أخطأ نائب زغرتا سليمان فرنجية أكثر من مرّة منذ اتفاقه مع الرئيس سعد الحريري على خطّة توصله إلى رئاسة الجمهورية وتوصل الثاني معه أو بعده بقليل إلى رئاسة الحكومة. أخطأ أولاً مع حليفه "حزب الله" بعدم اطلاعه على التفاصيل الكاملة والدقيقة في مرحلة التمهيد للاتفاق المذكور وبعد التوصّل إليه، وللأسباب التي دفعت أميركا والمملكة العربية السعودية وفرنسا والفاتيكان إلى تأييد ترئيسه. وتابع تحرّكه رغم "نقزة" "الحزب" وإعلان أمينه العام لاحقاً أن له ولحلفائه مرشّحاً واحداً للرئاسة هو العماد ميشال عون. وبقي على موقفه ونفّذه. وأخطأ نائب زغرتا سليمان فرنجية أيضاً مع أسد سوريا حليفته الإقليميّة الأولى وحليفة عائلته من زمان، وذلك بتمسّكه بترشّحه للرئاسة عبر اتفاقه مع الحريري رغم نُصحها له ثلاث مرّات مباشرة وبالواسطة بالبحث في هذا الموضوع مع السيد حسن نصرالله. وأخطأ نائب زغرتا سليمان فرنجية أخيراً مع العماد ميشال عون بانتقاده الشديد له من على شاشة التلفزيون وخارجها رغم نصح "حزب الله" له بالتروّي حرصاً على وحدة الصف. واستمرّت سلبيّته حيال من "خطف" قصر بعبدا منه في أشكال متنوّعة. طبعاً لا يعني ذلك أن "جماعة" عون لم تخطئ مع فرنجية. فهي واجهته بتصرّف مماثل في الإعلام وفي المواقف السياسية التي كان يُطلقها البارزون فيها ومنهم الوزير جبران باسيل.
لماذا الكلام عن هذه الأخطاء الثلاثة؟ لأن "جماعة" عون وبعد وصوله إلى الرئاسة ترتكب مثلها مع فرنجية ومع شخصيات سياسيّة مسيحيّة منتمية إلى فريق "8 آذار" وأخرى صديقة له أو بالأحرى لزعيمه "حزب الله". ولأن هذا الأمر يثير القلق في نفس قيادة هذا "الحزب" رغم اقتناعها بأن تمسّكها بعون وإيصاله إلى الرئاسة كان قراراً صائباً ووطنياً، وحرصها على مساعدته على تجاوز المطبّات الكثيرة أمامه سواء من فريقه الخاص (التيار الوطني الحر) أو من حليفه الجديد (القوات اللبنانية). والقلق، والعهد العوني لا يزال في أوّله أي في ما يُسمّى "فترة السماح"، يثير تساؤلات كثيرة، منها أن فرنجية يريد أن يتمثّل في الحكومة لأنها حكومة وحدة وطنيّة، وهذا حقّه. لكن الرئيس عون أو ربما "الخليفة" جبران باسيل يرفض أن يكون وزير فرنجية من حصّة الرئيس أو حصّة تيّاره وكتلته النيابيّة. فضلاً عن أن أحداً من المكلّفين التعاطي مع الموضوع من جهة عون لم يتصل حتى الآن بفرنجية لاستمزاج رأيه. كل الاتصالات تجري بالواسطة وخصوصاً عبر الرئيس نبيه برّي. علماً أن الموقف المفضّل عند هؤلاء هو إقصاء فرنجية والهدف الفعلي من ذلك هو رغبة باسيل الشديدة في خلافة عمّه عون في الرئاسة عند انتهاء ولايته بعد ست سنوات أو عندما يستعيد الله أمانته أو وديعته. والناخب الرئاسي الأكبر في الداخل سيبقى على ما يبدو "حزب الله" ومع حليفه الإقليمي المعروف إيران وسوريا الأسد، إلّا إذا حصلت تغييرات كبيرة في المنطقة تطيح كل شيء وتفتح الباب امام خيارات أخرى وإن غير مستحبّة. وأحد المرشّحين للخلافة هو فرنجية الذي استمر وسيستمر حليفاً لـ"الحزب" وحلفائه الخارجيّين. وطبعاً لا يكفي إقصاؤه عن الوزارة لإزاحته من "الدرب الرئاسي"، بل يجب أيضاً إبعاده عن مجلس النواب في الانتخابات المقبلة بعد نصف سنة أو أكثر. وذلك أمر غير مستحيل في ظل تحالف "التيّار" ورئيسه باسيل مع "القوّات" وتعاونهم مع معارضي فرنجية في زغرتا. فضلاً عن أن تحالفاً أوسع يضم "تيار المستقبل" قد يجعل الشمال النيابي كلّه مواجهاً لا لفرنجية وحده بل لـ"الحزب" وحلفائه.
ومن الأمور المثيرة للقلق أيضاً رفض جماعة عون تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي بوزير من حصة "الرئيس" أو "تيّاره" أو كتلته النيابية، ومنها ثالثاً شعور نواب وسياسيّين مسيحيّين حلفاء لـ"الحزب" بعضهم من "التيّار" بالخوف على نيابتهم في ظل اتفاق "التيار" و"القوات" في المناطق المسيحيّة. ومنها ثالثاً الخوف على جزين وتأثير الرئيس نبيه برّي فيها من التحالف نفسه. ومنها رابعاً الخوف على جنبلاط في الشوف والاقليم بل في "الجبل الدرزي" إذا جاز التعبير ومن التحالف نفسه. طبعاً لا يزال سابقاً للأوان الخوض في مصير قلق "حزب الله" وهل يتحوّل خوفاً أو سيتبدّد. لكن طرح بعض أسبابه رغم أنها كثيرة، ضروري كي يقوّم الناس بدقّة الأوضاع الراهنة.