توقع رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن أن ينتهي الاعداد لـ"طبخة" حكومية في آذار المقبل تكون نتيجة مشاورات بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتكون مؤشّراتها في تأمين قانون إنتخابي متوازن طرح مسودة مقاربة له بري بالمناصفة بين الأكثري والنسبي.

وفي حديث لـ"النشرة"، أكد الخازن أنّ كلا من سليمان وبري "حريصان على إحترام موعد هذا الإستحقاق الدستوري، لأنه يمثّل إنتقالاً وتداولاً في أهم معالم الديمقراطية التي تنتخب رئيسًا للجمهورية". وشدّد على أن "لا شيء يمكن أن يحول دون إتمام هذا الإنجاز الإنتخابي في 9 حزيران المقبل إلاّ في حالة شن إسرائيل حربًا مفاجئة على لبنان أو إذا طرأ، لا سمح الله، حدث أمني كبير داخل البلاد".

 

 

عبور خاطف ومشهد استثنائي
وتطرق الخازن لزيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى دمشق، لافتا الى أن أهمية هذه الزيارة تكمن في كونها أتت في لحظة تاريخية فاصلة في معاناة المسيحيين مع إخوانهم السوريين من كل الطوائف مأساة الأحداث الدامية في بلادهم. وقال: "إنها عبور خاطف لحاجز الخوف لتأدية واجب المشاركة في إحتفال تنصيب بطريرك جديد للطائفة الأرثوذكسية في قلب العاصمة السورية وفي كنيسة الصليب المقدس". وأضاف: "إنه مشهد إستثنائي لأقطاب الكنيسة المارونية البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والبطريرك المُنَصّب على رأس الكنيسة الأرثوذكسية يوحنا العاشر اليازجي وبطريرك الكنيسة الكاثوليكية غريغوريوس لحام وسائر آباء الكنائس المسيحية الأخرى".
واعتبر الخازن أنّ هذه الخطوة "وفي عمقها التاريخي والرمزي الروحي تُعتبر مناسبة نادرة للتأكيد على الدور المسيحي الكبير تجسيدًا للتجذّر في أرض إحتضنت التراث المسيحي حتى أنطاكيا التي كانت جزءًا من سوريا قبل أن تفصلها معاهدة الإقتسام في سايكس- بيكو ما بين الإنكليز والفرنسيين عام 1939 لصالح تركيا". وقال: "أوليس كل من البطريركين الراعي واليازجي هما بطريركَا لبنان وسوريا وأنطاكيا وسائر المشرق يوم شهدت أنطاكيا إنتخاب خمسة باباوات في عاصمة الكثلكة في روما، وبانتخاب من الرومان؟" وسأل: "أوَيمكن لهؤلاء القادة الروحيين والمؤمنين أن يتجاهلوا أو يتغاضوا عن هذا الإرث الروحي العريق في ممارسة عقائدهم بمثل هذه المناسبات في الخفاء بعيدًا عن مسرحهم الحقيقي الذي كان جسرًا لأهم رسولين بطرس، الذي بنى الصخرة العظمى في حاضرة الفاتيكان، ناهيك ببولس الرسول الذي يعمر الكتاب المقدس بأقواله التي سمعها من فم يسوع خلال رحلته الخلاصية على الأرض؟!"

 

نِعمَ هذه الزيارة!
وأضاف الخازن: "إذا كانت هذه الزيارة قد أعطت زخمًا روحيًا من وحي هذا الماضي الزاخر بالمآثر، ليس أقلها يوحنا الدمشقي الذهبي الفم، فنِعمَ هذه الزيارة لأنها جاءت لتحيي الأمل والإيمان بالإنتماء الروحي إلى المشرق وهي أبلغ من أيّ عرض متطرّف شاب إنتفاضات الشعوب العربية وحرّف مسيرتها المطلبية إلى أهداف سياسية عبر التشويه بحقيقة الأديان السماوية والعيش المشترك بين الديانات والقوميات المختلفة!". أما الأوكسجين الذي الذي ضخته هذه الزيارة، فلفت الخازن إلى أنه "موجّه إلى هؤلاء المؤمنين ليرسّخوا وجودهم في أرضهم".
وردا على سؤال حول التحذيرات التي أطلقتها بعض قوى المعارضة السورية متحدثة من تداعيات كبيرة لزيارة الراعي الى دمشق، قال الخازن: "من الطبيعي أن تُستغلّ هذه الزيارة على الصعيد السياسي، لا لشيء إلاّ لإلصاقها بالسياسة وبالحضور الرسمي المواكب لهذا الإحتفال، وهو على أي حال تقليد لم تتخلّف عنه الدولة في واجباتها وفي تعاطيها مع الأديان على قدم المساواة" لافتا الى ان "الإشكالية تكمن في التشويش على هذه الزيارة بمعناها المركزي إلى عاصمة الأمويين وإلى سوريا، التي عرفت في القرن السابع عشر فيضًا مسيحيًا كبيرًا له دلالاته في التعبير الملازم للبطريركيتين المارونية والأرثوذكسية: "بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق"!

 

 

لا خلفيات سياسية لاستقالة البابا
واذ جزم الخازن بألا خلفيات سياسية لإستقالة البابا بنيدكتوس السادس عشر، لأنه خليفة الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني وأمين سره في مسيرته الكنسية القيادية، شدّد على ان "قصة إنتخاب أي بابا جديد تخضع لخلوة الكرادلة وعزلهم عن العالم الخارجي وتأثيراته". وأوضح أنّ الكرادلة يستلهمون حكمهم في أي خيار بالعودة إلى التداول والتشاور في إسم البابا الجديد الذي يتجرّدون فيه من أي تأثير إلاّ وجدانهم الروحي في محراب القداسة والوحي الذي يرفرف في أجواء ورحاب تلك الخلوة المقدّسة التي تمثّل بحد ذاتها إطارًا لتكوين ملامح البابا الجديد".
و قال: "إذا كان البابا الذي عرفناه خلال زيارته لبنان في أيلول الماضي سنة 2012 في إطلالاته المختلفة لتقديم الإرشاد الرسولي الثاني من أجل مسيحيي لبنان والمشرق، إذا كان هذا البابا من طينة ذاك، فلا تاثير لأحد عليه، بل هو مَن يؤثّر ولا يتلقّى بمفهوم الكنيسة كلمة سره إلاّ من وحي الروح القدس الذي وجد نفسه معه عاجزًا عن أداء دوره القيادي في القدرة على ممارسة وأداء واجباته، فآثر أن يُخلي مكانه لبابا جديد قادر على القيام بهذه المهمة بهمة جسدية ملائمة".