نقطة التقاطع بين مختلف الأطراف السياسية والحزبية على الساحة الداخلية التي شكلت معبرًا لمرور العماد ميشال عون إلى القصر الرئاسي في بعبدا بقيت قاصرة عن إعطائه جرعة للانطلاق بالعهد الجديد بإتمام العملية الوزارية بعد تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وذلك بعد أن رسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خارطة طريق للعهد الجديد في خطابه الذي جاء أثر انتخاب عون والتي تعتبر ممرًا إجباريًا للحكومة وقانون الانتخابات وكل التوازنات التي يفترض أن ينتهجها الرئيس ميشال عون. 
وكان حزب الله واضحًا في رسالته لرئيس الجمهورية إلى أنه لن يكون مطلق اليدين، وأن تفاهمه مع القوات اللبنانية ومع تيار المستقبل الذي سبق الانتخاب لن يكون له أي ترجمة عملية على الأرض، لا بتشكيل الحكومة ولا باحتمال التفاهم على قانون الستين، بدا ذلك من خلال حصرية التفاوض مع الرئيس نبيه بري والتأكيد على حفظ موقع النائب سليمان فرنجية؛ ما يعني أن حزب الله يفرض قيودًا على العهد الجديد للاستمرار في نهجه القديم سواء في الملف الداخلي أو لجهة سياسته العربية والدولية. 
فإصرار حزب الله على حفظ قوة الرئيس بري باعتبارها قوة الشيعة في النظام وإصراره على أن يكون للنائب فرنجية موقع قوة في التشكيلة الوزارية. وبالتالي الإصرار على التلازم بين هاتين القوتين وجمعهما في قوة واحدة داخل الحكومة، إنما يهدف لتشكيل ثلث معطل بمعزل عن وزراء رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر لتعطيل أي قرار وزاري لا يريده الحزب ويتعارض مع مصالحه وتوجهاته، فالعثرات التي تراكمت في وجه عملية تأليف الحكومة لا تنحصر في إعطاء وازنة للنائب فرنجية ولا تتعلق بالعلاقات السيئة بينه وبين رئيس الجمهورية كما أنها لا تتعلق فقط بمعركة الحصص التقليدية التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري بشراسة كبيرة هذه المرة، إن المسألة تتجاوز هذه الأمور لأن ما تواجهه عملية تأليف الحكومة، حتى لو أفرج عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نهاية الأسبوع - كما تأمل بعض الأوساط السياسية - تتخطى كل ذلك وتتصل بمعركة استباقية لما ستكون عليه صورة البلاد في المرحلة المقبلة ولعبة التوازنات الداخلية في ولاية الرئيس ميشال عون أو في ولاية من سيخلفه. 
فحزب الله لا يزال يشكل العقبة الكأداء أمام انتظام عمل المؤسسات واستعادة الدولة هيبتها. ويبقى لبنان يتأرجح بين شريعة حزب الله المتحكم بمفاصل الدولة والتي يمارسها بشكل مباشر أو غير مباشر وشرعية الدولة ومؤسساتها التي يتم تجويفها بشكل منهجي. 
فبعد انتخاب رئيس للجمهورية وحتى لو تم تشكيل الحكومة آجلًا أم عاجلًا ومع وجود مجلس نيابي، إلا أن القرار الفعلي يبقى خارج هذه المؤسسات الدستورية وينحصر في قوة حزب الله السياسية والعسكرية. 
ولا يمكن لرئيس الجمهورية أن يحارب الفساد دون أن ينهي ظاهرة الخروج على الدولة وعلى القانون وعلى المساواة في المواطنة وفي الحقوق والواجبات، ولا يمكن للعدالة أن تتحقق ما لم يستظل الجميع تحت سقف الدستور والقانون.