على درب الثقافة وجدتها فإخترت أن أحاورها دنيتُ منها رأيتها عاصفة من الثقافة فاهتزت أقلامي واحتارت كلماتي كيف تحاورها فهي كاتبة وشاعرة إمتلكت الحرف هي عاشقة لكنها عاشقة الكلمة التي تلونت بين أناملها فصاغتها في قصائد ومنها في غيابك أنا شاعرة ،في حضورك أنا قصيدة إنها إمرأة تهوى الكتابة فالقلم يتعب بين أناملها فتبقى حازمة حتى لا تموت الكلمة بين دفاترها إنها ماري القصيفي وهذا الحوار .

عندما كنت أكتب أسئلتي وجدت نفسي في الموقف الصعب وجدت نفسي أمام قصيدة، وأكثر فمن هي القصيدة ماري القصيفي؟

كتبتُ مرّة: "في غيابك أنا شاعرة/ في حضورك أنا قصيدة"، فأن أكون القصيدة يعني أنّني في حضرة العشق، العشق في المطلق. ويا ليتني أبقى كذلك، لكنّ الغياب، غياب كلّ من وما يمكن أن نعشقه، يعيدني شاعرة تكتب ذاتها قصيدة، بقدر ما تكتب الآخرين وتكتب عنهم. لعلّني ماري القصيفي العاشقة أبدًا، وعشقي الأوّل والأخير هو للكلمة.

كيف تبدأ لديك طقوس الكتابة ،متى يشتعل القلم بلهيب الروح ؟

قد يتعب القلم، أو تئنّ أناملي من مشقّة الضرب على لوحة المفاتيح في اللابتوب، لكنّ الكتابة لا تتوقّف في رأسي. فكلّ كلمة تقال عفوًا أمامي مشروع كتابة، وكلّ مشهد قد يراه سواي سخيفًا أو عاديًا هو نواة قصّة أو بذرة قصيدة أو موضوع مقالة. مرّات أستعجل عمليّة الكتابة كي تخرج الأفكار والمشاهد من رأسي، فأراها أمامي مجسّدة ثمّ مطروحة أمام الآخرين، ومرّات أحارب فكرة الانصياع لمزاج الكلمات التي تعصف في الرأس، وأحاول أن ألهي نفسي عنها. وأعترف بأنّني غالبًا ما أخسر أنا وتربح هي.

بداية الشعر في ماري القصيفي ، كيف بدأت أولى الكلمات وإلى أين الآن تنتهي ؟

لا أعرف إن كان كلّ ما أكتبه شعرًا، بحسب تعريف النقّاد والدارسين للشعر. ولكنّي أعتقد أنّ الكتابة  بدأت تداعب خيالي حين قرأت أوّل كتاب أعجبني وأردت أن أكتب مثله. وأقصد بذلك أنّ المطالعة التي أدمنتها صغيرة، هي التي قادتني إلى الكتابة، كأنّني أردت أن أنضمّ إلى حلقة هؤلاء الأدباء وأن أخترع مثلهم عوالم لا تشبه ما يعرفه سائر الناس. وحين كتبت النصوص الأولى اكتشفت أنّ في الأمر متعة ومخاطرة وفرحًا وحزنًا وتحديًّا، وبالتالي حياة مثيرة تتجدّد مع كلّ نصّ.

ماري القصيفي لبنانية ـ كيف ينظر الشعر اللبناني الى المرأة ، هل أخذت المرأة حقها في الشعر ؟

لا أحد في لبنان أو في العالم العربيّ أخذ حقّه في الشعر الذي يعاني من ابتعاد الناس عنه. ويكفي أن نعرف عدد النسخ التي تباع لديوان شعر كي نفهم حقيقة الأمر. وفي العودة إلى السؤال، التجارب النسائيّة في الشعر اللبنانيّ حاضرة بقوّة، وقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعيّ في تعريفنا إلى تجارب جديدة لافتة ما كان يمكن لأيّ دار نشر أن تتبنّاها. صحيح أنّ هذا الشعر لا يزال في مرحلة التجريب والاختبار، لكن من الممتع أنّنا نواكب تشكّل أنواع كتابيّة جديدة وجريئة. ولعلّ أكثر ما تعانية المرأة في مجال الكتابة عمومًا، لا الشعر فقط، هو انصرافها طوال الوقت إلى محاولة إقناع القرّاء أنّ حياتها الشخصيّة ليست حتمًا مادة نصوصها. وهذا أمر يأخذ من طاقتها ويلهيها عن الانصراف بكليّتها إلى عوالمها الشعريّة المتخيّلة.

"أحببتك فصرت الرسولة " ما هي رسالتك ؟

الكلمة الأولى "أحببتك" فذلك يعني أنّ الرسالة هي العشق. لكنّ الرسولة، في كتابي هذا، ستواجه ما يواجهه الرسل عادة، الاضطهاد والخيبة وربّما الموت.  

" خذني الى ديارك الأولى وعلى تربة طفولتك مددني جسد إمرأة واحتمال حلم" ماذا تقولين هنا؟

يصعب عليّ أن أشرح كلماتي بكلمات أخرى، فكأنّني أنقلها من حالة شعريّة مجرّدة إلى حالة نثريّة محسوسة. لكنّني أجيب بأنّني أريد العودة مع الحبيب إلى بداياته هو، إلى مرافقته منذ الطفولة على درب الحياة، فمن هناك يبدأ الحلم ومن هناك تتكوّن ملامح المرأة في ذهن الطفل الذي سيصير رجلًا.

 

"الرجل الذي يتنزه كل ليلة قرب النهر لم يصل مرة الى النبع" ماذا يمثل الرجل في حياة الشاعرة وفي حياة ماري القصيفي ؟

هو الذي يشبه الكتابة. رجل يتجدّد كلّ لحظة كما أنّ الكلمة نفسها تتجدّد في كلّ نصّ وبحسب السياق. ولذلك فمجموعة نصوصي الجديدة تحمل هذا العنوان: "إلى رجل يشبه الكتابة". وهذا الرجل له سموّ إله ورغبات شيطان، وهو الذي أكتب له وعنه، وأجعل الرجال يغارون منه ويحسدونه. يكاد لا يشبه أحدًا، وإن وجد فيه بعضهم ملمحًا من ملامحهم.

 

 شاعرة وقاصّة وروائية وإعلامية وتربوية وماري القصيفي ...ألم تكتفي بعد ؟

يمكن لي أن أكتفي الآن وأعتزل النشر والعمل، فأنا في طبعي يسهل عليّ أن أتخلّى عن أيّ شيء. وتجربتي في الكتابة باسم مستعار في البداية هي لأنّ أمر الشهرة والانتشار لا يعني أكثر من حجمه. ولكن في المقابل يمكن لي كذلك ألّا أكتفي بل أجرّب أكثر، وهذا ما فعلته حين جرّبت الترجمة فنقلت من الفرنسيّة روايتَي "قاديشا" لألكسندر نجّار و"جمهوريّة الفلّاحين" لرمزي سلامة. الأمر مرهون على الأرجح بحريّتي ومزاجي.

ماري القصيفي الروائية لماذا تترك القارئ في حيرة من أمره... وأمرها ؟

لأنّ القارئ شريك في الحيرة، كما هو شريك في إعادة إنتاج العمل الروائيّ. فأنا في بداية عملي الروائيّ "كلّ الحقّ ع فرنسا" أردت للقارئ أن يضيع في كثرة الأسماء والشخصيّات كما حصل للراوية "زاد"، وفي النهاية أردته أن يتخيّل الخاتمة كما يشاء، فهل يريد أن تترك زاد لبنان وترحل خلف سامي، أم تبقى هنا؟
اعتقد أنّ الحيرة قدرنا جميعنا في هذه البقعة من العالم.

ماري القصيفي في " أحببتك فصرت الرسولة "و " نساء بلا أسماء "و " رسائل العبور " "كل الحق على فرنسا " وغيرها الكثير أيها أحب إليك ؟

يبقى العمل الأوّل "لأنّك أحيانًا لا تكون" عزيزًا عليّ لأنّه مغامرتي الجريئة الأولى في النشر من دون أن أعرض مسودّة العمل على أحد. والأعمال الأخرى تتميّز لأنّها لا تتشابه، فكلّ منها من نوع أدبيّ مختلف. لكن رواية "كلّ الحقّ ع فرنسا" لها مكانة خاصّة لأنّها كانت في بالي منذ زمن طويل، ورافقتني شخصيّاتها طويلًا، وحين صارت في كتاب ظننت أنّني ارتحت منها، لكن مع كلّ ندوة أو حوار صحافي تعود هذه الشخصيّات إلى الحياة بزخم وقوّة.

كيف تجد الشاعرة ماري القارئ العربي ؟

القارئ العربيّ كسول ولا يحبّ القراءة. وحجّة غلاء الكتب والرقابة لا تقنعني، لأنّ شبكة الإنترنت اليوم تؤمّن كلّ ما يمكن أن يساعد على المطالعة ومع ذلك فالقارئ العربيّ يمضي الوقت في الدردشة. ولقد لاحظت مثلًا عبر صفحتي على الفيسبوك أنّ عدد القرّاء ينخفض حين أضع رابطًا لنصّ طويل لي منشور على مدوّنتي، في حين أنّ شذرة شعريّة من سطر أو سطرين تجذب في دقائق عددًا لا يستهان به من علامات الإعجاب (اللايكات) والتعليقات.

 

ماري القصيفي الناقدة ماذا تقولين لك ؟

أوّلًا اسمح لي أن أوضح بأنّني لست ناقدة بالمعنى العلميّ الأكاديميّ للكلمة. أنا قارئة جيّدة وناقدة انطباعيّة إن جاز التعبير، أي أنّني أعطي رأيي كمتابعة للحركة الثقافيّة، لكنّي لا أدّعي التخصّص في المجال النقديّ. ومع ذلك فأنا أكثر قسوة على نفسي من سائر النقّاد، لذلك تأخّرت في النشر، وما زلت. ويعجبني أولئك الذين ينشرون الكتب بالعشرات وفي مختلف الموضوعات، وأحسدهم على جرأتهم وثقتهم بنفسهم. أنا أكتب طيلة الوقت، ونادرًا ما أعود إلى قراءة ما كتبت إمّا لأنّه كان يمكن أن يكون أفضل، وإمّا لأنّ موضوعًا آخر ينتظر أن أكتب عنه.