلالات الإعلامية للسيد وهاب،مكرّراً ومعلناً النيل من كرامة وهيبة وليد جنبلاط،متهماً إياه بالتفريط بمصالح الدروز ،داخل لبنان وخارجه، ومع ذلك ظلّ جنبلاط محافظاً على صمته وهدوئه، إلى أن ظهر صباح اليوم بردٍّ مسهب على تداعيات سقوط حلب، فاتّهم قوى الممانعة بالمشاركة في جرائم حلب، وجرائم النظام السوري باعتقال الرجال المدنيين الهاربين من جحيم حلب وإعدامهم، والامعان في التهجير والتشريد لإحداث التغييرات الديموغرافية المشبوهة، والسماح لداعش باحتلال تدمر من جديد، فربما لتدمير الأعمدة والحجارة القديمة باعتبارها نقيضاً لمفهوم الممانعة...وهذا ينطبق على تراث حلب، لندخل كما يقول جنبلاط ساخراً :"  عصر ممانعة جديد، مدن جديدة، إنسان ممانع جديد وثقافة ممانعة جديدة"، وربما لهجة جديدة بوجه من يتمادى في "جهالته" على زعيم المختارة بقول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا 
فنجهل فوق جهل الجاهلينا.