لم تشكل زيارة مفتي الجمهورية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون هدية مألوفة لقصر بعبدا وبكركي أمس.
 

وسط الحديث عن مناخات ايجابية في شأن عملية تأليف الحكومة تنتظر ترجمتها وتسييلها قبل الاعياد، وفيما سجل الجيش خطوة اضافية بارزة في مسار مواجهته مع الخلايا الارهابية في الداخل، لم تشكل زيارة مفتي الجمهورية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون هدية "مألوفة" لقصر بعبدا وبكركي أمس. بل بدت هذه الزيارة أشبه بمهمة رعاها النظام السوري مباشرة لتوظيف منبري القصر الجمهوري والصرح البطريركي في "التبشير" بنصر حلب الذي يقرع النظام طبوله.
وربما كانت الزيارة مرت بحد أدنى من الضجيج لو اقتصرت على المواقف "الودية" التي شاء المفتي حسون تغليف مهمته بها، لكنه سرعان ما بادر عقب لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى افتتاح مواقفه بعبارة " صباح حلب الحلو" الامر الذي بدا انه أحرج القصر فوزع تصريح المفتي خالياً من هذه العبارة. ثم أعاد الكرة في بكركي حيث لم يكتف بتمجيد "هذا اليوم المبارك يوم البشارة الحقيقية لسوريا التي تزغرد الآن لحلب"، بل تحدث عن توجيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "تحية حب الى سوريا وقائدها وجيشها وتهنئة بالانتصارات". ولم توزع هذه العبارة أيضاً في البيان الذي صدر عن بكركي.
في غضون ذلك، شكل إطباق الجيش على "خلية بقاعصفرين " الارهابية انجازاً اضافياً، خصوصاً ان عملية توقيف الافراد الاربعة للخلية جاءت بعد 48 ساعة فقط من اعتداء الارهابيين على حاجز الجيش في بقاعصفرين والذي أدى الى استشهاد جندي وجرح آخر. ونفذت عملية الدهم وحدات من مخابرات الجيش ووحدات اللواء العاشر وشملت ثلاثة منازل كان يختبئ فيها أفراد الخلية الذين ثبت من التحقيقات الاولية معهم انهم يرتبطون بتنظيم "داعش"، علماً ان البعد الخطر الذي كشفته عملية توقيفهم يتمثل في كونهم من ابناء البلدة. وأبرزت معلومات أمنية أهمية عامل السرعة الخاطفة التي طبعت العملية العسكرية اذ توافرت للمخابرات معلومات عن تخطيط لتنفيذ عمليات ارهابية اضافية تستهدف مراكز للجيش ضمن مخطط جديد.

جعجع في القصر...
اما على الصعيد السياسي، فعلمت "النهار" أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي زار قصر بعبدا أمس للمرة الاولى منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لمس لدى الأخير تفاؤلاً كبيراً بموضوع تأليف الحكومة وإن الرئيس عون يعوّل على المساعي التي يقوم بها "حزب الله" لتذليل ما تبقى من عقبات. كما يتوقع ان تؤتى هذه المساعي ثمارها آخر الاسبوع الجاري.وفي الوقت نفسه، لم يتطرّق البحث في لقاء بعبدا الى موضوع الحقائب.
وقد أكد الرئيس عون أنه يرفض الدخول في أية محادثات ترتد سلباً على موقع الرئاسة الاولى، مشدداً على التنسيق الكامل بينه وبين الرئيس المكلّف سعد الحريري. كما أكد الرئيس عون حرصه التام على تطبيق الدستور وإحترام المواقع الدستورية، موضحاً انه يمارس دوره إنطلاقا من الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور. وتطرق البحث الى قانون الانتخاب فأكد عون إصراره على إقرار قانون جديد وإجراء الانتخابات، على أساسه بما يعطي العهد إندفاعاً قوياً.
ووصفت مصادر "القوات اللبنانية" أجواء اللقاء بإنها كانت "وديّة للغاية وقد خرج جعجع بإرتياح كبير جداً الى التفاهم حول كل الملفات المطروحة. إذ شمل البحث تفصيلاً موضوع الحكومة فضلاً عن مواضيع أخرى معمّقة قصد جعجع طرحها تاركاً للايام كشفها وإظهارها".
ولوحظ أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" أدلى بعد لقائه رئيس الجمهورية بتصريحه الى الصحافيين في البهو الكبير لقصر بعبدا وهو المكان المخصص لرئيس الوزراء وكبار الضيوف. واعرب عن نفحة متفائلة بمسار الامور، اذ قال "إن هناك بحثاً جدياً لرفع الحظر عن مجيء الرعايا العرب الى لبنان وهذا كله بفضل العهد الجديد والتوجه الجديد". واذ تمنى تشكيل الحكومة قبل الاعياد، رأى ان الموضوع "سياسي ولا يتعلق بالحقائب". وأضاف ان البحث لا يزال مستمراً في حكومة من 24 وزيراً وان "القوات ليست العائق امام تشكيلها".
وفي معلومات لـ"النهار" إستقتها من مصادر خارج لقاء عون وجعجع أن رئيس الجمهورية سأل رئيس حزب "القوات اللبنانية" لماذا لا ينفتح على "حزب الله" عوض أن يهاجمه إنطلاقاً من ثقة عون بالحزب، فأجاب جعجع بأن ما يحصل أن "حزب الله" هو من يهاجم "القوات اللبنانية" بإستمرار ويضع عليها الفيتو تلو الفيتو، وتالياً فإن المشكلة عند الطرف الاخر وليست عند القوات".


.. وفرنجية في "بيت الوسط"
في المقابل، استقبل الرئيس الحريري مساء في "بيت الوسط" رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية، يرافقه وزير الثقافة روني عريجي، في حضور مستشار الحريري الدكتور غطاس خوري والسيد نادر الحريري. وتخللت اللقاء، مأدبة عشاء استكملت خلالها مواضيع البحث، ولا سيما منها ما يتعلق بالمشاورات والمساعي المبذولة لتشكيل الحكومة.
وصرّح فرنجية على الاثر بأن الرئيس الحريري "لا يرضى ان نكون خارج الحكومة ولا حتى حلفائي أيضاً ونحن نطالب بحقيبة أساسية ولا نريد أن نكسر أحداً كما لا نرضى ان يتم كسرنا". وأشار الى ان "هناك من يرفض مطلبنا من منطلق تحجيمنا ولا يمكن أحداً ان يحجمنا ولا نريد ان يحاكمنا أحد تأديبياً".
ولكن مصادر "تيار المستقبل" أبلغت "النهار" ليلاً أن هناك أجواء ايجابية برزت في اللقاء وسط توافق بين الرئيس الحريري والنائب فرنجية. وأشارت إلى أن كوة فُتحت في جدار المأزق تسمح بالأمل في اختراق حقيقي على أن يستكمل الرئيس الحريري مشاوراته مع الأطراف الاخرى وإن هذه الكوة رهن بتجاوب الأطراف.
وعلى رغم اقلاله من التعليقات على العقباتالتي تعترض تشكيل الحكومة، لم يخف رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط استياءه من المراوحة التي تشهدها عملية التأليف. واكتفى أمس بالقول لـ"النهار" إن "التأخير من لزوم ما لا يلزم واتمنى الا ندخل في دوامة أطول كالتي مررنا بها عند تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام".