الإشاعات التي بدأت تنتشر حول تحميل مسؤولية تعنّت الرئيس نبيه بري في ممانعته لوصول الجنرال ميشال عون للرئاسة للوزير علي حسن خليل، وعدم التقاطه إشارات التسوية بشكل صحيح هي شائعات مشبوهة تحمل وراءها غايات عديدة أبرزها الصراع على الوزارات من حصة أمل والنيل من شخص الوزير علي حسن خليل.
فالرئيس نبيه بري صمّام أمان هذا البلد ولا أحد يستطيع أن يغشّه فهو ابن السياسة اللبنانية وعرّابها الأول وما ممانعته لوصول عون للرئاسة إلا ممارسةً لقناعاته السياسية ومبادئه الخاصة، فالوزير علي حسن الخليل ليس في وارد أن يضغط على الرئيس بري وليس الرئيس بري من أولئك الأناس الذين يقبلون بهذا الدور.
أضف إلى ذلك أن ممانعة بري لعون ومعارضته له ليست بنت اللحظة التي ولدت فيها التسوية الرئاسية بل هي نتاج تراكم سنوات من التجربة والتعاطي مع التيار الوطني وعدم وجود كيمياء مع الجنرال عون، وما الانتخابات الرئاسية إلا محطة من هذه المحطات المتراكمة.
وقد أشاد الجميع بحسن إدارة الرئيس بري للجلسة الانتخابية وسموّ أخلاقه وعلوّ حسّه الديمقراطي وهو الذي كان قادرًا على تعطيل النصاب ولم يفعل لأنه مدرك جيدا أنّ الفراغ والشغور الرئاسي بات خطرًا، وعلى اللعبة الديمقراطية أن تأخذ مجراها حتى لو كان ثمنها وصول عون للرئاسة.
فلا شيء يؤشّر إلى وجود دور للوزير خليل في إرباك رؤية الرئيس أو التشويش عليه إلا إذا كان الهدف من هذه الحملة هو تشويه سمعة الوزير لإزاحته من المشهد السياسي.
فالوزير علي حسن خليل أثبت جدارته لسنوات وخصوصًا بعد فترة إغتيال الرئيس رفيق الحريري وتسلّم ملفّات عديدة أمنه عليها الرئيس بري، ولو لم يكن جديرًا بالثقة والأمانة ما كان الرئيس بري ليولّيه منصب المستشار السياسي الخاص به، وما كان ليعطيه وزارات حساسة ومهمة كالصحة والمالية خصوصا أنّ وزارة المالية هي أمّ الوزارات وهي التوقيع الوحيد للشيعة في السلطة التنفيذية.
فقد أثبت جدارته في المفاوضات بين المعارضة والسلطة قبل وبعد بدء جلسات الحوار الوطني مطلع 2006  وخلال حرب تموز حيث كان صلة الوصل مع السيد نصر الله وبعد الحرب إبّان نزول المعارضة إلى الشارع.
أما اليوم فقد خاض تجربة وزارية رائدة في المالية وأثبت جدارته بهذا المنصب وأظهر وعيًا عاليًا في الإدارة والشفافية والتنسيق مع باقي الأطراف السياسية للعمل نحو سياسة مالية أفضل للبلد.
وفي هذا الإطار يعتبر التهجم على شخص الوزير تهجّمًا وانتقادًا لخيار اتخذه الرئيس بري وإهانة شخصية لذكائه في الحكم على المواهب وإختيار الأفضل.
لقد أثبت الوزير علي حسن خليل في العديد من المحطات الحساسة بالبلد أنه أهل للثقة خصوصا في المفاوضات الجارية بين حزب الله والمستقبل وهو أصبح كانز أسرار الرئيس بري، ويعرف تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية والصالونات ودهاليز الحكم وهو يُراكم خبرة تجعل منه رجلا سياسيا بامتياز وذا رؤية وطنية وحس عالٍ من المسؤولية وحسن الإدارة والتدبير.
والتفكير بإزاحته في هذه المرحلة الحرجة هو قرار لا يصبّ في مصلحة حركة أمل أولا ولا الشيعة ثانيا لما يمتلك من مؤهلات تجعله أهلًا للمهمات الصعبة خصوصا لوزارة المالية.
ودولة الرئيس بري خير من يحكم على المواهب، فلا تهينوا الرئيس بري بالتصويب والتجريح على علي حسن خليل من حيث تدرون أو لا تدرون.