تحدث لنكولن بلومفيلد المساعد السابق لوزير الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الإبن عن إيران، قال: نعرف أن ايران ستصبح وللمرة الأولى دولة نووية معترفاً بها قانونياً ولا قيود عليها عندما تنفّذ كل بنود الاتفاق النووي.
 

ونعرف أيضاً أن أربعة ملايين سوري هُجّروا من بيوتهم بسبب هجمات نظام الأسد وأن آلاف السوريين فرّوا الى أوروبا وهم يزعزعون استقرار سياساتها. أما الرئيس المُنتخب دونالد ترامب فقد دخل العملية السياسية كغريب وتفوّق شعبياً على كل منافسيه. وهو سيتسلم سلطاته الدستورية في كانون الثاني المقبل رئيساً للدولة والحكومة. فتخيّل أي رسالة سيوجّهها ذلك الى الغالبية الكبيرة من مستخدمي الانترنت في الصين وإيران حيث التنافس السياسي محظور والمنشقون السياسيون في السجون أو تم إعدامهم، وحيث تستعمل وسائل أكثر خداعاً وتضليلاً لضمان مصير مماثل لكل من يتجرّأ أو يقرّر تحدي الزمرة الحاكمة.
وبعيداً من اعتبار موقف ترامب دليلاً على العملية الديموقراطية المفتوحة حقيقة في أميركا،، يتابع بلومفيلد، نقول أن ترامب وسّع انتقاده للوضع السائد داخلها فشمل أساسات الأمن الدولي الذي ارتكز عليه طويلاً النفوذ الأميركي. وفي أوساط اليسار واليمين في واشنطن حذّرت الوجوه السياسية والعريقون (المحترفون) علانية من ترشيح ترامب للرئاسة، ورغم ذلك فاز. وبالنسبة الى كثيرين من الجمهوريين الوسطيين المكرّسين أنفسهم لإعادة الحياة للتنسيق التحالفي ذي القيادة الأميركية، وللتوسط في الصراعات والنزاعات، ولمنع الاعتداءات، ولإدارة التطرّف وترويضه، وللمحافظة على القواعد الدولية وإعادة الاستقرار الدولي، بالنسبة الى هؤلاء يبدو ترامب مهتماً بتغيير اتفاقات التجارة وشروطها، ويطلب مقابلاً من الحكومات الأخرى أكثر من اهتمامه بتنظيم الحلفاء وتعبئتهم وبتحقيق السلام في العالم أو السعي إليه من خلال القوّة. وهناك متّسع أو مجال هنا للمصالحة.
ماذا يستطيع أن يفعل الرئيس ترامب؟ يجيب بلومفيلد أن لديه فرصة للقيام ببداية جديدة. فتغليب الولاء الحزبي يمكن أن يضع الولاء الشخصي فوق كل شيء آخر. ولن يتفاجأ أحد في واشنطن إذا أبعد ترامب كل من ينتقده أو ابتعد عنه حتى وهو ينتقص من قيمة "المؤسسة" (Establishment) أو يحطّ من قدرها. فَدَيْنه الرئيسي هو لملايين الأميركيين الذين يرون أن العالم تحوّل نحو العداء للمصالح الأميركية فصوّتوا للتغيير. إلا أنّ الشهامة ومحاولة "جمع الشمل" يمكن أن تؤدّيا الى تغيير. ومعاملة المشرّعين الموهوبين من الحزبين المتنافسين كأنهم من "أهل البيت" أو فريقه بإظهار إرادة لوضع الحزبية الضيّقة جانباً والعمل على القوات الخاصة المتخصصة بقضايا محدّدة، وباختيار الموفدين الرئاسيين الى الخارج، وباعتماد هيئات استشارية من الحزبين، ان ذلك كلّه قد يكون تغييراً. فضلاً عن أن التشاور بصراحة ونزاهة مع الزعماء المطلَّعين والمناسبين للجان من الحزبين في مجلسي الكونغرس قبل الانطلاق في سياسات خارجية وداخلية قد يقلّص الخلاف أو على الأقل الاحتكاك الذي أعاق الرؤساء على مدى أعوام وأحياناً عطّلهم عن القيام بمهماتهم. واذا لم يلاحظ الناس فإن واشنطن تتعلم كيف تعيش مع "التسريبات والتسريب". وربما يجد البيت الأبيض أن منافع التشارك في الرأي والعمل والثقة والتعامل مع الكونغرس بوصفه شريكاً حقيقياً وأصيلاً يفوقان وبكثير أخطار التصارع وكشف الفضائح.
ويختم المساعد السابق نفسه لوزير الخارجية الأميركي أيام الرئيس جورج بوش الابن: حصل الكثير جرّاء النصائح الخاطئة التي أُعطيت لأوباما وخصوصاً عن "الخطوط الحمر" الرئاسية الأمر الذي مكّن خصوم أميركا من اجتيازها من دون عقاب. والآن هناك "خط أحمر" يستطيع الرئيس الـ45 للولايات المتحدة أن يضعه في الـ20 من الشهر المقبل موعد القسم والتسلّم هو وقف التقاتل الداخلي (السياسي طبعاً). إذ لا رئيس في أميركا سيتلقى "شيكاً على بياض". وفَن صنع الاتفاقات العابرة للحزبَيْن المتنافسَيْن في العاصمة سوف يتحدى أو الأحرى يختبر حتى رجل أعمال متمرّس وعريق. والرئيس ترامب سيحتاج الى عملية استشارية للحصول من زعماء كونغرسيين من الحزبين على مواقف تسهّل التوصل الى تسويات. وقد يكون ذلك غير مسبوق وغير متوقّع. أما إذا حصل فسيكون التغيير المطلق الذي يعني: البلاد فوق الحزب في إدارة السلطة الأميركية. وبذلك تستطيع أميركا أن تفعل وتقود. وهذا ما يعتمد عليه مواطنوها وكثيرون في العالم.