بلباس أسود ووجوه ملثمة، استعرض الوزير السابق وئام وهاب قوة عناصر جيشه الجديد "سرايا التوحيد" في بلدة الجاهلية- الشوف. وعلى وقع موسيقى النشيد "نحنا القوة الما بتهاب.. نحن جيشك يا وهاب" الحماسية بصوت المنشد علي بركات، نزلت العناصر من أعالي الجدران بواسطة الحبال حاملةَ شعار "لبيك يا سلمان" (نسبة إلى الصحابي الجليل سلمان الفارسي الذي يقدمه المسلمون الدروز على بقية الصحابة ويرون فيه أحد مصادر عقيدتهم) الشبيه بشعار "لبيك يا حسين" و"لبيك يا نصر الله"، ثم تأهبت معرفة عن نفسها باستعراض أقرب الى الكشفي وتمارين رياضية.

وفي سياق رمزيات المقاومة التي ظهرت في شكل العرض، من الضروري الالتفات الى ان الاستعرض كان منظماً بشكل دقيق، حتى ذهب البعض الى تشبيهه باستعراض "حزب الله" بساحات الوغى ببيجي العراقية في "يوم القدس"، مع اختلاف غياب السلاح، من دون الاغفال عن توقيته الموازي لاستعرض "حزب الله" في القصير، المدجّج بالأسلحة الثقيلة والمدفعيات والدبابات.

المشهدية كانت مخيفة للوهلة الأولى، إلا أن وهاب حاول طمأنة الجميع بقوله "السرايا هي لخدمة الدروز بشكل خاص ولبنان بشكل عام"، ثم أضاف موجهاً حديثه الى منتقدي الاستعراض: "نحن تحت سقف الدولة وجزء من المقاومة في أي عدوان اسرائيلي.. إنها ليست سرايا تخريبية بل هي سرايا التغيير". فما هي خلفيات الإعلان ورسائله؟

رسالة درزية الى العهد

في هذا الصدد، لفت الخبير الاستراتيجي والاستاذ الجامعي العميد المتقاعد الياس حنا الى أن "العرض في الشكل تنظيمي، واللباس منظم، مع اهمية الالتفات الى غياب السلاح، أما الخطاب فكان قاسياً"، مشيراً إلى أن "العرض نُفذ بمشاركة درزية سورية- لبنانية في وقت تتشكل فيه الحكومة الجديدة، وبالتالي فإن الرسالة درزية موجهة للعهد الجديد وللنائب وليد جنبلاط تحديداً"، اما عن تداعياتها، فإن العرض عشية الاستقلال تحديداً "يضرب سياسة الدولة والعهد".

وأشار حنّا الى أن "الصراع هنا درزي-درزي"، شارحاً أن "وهاب لا يستطيع أن يقيم مهرجاناً كهذا على الصعيد الوطني دون حماية على الصعيد الطائفي"، مضيفاً: "باختصار يطمح وهاب لحقيبة وزارية له وليس للدروز كما يحاول أن يوحي، كما يريد اعترافاً أنه يمثل الطائفة الدرزية، أو بعضاً منها، وأن وجوده أساسي، ولهذا السبب كان الخطاب في معظمه موجهاً برسائل انتقادية الى جنبلاط كمحاولة لمحاربته".

وعن المقارنة بين العرض العسكري الذي اقامه "حزب الله" في القصير والعرض الاخير في الجاهلية وتوقيتهما، يشير حنا الى أن "لا مقارنة أو ربط بين أهداف وحجم العرضين، فالاول يحارب في القصير وسوريا، كما أن 300 إلى 500 عنصراً لن يؤثروا على حزب أصبح لديه جيش كحزب الله".

وأضاف: "ما يحكى عن ضعف المؤسسة العسكرية والجيش غير صحيح، فاولاً موضوع الضعف هو موضوع نسبي، فمن قال إن الجيش الأميركي ليس ضعيفاً في مكان ما، لكن هل هذا يستدعي إنشاء جيش خاص في كل منطقة؟"!.

عرض قوة ورسائل غير معلنة

بدوره، يؤكد العميد المتقاعد أمين حطيط لـ"لبنان 24" أنه "للمرة الأولى ضمن الطائفة الدرزية يخرج صوت مستقل خارج الزعامات التقليدية الثنائية الدرزية جنبلاط - طلال ارسلان ويطلق سرايا خاصة به"، لافتاً إلى انه "يمكن أن نسميه عرض قوة وليس عرضاً عسكرياً، وذلك لغياب السلاح ضمن العرض".

وماذا عن الرسائل غير المعلنة التي أراد وهاب أن يبعثها من خلال "سرايا التوحيد"؟ يجيب حطيط إن "الرسالة الاولى هي ضمن الطائفة، بأن هناك موقع ثالث خارج البيت الدرزي التقليدي، والثانية ان هناك فريق مقاوم يلتحق بخط المقاومة ليس فقط اعلاميا (كما بدء منذ 2005 حتى الآن) بل بالانخراط الميداني ايضاً، من دون ان تتحول الى ميليشيا مسلحة للعمل الداخلي، هو يتميز عن اي طرف لبناني حالي". إذا، هي رسالة مزدوجة: عسكرياً الى اسرائيل، بمعنى آخر أن الجبل لن يكون أمناً للاسرائيليين كما حصل في عام 1988، وسياسياً الى الداخل.

هل نشهد تدخلاً للسرايا في سوريا؟

وفي حين أشار مراقبون الى أن العرض العسكري هو بمثابة توثيق رسمي لمشاركة "سرايا التوحيد" في الحرب السورية، وبعد التصريح الذي أكد فيه وهاب الى أنه "في أي عدوان آت سنتحول طرف عسكري ونحمل السلاح، وفي حين أن خط ومبادئ السرايا تابع لخط حزب الله والمقاومة، فهل نشهد تدخلاً للسرايا في سوريا؟ يلفت حطيط الى ما قاله وهاب للعضو المجلس السياسي في "حزب الله" محمود قماطي حين قال "نحن معكم"، قائلاً: "الجواب يختصر كل شيء، فوهاب مع الحزب في الرسالة السياسية الداخلية وتدخله في الحرب السورية أمر محتمل".

اما عن الجيش واحتمال إضعاف صورته في ظل تواجد وحدات لحماية المناطق خارج مؤسساته، فيجيب حطيط قائلاً: "الجيش لم يعط الوسائل المطلوبة التي تخوله الحماية، فحكومة الرئيس سعد الحريري منعت تسليح الجيش بالاسلحة المتطورة، ما استدعت انشاء وحدة حماية خاصة لمواجهة التهديدات الاسرائيلية".

كيف سيتم التنسيق بين الجيش اللبناني وسرايا التوحيد في الجبل؟ يرد حطيط: إذا تطور الامر وتسلحت السرايا، فإن التنسيق سيكون مشابهاً للتنسيق بين حزب الله والجيش".