لم يمر تشكيل الحكومة على الطريقة السهلة التي شهدتها البلاد لإنهاء الفراغ الرئاسي، ويبدو أن عوائق عديدة في سكة التشكيل تؤخر ولادة الحكومة العتيدة ومن أهم هذه العوائق المحاصصة السياسية وأختلاف الأقطاب والأحزاب على توزيع الحقائب ولم يتم التفاهم بعد على الحصص وتوزيع الوزارات.
لم يستطع الزعماء السياسيون استنساخ التجربة الرئاسية على مساعي التشكيلة الحكومية فبقي الجميع أسرى مصالحهم وطموحاتهم الشخصية والحزبية في صراعات خفية على غنائم الوزرات وفي سجالات سخيفة حول ما هو سيادي من الوزارات وما هو عادي منها، في لغة أصبحت من ثوابت المجتمع السياسي اللبناني من جهة ومن جهة ثانية أصبحت مدعاة للقرف على الصعيد المدني والشعبي.
لا يوجد أي عامل سياسي يستدعي تأجيل ولادة الحكومة التي أصبحت تشكيلتها في عهدة الرئيس العماد ميشال عون إلا أن المستغرب أن يلجأ الرئيس إلى تأخير الإعلان ربطا بمواقف سياسية من هذا الطرف أو ذاك في مؤشر يقود الى عدم حيادية الرئيس في الوقت الذي يتحتم عليه إطلاق عجلة العهد الجديد بسلاسة وموضوعية إنسجاما بتعهداته في خطاب القسم وإنسجاما بالإيجابية التي تعامل بها الأفرقاء السياسيون خلال انتخابه رئيسا للجمهورية .
إن مبررات تأخير الإعلان عن التشكيلة الحكومية لم تكن بالمستوى المفترض أن يبدأ به العهد الجديد وبالتالي فإن الخضوع لمبدأ المحاصصة من شأنه أن يسيء للعهد الجديد وانطلاقته الموعودة التي بدأت بخطاب القسم وما تضمنه من قيام جمهورية جديدة تقوم على محاربة الفساد السياسي والأطماع السياسية .
لا تزال البلاد أمام استحقاقات مصيرية داخلية وخارجية لذا فإن استكمال بناء الدولة عبر الإعلان عن التشكيلة الحكومية هو أمر ملحّ وضروري دون النظر إلى صغائر الأمور التي لن تعود إلا بالضرر على العهد الجديد وسياسته في بناء الوطن والجمهورية .
إن الإعلان عن التشكيلة الحكومة هو واجب وطني على الرئيس والقوى السياسية المبادرة فورا إلى إنجاز هذا الاستحقاق لمواكبة التطورات السياسية  الداخلية والخارجية ولمواكبة الاستحقاقات المحلية التي تنتظر ولادة الحكومة و استكمال العهد الجديد  .