لو حاول علي أكبر ولايتي ان يستشير السيد حسن نصرالله في مضمون تعليقه على انتخاب الرئيس ميشال عون، لكان هذا التعليق بالتأكيد أتى مختلفاً، ولو قرأ جيداً خطاب القسم، لما أقحم عون في كل الاستنتاجات التي ساقها، ليقول مثلاً إن إنتخابه الذي يشكّل انتصاراً للمقاومة وأصدقاء ايران، سيؤثر على الوضع في سوريا بسبب دوره الإيجابي في دعم المقاومة هناك!
ولايتي لم يقدّم التهنئة مباشرة الى اللبنانيين ولا حتى الى رئيسهم المنتخب، هنأ السيد حسن نصرالله لأنه تبنى منذ البداية ترشيح عون، وليس من اعتراض على هذا طبعاً. ولكن عندما يقول ولايتي إن إصرار "حزب الله" على هذا الترشيح هو الذي أدّى الى انتخابه، فإنه يؤكد وجهة النظر التي اتهمت ايران بأنها هي التي تعطّل الانتخابات منذ سنتين ونصف سنة، في حين كانت كل التهم الإيرانية تقول إن السعودية هي التي تقوم بالتعطيل!
يستطيع ولايتي ان يقول ما يريد، كذلك يستطيع جون كيربي ان يقف في البيت الابيض ويوجّه انتقاداً شديداً الى الدعم الذي يقدمه "حزب الله" الى عون، قائلاً نحن مدركون لهذا لكننا سنحكم على الرئيس الجديد بناء على القرارات والإجراءات التي سيتخذها في تشكيل الحكومة اللبنانية وتوجيهها. ولكن أوليس من المفترض في طهران وواشنطن إعطاء الرئيس الجديد مئة ساعة على الأقل، قبل الإفاضة في التعليق والاستنتاج والتصرف، وفي العادة يعطى العهد الجديد مئة يوم؟
فعلاً أليس من المفترض التروّي والتمهّل قليلاً الى ان تظهر أبجدية العهد التي شدد عليها في كل فقرة من فقرات خطاب القسم، الذي يناقض في جوهر إنشائه على الأقل الافتراضات الإيرانية والاميركية، على رغم ان هناك سيناريو يقول إن انتخابه جاء نتيجة صفقة ايرانية اميركية؟
ثم لماذا يستعجل الرئيس بشار الاسد إرسال هداياه الجارحة، إذا صح ما أعلن عن انه سيفرج عن 200 سجين من اللبنانيين ويرسلهم الى الرئيس عون بعد فترة قصيرة كدرع تقدير للعلاقة معه، وفي تاريخ هذه العلاقة فصول مؤلمة. طبعاً من الجيد والضروري انسانياً وأخلاقياً إطلاق كل السجناء اللبنانيين في سجون الاسد، فلماذا الاستمرار في سجنهم الى اليوم، بعدما قيل إنه ليس من سجناء لبنانيين في السجون السورية؟ ولكن هل أراد الأسد ان يستبق عون، الذي قال في خطاب القسم إنه سيعمل على تأمين العودة السريعة للنازحين السوريين، الذين يعودون كمن يدخل الى السجن ؟
أنا أعتقد ان ما قيل في طهران وواشنطن ودمشق مفيد وضروري لسبب واحد، هو أنه يجب ان يكون بمثابة اشارات مضاءة على طريق العهد تقول "انتبه مطبات"، على الاقل ليتمكن عون من وضع لبنان على بداية "صفحة جديدة"