لتوصل الى قانون انتخاب يرضي الجميع، يبقى الهم الشاغل للبنانيين رغم كل ما يحصل في البلاد والمنطقة من احداث امنية وسياسية. قد يكون شعارا يناور عليه الافرقاء، ويمررون به الوقت الضائع بدليل العدد الكبير من اقتراحات القوانين التي وضعت في سوق التداول السياسي، الا ان ايا منها لم يفض الى اتفاق مما دفع رئيس الجمهورية ربما الى اعتبار ما يجري مناورة للتمديد للمجلس النيابي والتنبيه الى انه لن يوقع قانوناً بهذا المضمون. 

ماذا يحضر الرئيس نبيه بري؟ وكيف ستتعامل "كتلة التنمية والتحرير" مع اصرار رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون على مشروع "اللقاء الأرثوذكسي"؟ وما اهمية زيارة رئيس الجمهورية للمغتربين في افريقيا؟ واسئلة اخرى حملناها الى عضو هذه الكتلة النيابية، وابن الاغتراب الافريقي النائب ياسين جابر. 
■ قال الرئيس بري "نتمسك بالمشروع المختلط واذا لم يتم الاتفاق عليه فلن يكون امامنا الا "الأرثوذكسي". هل هو يناور؟
- لا يناور بل يعكس ارادة المجلس النيابي. خلفية هذا الكلام نابعة من الاجتماع الاخير للجان المشتركة إذا قالت اللجنة الفرعية ان الاقتراح الذي حظي بموافقة غالبية الافرقاء هو "الأرثوذكسي"، فأراد الرئيس بري اعطاء فرصة، لأن هناك مصلحة اكبر للبنان في الاجماع على قانون انتخاب. لذلك اتخذ القرار بالتمديد 15 يوما، وحدد 18 من الشهر الجاري لاجتماع اللجان المشتركة، واذا لم يحصل اتفاق نهائي في اللجنة الفرعية على اي مشروع، فسيكون اول بند في جدول اعمال اللجان اقتراح "الأرثوذكسي". 
■ لماذا اقترح المختلط النصف بنصف؟
- هذا الطرح لا يلعب بالتوازنات القائمة حاليا من الناحية الجغرافية، فهو لا يتضمن أي تغيير في عدد الاقضية الـ 26  ولا في عدد المحافظات الخمس مع تقسيم جبل لبنان دائرتين، اي تكون 26 دائرة انتخابية  للأكثري و6 للنسبي. والايجابي في عمل اللجنة الفرعية هو انه  في البداية كان كل فريق متشبث  بموقفه، ووصلنا اليوم الى نقطة انكسر فيها التمسك بالموقف، وبدأ الجميع يقتربون من القانون المختلط.
■ لكن حلفاءكم في "التيار الوطني" الا يجزمون انهم لن يسيروا إلا بمشروع "الأرثوذكسي" لانه يحقق التمثيل المسيحي الصحيح. ماذا ستفعلون؟
- هذا موقف معروف، لكن في النهاية القرار ليس لفريق واحد، بل للجان المشتركة. اذا لم يتم التوصل الى الاتفاق على قانون جديد، فموقفنا معلن اننا سنمشي بمشروع "الأرثوذكسي". الأهم هو ضرورة حصول الانتخابات.
■ لماذا تطرحون قوانين جديدة ولا تناقشون مشروع القانون الذي أعدته حكومتكم  كما يدعو رئيس الجمهورية؟
- سبق أن دعيت اللجان المشتركة الى مناقشة مشروع الحكومة، ودخلنا يومها في حلقة مفرغة، ولم يناقش، لأن معظم النواب الحاضرين طلبوا الكلام في بداية الجلسة، وتحدث الجميع في المبدأ من دون الدخول في صلب القانون. وفي الختام كان الرأي تشكيل اللجنة الفرعية.
■ ولماذا لم تناقش اللجنة الفرعية مشروع الحكومة؟
- لأن أفرقاء رفضوا القبول ببحثه، مثل المستقبل والقوات والكتائب والاشتراكي. ليس قلة وفاء منا اننا لانريد مناقشة قانون الحكومة، على النقيض فهو قريب الى تفكيرنا، وقلنا اننا مستعدون لمناقشة الـ 15 دائرة اذا كانت الـ 13 سيئة. كان يجب التفتيش عن قاسم مشترك، وكان انجازاً كبيراً ان تعاود اللجنة الفرعية اجتماعاتها بعد الاحداث التي حصلت بعيد تأليفها. من اغتيال اللواء وسام الحسن الى مقاطعة الحكومة وعدم حضور جلسات مجلس النواب وتعطيل جلساته... عندما عادت اللجنة الى الاجتماع كان لا بد من تجنب ما يعطل اجتماعاتها بالاصرار على مناقشة قانون الحكومة. الليونة بدأت بالبحث عن قواسم مشتركة يمكن الجميع مناقشتها.
 

بين القانون والسياسة ■ في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة كان واضحا تغليب الفريق الاكثرية في الحكومة الخيار السياسي على الرأي القانوني. هل يمكن ان تكون الحكومة خارج القانون لمصلحة سياسية انتخابية؟
- في النهاية القانون يصنعه السياسيون والكتل النيابية. مثلما المجلس النيابي سيد نفسه كذلك في مجلس الوزراء هناك اكثرية نيابية تصوت، تمشي او لا تمشي. هناك تحالف كبير في البلد اليوم يرى ان هناك هواجس عند فئة كبيرة ومهمة من اللبنانيين يجب مراعاتها، هي الطوائف المسيحية. عندما نرى حليفنا الاكبر "التيار الوطني الحر" ومعه بكركي و"القوات اللبنانية" والكتائب و"المردة" وجميع المسيحيين يصرخون نحن مظلومون ولا يمكننا الاستمرار وهناك من يصادر قرارنا السياسي، هل يمكن تجاهل هذا  الامر؟ كيف ستكون صورة لبنان اذا كانت الطوائف المؤسسة فيه تشعر بالظلم ولديها شعور بالخوف ينميه ما يجري حولنا في المنطقة؟
■ هل إزالة الظلم والخوف يكون بتجذير المذهبية؟
- كلا. "الأرثوذكسي" هو آخر الكي، أو أبغض الحلال. لذلك نفتش عن حلول أخرى لا توصلنا اليه. هناك خيار آخر هو القانون المختلط الذي يزيد التمثيل المسيحي الى حد كبير، ويحافظ في الوقت نفسه على المزيج الاجتماعي، والأهم انه لا يتطلب تغييرا  في جغرافية الدوائر، فتبقى دوائر مختلطة في معظم المناطق، ويعتمد طريقة انتخاب جديدة هي النظام النسبي. ليس طموح اي لبناني الوصول الى مرحلة يكون فيها قانون الفرز الطائفي هو المعتمد في لبنان، لكن في الوقت ذاته نسمع صوت الوجع عند فئة اساسية من اللبنانيين، فكيف نتكلم على عيش مشترك اذا كانت هناك فئة من اللبنانيين مهمشة، وتشعر انها مهددة بالهجرة والاضطهاد، وترى ما يجري حولها في المنطقة وما يحدث للاقليات فيها، وتريد التمثيل الصحيح؟ حليفنا مكون اساسي من هذه الفئة، فكيف أجعلها تشعر بالاطمئنان، وأحافظ على هذا التحالف؟ يجوز انها تريد "الأرثوذكسي"، ولكن نقول لها لنفتش عن قانون آخر يعطيك تمثيلا افضل، ويرضي الآخرين الذين لا نريد ان نخسرهم ايضا. واذا افترضنا اننا مشينا بـ"الأرثوذكسي" بالنصف زائد واحد او اكثر، وبقيت مكونات اساسية خارجه، هذا ايضا امر سيء للبنان. لذلك مفروض ان نجد حلاً وسطاً. 
■ طرح رئيس الجمهورية الاساسي هو النسبية، وهو يصر على عدم التمديد لهذا المجلس، ويدعو الى الاتفاق على قانون يوحد اللبنانيين ولا يفصل بينهم مذهبيا.
- افهم هواجس فخامة الرئيس، ولديه دور اكبر يلعبه في التقريب بين الفرقاء بلقائهم ومحاولة حثهم للتوصل الى اتفاق. لا يمكن القول إما الستين وإما قانون الحكومة. هناك مشكلة، ويجب السعي الى قاسم مشترك بين الجميع. نحن والرئيس موقفنا واحد وينطلق من النسبية. لا خلاف في المنطلقات معه، وهو راعي الجميع والمرجعية الاساسية وهو حامي الدستور، يجب ان نتعاون جميعا لحلحلة مواقف الاطراف ولا نصل الى المجهول.

زيارة افريقيا ■ ما اهمية زيارة رئيس الجمهورية لأفريقيا؟
- احيي فخامة الرئيس على هذه الخطوة لانها التفاتة مهمة جدا، فهو يذهب الى اماكن لم يسبقه اليها احد. اعرف اهمية الاغتراب الافريقي وهو مصدر غنى وثروة للبنان، الناس صحيا وتعليميا واستثماريا، ترد الى لبنان في النهاية. ومرات كثيرة انتقدت وزراء الخارجية لعدم قيامهم بزيارات الى افريقيا. لا استطيع التعبير عن فرحتي بذهاب رئيس الجمهورية وليس وزير، الى هناك. 
■ ماذا يغير هذا الامر؟ 
- يغير كثيرا. عندما ازور احدا، فهذا يعني انني "اعمل له قيمة" وأنفتح عليه. آمل ان يكون هناك تحضير لتوقيع اتفاقات لحماية الاستثمارات وللتبادل التجاري وتسهيل اعطاء التأشيرات. الرئيس سيلتقي الجاليات، لكنه ايضا سيقابل المسؤولين في الدول، ويظهر في الاعلام، وسيعطي صورة جيدة عن حال لبنان والوضع فيه. هذه الزيارة هي للشدّ على يد الجاليات اللبنانية، واظهار الاهتمام بهم وتأكيد الوقوف الى جانبهم والاستماع الى مطالبهم، خصوصا بعد المشكلات التي تعرضوا لها من تهجير ومحاربة. انها مهمة جدا، والى الدول الخليجية  وأهميتها، واجبنا ان نبحث عن بلدان اخرى جديدة، يأتينا منها سياح وناس واستثمارات  وتبادلات تجارية.  
                                     
بري دعا الحريري ■ هل تؤيد كلام رئيس حزب "القوات اللبنانية" جعحع على ان هناك في لبنان حربا ضد السنة؟
- بالتأكيد لا. قد تكون هناك طوائف اخرى تشعر بأن السنة "مستقوون". لا اعتقد ان هناك حربا ضد احد. بالعكس اليوم، احيانا كثيرة يحصل استفزاز قوي وكلام كبير في شكل بشع لم نعتده في لبنان، ومع ذلك "نلاحظ وعيا عند الجميع لضرورة عدم الانجرار الى الفتنة. ورغم ان كلام الرئيس سعد الحريري كان عالي الوتيرة في ذكرى 14 شباط،  فإن قوله انه من غير المسموح حصول فتنة بين السنة والشيعة كان جيدا، وهذا ما يجب ان نعمل جميعا لتفاديه. البلد لا يمكنه ان يتحمل فتنة، وإلا ينفجر ويذهب الكل ضحيتها. ليس مسموحا لاحد ان يجر لبنان الى هذا الوضع. لذلك تمنى الرئيس بري على الرئيس سعد الحريري العودة الى لبنان لانه يمثل الاعتدال في طائفته. ما نحتاج اليه اليوم في لبنان هو تحالف الاعتدال في وجه موجة التطرف المخيفة التي يتحدث عنها القاصي والداني. 
■ ما رأيك في ما يحصل في عرسال؟
- الدول تقوم على مفهومين اساسيين هما الامن والعدالة. واذا خسرناهما لا يعود هناك بلد . احيي الجيش لانه تعامل بحكمة وجدية وحسم في الحادثة، ولم يتراجع عن ضبط الامن والدهم للقبض على المجرمين الذين قتلوا شهداءه، ولم ينجر في الوقت ذاته الى رد فعل عشوائي ولا يعمم على كل اهل البلدة.
■ هل انت مستعد للتقدم باقتراح قانون لتشريع الزواج المدني؟
- عندما كنت وزيرا في حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 1998 صوّت الى جانب الزواج المدني الاختياري. اتعجب للضجة المثارة الان لانه ليس المطروح تغيير قوانين الاحوال الشخصية، بل هي مسألة جغرافيا، اي تسجيل من يتزوج في لبنان، على غرار من يتزوج في فرنسا او قبرص.

may.abiakl@annahar.com