عندما يقول الرئيس نبيه بري بعد خروجه من الإستشارات النيابية سمّيت الرئيس سعد الحريري ظالماً أو مظلوماً لتشكيل الحكومة، وبهذا وفّيت ديني كاملاً، وان هناك قوس قزح من الخطوط الحمر والصفر والزرق، فمن الواضح أنه فتح "دفتر قيدية سياسية" جديدة، من شأنها ان تعيد عملية تأليف الحكومة ولو جزئياً، الى "السلة" التي كان قد دعا اليها عشية الإستحقاق.

خطاب القسم جاء مفعماً بالحديث عن التوافق والتفاهم بين كل الأفرقاء والحريري تحدث عن عزمه على تشكيل حكومة وفاق وطني، على أساس إجماع كل القوى حول مضمون خطاب القسم، الذي يصعب أن نتصوّر ان "حزب الله"، على رغم دعمه الطويل للرئيس ميشال عون، يمكن ان يستجيب ما ورد فيه لجهة "إبتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية والتزام ميثاق الجامعة العربية..."!
على الأقل لأن الحزب يقول إن قتاله في سوريا هو لمصلحة لبنان، وهو ما يتعارض جذرياً مع روح خطاب القسم، فهل نحن ذاهبون الى عقدة بين العهد والحزب على هذا الأساس؟
أنا لا أتصور ان هذا سيحصل، والدليل ان الحريري في إعلانه تأييد ترشيح عون قال إن "الصفحة الجديدة" تقوم على التفاهم مع عون على تحييد "الدولة اللبنانية"
[لم يقل لبنان] عن الأزمة السورية، والمقصود ضمناً إستثناء "حزب الله" من عملية التحييد لأنه يرفضها، ولهذا قد تبرز مشكلة عويصة على خلفية ان الحزب من المكوّنات اللبنانية لكنه لا يلتزم سياسة الدولة اللبنانية في العهد الجديد!
هل يكون الإخراج هو عدم مشاركة الحزب في الحكومة تلافياً للتناقض الواضح بين خطاب القسم وانخراط الحزب في سوريا وغيرها، وهل تجيّر كل الحقائب الشيعية في الحكومة الجديدة تلقائياً الى الرئيس بري، الذي كرر من بعبدا ان "كل شي بحسابو وعدس بترابو" بما يعني عملياً تعالوا الى السلة، وفي الأساس هو لم يطرح هذه السلة ممراً إلزامياً للرئيس الجديد، بل بوابة تفاهمات وطنية حول مجموعة من الملفات والقضايا من شأنها تسهيل إنطلاقة العهد وحكومته.
هل يعتبر "حزب الله" أنه سدد كل فواتيره لعون بوصوله الى قصر بعبدا، وهل يسهّل عليه انطلاق العهد على أساس عدم التزامه الأكيد لخطاب القسم، وهل يصبح الممر الشيعي الزامياً عبر مضيق عين التينة، التي سهّلت الإستحقاق بتأمين النصاب، ووفت الدين بتسمية الحريري، بما يعني الآن ان "كل شي بحسابو" والحساب صعب ومعقّد في الحصص الوزارية والحقائب السيادية والوزارات الخدماتية!
عندما يثني بيان مجلس الأمن على الرئيس بري لجهوده في تعزيز إستمرار الحوار بين جميع الأطراف اللبنانيين، نفهم إنه ثناء ضمني على سعيه لإرساء تفاهمات وطنية تسهل إنطلاق العهد الجديد، وأنه ليس من ممر خارج بوابة بري.