كان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مختلفًا عما سبقه من خطابات بالشكل والمضمون. فهو لعلّه الخطاب الأول لنصر الله منذ مدة طويلة يطغى عليه الهدوء والتواضع ويبتعد فيه عن لغة التهديدات ورفع السبابة بوجه خصومه في لبنان، هذا من حيث الشكل.
 


دعوة للتلاقي والحوار:

أما في المضمون فتنوّعت المواضيع التي تناولها نصر الله في خطابه وكان حريصًا على ضخ الدم من جديد لتحالفه مع الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر وتقصد ذكر اسم الوزير جبران باسيل للقطع نهائيًا بأنّ لا خلاف حقيقي موجود بين العهد وحزب الله واتهم بهدوء غرفة عمليات معينة بأنها تقف وراء العمل نحو شق الصفوف بين حزب الله والعهد الجديد على الرغم من أن أول من تناولت هذا الموضوع هي صحيفة السفير المقربة من حزب الله وهذه من المغالطات التي وقع فيها السيد في خطابه كونه لم يعترف صراحة بوجود هذا الخلاف الواضح للجميع.
ولكن على الرغم من هذه المغالطة، طغى على  فقرات خطابه إيجابية لا يمكن تجاهلها أو عدم التوقف  عندها. 
فالسيد نصر الله دعا إلى التلاقي والحوار بين اللبنانيين وإعطاء الفرصة الكافية  للعهد الجديد وعدم الحكم عليه مسبقًا والأهم وهي المرة الأولى التي يذكرها  قوله بأنّ لا خصومة دائمة بين اللبنانيين ومن دون أي استثناء وهذه دعوة تعبّر عن براغماتية مطلوبة في العمل السياسي اللبناني بعيدًا عن الراديكالية المتشددة التي كانت معتمدة في سرديات الحزب اليومية .
وأردف نصر الله قوله هذا باعتراف بحيثية القوات اللبنانية ودورها وتمثيلها على الساحة اللبنانية وهي دعوة صريحة وإن كانت غير مباشرة للانفتاح على حزب القوات اللبنانية.

إقرأ أيضا :  حزب الله لميشال عون: ما هكذا الظن بك!!

تسهيل تأليف الحكومة:

في الشق الحكومي حاول السيد حسن نصر الله نفي كل تهم التعطيل التي تلاحق حزب الله وحلفائه وحاول إلصاقها بالطرف الآخر عملًا بمبدأ: "العين بالعين"  لكن الواقع يثبت أن لحزب الله وحلفائه دور في التعطيل لا يقل عن دور الآخرين.
ومع هذا، بدا أن نصر الله يحاول أن يتجاوز مرحلة الاتهامات نحو الحثّ على تسهيل مهمة الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة.
وهذا الأمر بالطبع يتطلب تنازلات متبادلة من قبل الجميع لتسهيل عملية التأليف.
وبعد زيارة الرئيس سعد الحريري للرئيس نبيه بري وخطاب السيد نصر الله في هذا الشأن لا يبقى أي عذر  لتعطيل التأليف ويحب أن تؤلف في هذا الأسبوع من دون تأخير في حال حسنت النيات.

الموضوع السوري:

وكان ملفتًا أيضًا عدم غوص نصر الله في تفاصيل الملف السوري وخصوصًا ما يجري من أحداث بحلب ودعوته لفصل الملف اللبناني عن ملفات المنطقة.
وهي دعوة كانت كفيلة في الماضي القريب إلى انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الشغور.
لكن دعوة نصر الله اليوم تتعارض مع ما قاله رئيس النظام السوري بالأمس عن أن لبنان لا يستطيع أن يستمر في سياسة النأي بالنفس وأن يبعد نفسه عن حرائق المنطقة.
وفي هذا الإطار ومن أجل تحقيق هذا الفصل النهائي بين قضية لبنان وقضايا المنطقة وفي ظل توفر الحماية الروسية اللازمة لنظام الأسد، على السيد أن يتخذ قراره بالانسحاب من سوريا وهكذا يبعد شبح الحروب والحرائق في لبنان وتتشكل حكومة تتبنى سياسة موحدة لمواجهة الإرهاب وطنيًا من دون أي تفرقة.

إقرأ أيضا : نصرالله: إطمئنوا العهد عهدي

الإيجابية مطلوبة دائما:

الإيجابية كانت السمة البارزة في خطاب أمين عام حزب الله وهي مطلوبة دائما وفي كل الأوقات وعسى أن يكون هذا الخطاب اللبناني هادئًا بسبب سياسة بات يتبناها حزب الله وألا يكون هادئًا لأنه لم يذكر فيه حروب المنطقة.
وتبقى العبرة في التنفيذ وهي أصدق البراهين، بانتظار خطاب السيد عن حلب فعندها يأتي اليقين الشافي وتبرز جديّة خطاب الأمس.

 

بقلم رئيس التحرير