لقد خلقَ التفاهم الأميركي – الإيراني توافقًا لبنانياً أدّى إلى إنتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً، وإلى تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة تتّسع للجميع، شرط استبعاد حلفاء سورية عن الوزارات الحسّاسة والأساسية، ومنح البعض منهم وزارة بلا حقيبة، إن لم يجتهد الرئيس المكلّف ويعتمد الوزراء من ضمن صيغة التفاهم الجديد، والذي سيكرس توازناً جديداً يُخرج الحلفاء التقليدين لسورية من دائرة الطبقة السياسية التي فرضوا عليها ردحاً من الزمن ومنذ عهد الوصاية. وقد يغيب حزب البعث ومعه القومي السوري عن التشكيلة الحكومية وشخصيات كانت معتمدة في الحصة الوزارية وباتت بحكم المُقالة من دوره لانتفاء الأسباب الموجبة لضرورة توزيرها امتثالاً لأوامر كانت نافذة بحكم إدارتها للسلطة في لبنان.
 

حاول ويحاول الرئيس نبيه بري إنصاف قائد المردة في وزارة سيادية من خلال التفاهم مع الرئيس المكلّف على ذلك، ويبدو أن الفيتو يحاصر الوزارة السيادية لسليمان فرنجية من قِبل جهة  تضغط  وبقوّة على عدم التوزير أصلًا بغية الوصول إلى تمثيل خجول لشخص لطالما كان منعماً في الحصص الوزارية طوال الحكومات السابقات .

وَهْن النظام السوري والحرب التي كشفت عن بؤسه السياسي والأمني أخرجته من قوّة فعله في لبنان، وباتت تأثيراته بالواسطة وبالتمني على الإيراني الذي خلف السوري وحلّ محله كدور مؤثّر وفاعل في السياسة اللبنانية، وهذا ما أضعف مجموعة حلفاء النظام السوري ووضعهم خارج الحسابات السلطوية، فباتوا يتطلعون بكثافة وبعين الرضا إلى حزب الله وحركة أمل كي يكون لهم موقع قدم في التركيبة السياسية وداخل السلطة.

منذ الانسحاب السوري من لبنان وحلفاء النظام السوري يشكون من وهنٍ أصابهم، وهم يفقدون تدريجباً موقعهم الذي احتلوه بواسطة حزب الله وحركة أمل وبطلب وإصرار من النظام السوري. وبعد انتفاء دور سورية في لبنان يصبح وضع المستفيدين من العلاقة مع سورية خارج سور السلطة أمراً طبيعياً خاصة وأنّ التفاهم القائم اليوم قد رتّب روزنامته السياسية بطريقة مستبعدة للدور السوري سواء بالوكالة أو بالأصالة، وقد شرع الباب نحو مرحلة سياسية عبر سورية أي باستبعاد من هم محسوبين على النظام السوري من أي دور طليعي.

إذا جاءت الحكومة غير مطعّمة بأشخاص مُوالين للنظام السوري يعني أن سياسة الاستبعاد قد بدأت وأنّ الاستحقاق النيابي قد يشهد أيضاً ضموراً ما للموالين للنظام السوري، وبذلك تكون مقولة أن هناك توازناً جديداً قد قام في لبنان، حقاً قد قام.