بدايةً، إنّ الحديث عن الفكر العربي والإسلامي المشرقي أمر بمنتهى الأهميّة في أيامنا هذه، إذ إننا نشهد هبوطًا نوعيا على صعيد الأدب والمبادئ والحكمة بالنسبة للعقل المشرقي، خاصة  المشرقي الإسلامي اليوم، حيث صار التكفير سمة هذا المجتمع، فما هي هذه التحولات وما هذا السر الذي وراءه ؟ 
منذ القِدَم و نحن نعرف ونقرأ روايات الانتصارات عند العرب و كم أنهم "أفحموا" كل المؤرخين بأنهم أبطال ولن يكتب التاريخ سوى بطولاتهم، و لن ترى عيون الفلاسفة إلا فروسية عنترة وإخلاص قيس لليلى وقصص الأبطال الذين لا يهابون النزال وصولا إلى فتح الأندلس، بالتأكيد لا شك أن العرب كانوا ينظرون إلى الحاضر بعين الترقبّب ويعملون جاهدًا في تحقيق التوسّع منذ عهد التاريخ، فلم يكونوا يملكون البصيرة ليفكّروا بالمستقبل، وكانوا لا يحملون همًّا أصلا ولا راية التجديد أو التفكير.
حقا باتوا مقلّدين. من هذا المنطلق نرى بأعيننا حجم هذه المصيبة التي منيت بها بلاد العرب من حروب ونزاعات. لا أخفي عليكم أنني قسوت بالتعابير لأن الحقيقة مرّة و تجرح أحيانا، وأوصلتنا إلى برّ الخطر وهي التي جعلتنا نصل إلى ما آلت إليه حال العرب والمسلمين في وجود سر صعب وغير معروف، هذا السر يكمن وراء هذا التأخر الذي جعل  منا تقليدين غير مجددين. 

ولفكّ هذا السر، يمكن أن نفكّر في وضع المسلمين وبعدهم عن معرفة وفهم توجيهات دينهم، لأنّ هذا الدين السَّمِح الذي أتانا به النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم أسدل وساعدنا في ميادين السياسة والاقتصاد والدبلوماسية التي لم تكن كتلك التي نراها اليوم.
هذه الأحداث أدّت إلى فقدان مجتمعاتنا العبادات وسقوط الأخلاق فيه، كما أدت إلى انتشار العصبيات والرذائل الاجتماعية، وأدّت بدورها تأثيرًا عنيفًا على الدعوة الإسلامية، وهذا ما سبّب بترك البعض للدين.
و تأتينا محاولات النفخ في الرماد من خارج العالم العربي بهدف تحقيق وترسيخ هذا التأخر والتخلف عن سائر الأمم مما أدى إلى ضياع أجيال كضحية لهذا العجز.. لا شك أن العرب اليوم يعيشون حالة ترقّب وقلق، ولا بد من الإشادة إلى الجهود التي يبذلها العرب لتحقيق السلام والتي لا تكفي ممكن،
 وذمّهم أحيانًا على ما يفعلونه بحق شعوبهم، وبالطبع لا ننسى هذا الصراع الكبير الذي برز بين الإيرانين والعرب والتعصب الفارسي الإيراني ضد العرب وصولًا إلى الحروب التي اختُتمت بعهد رئيس العراق صدام حسين.
ختامًا لا بد من القول: إنّ العرب عليهم أن يتطلّعوا بعيون التعطش إلى التطور والتقدم والتخلص من هذا الفكر الداعشي، الذي بدأ ينتشر،  والاستمالة لديمقراطية الغرب وحرية الأنظمة، وأن يحتفظو بقيمهم النيّرة كالنخوة والشجاعة والشهامة والمروءة والكرم فلا بد من وجود خطة لخلاصنا من هذه السقطة الأخلاقية والتحول إلى أناس أكثر ليونة بعيدا عن التكفير الذي أصبح آفةً في مجتمعنا اليوم، لا بد لنا أن نعود إلى الأمجاد...
 أما آن الأوان لننهض من جديد و نعيد ترميم حضارتنا ؟