أصبح رئيس كتلة الإصلاح والتغيير الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية نتيجة تقاطعاتٍ في المصالح بين الوازنين إنتخابياً، وبعد أن اقتنع الجميع باستثناء الرئيس بري بأنّ عون ضرورة عبور نحو الشغورالرئاسي .
بدون التفات إلى الوراء يبدو أنّ هناك توازناً سياسياً جديداً باركته المملكة العربية السعودية وسَعت إليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية لإتمام صفقة الرئاسة بواسطة حلفاء الدولتين في لبنان وهذا ما أدى إلى استبعاد حلفاء سورية وجعلهم خصوماً ولكن من موقع الصداقة بعد أن مالت دفّة التأثير المباشر على اللبنانيين لصالح الدولتين المذكورتين وبعد أن أصبح النظام السوري في خبر الحرب التي أكلت وأنهت دوره في لبنان .
وحده أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله اشترط مجيء الجنرال ميشال عون لجعل الاستحقاق الرئاسي نافذاً، في حين أنّ من وافق وانتخب عون في 31تشرين الأول هو من عطّل وأخّر تنفيذ حكم السّيد المبرم، ولو فعلوا هذا من قبل لما عاش اللبنانيون أزمة الفراغ الرئاسي فعسى أن يتّعظ أولئك المتطفلون على السياسة ويفقهوا اللعب مع الأقوياء .
من هنا ثمّة رئيس مباشر للسياسة اللبنانية وهو من خلال رسمه لأدوار السياسيين بمثابة الرئيس الفعلي لا للرئيس وحده بل لمجمل روّاد الطبقة السياسية وهو من يملك وحده وحصراً كلمة الفصل في السياسة المحلية لذا برع السيد حسن نصرالله في صنع ما لم يستطع أحد صنعه وكانت الرئاسة الشاغرة وليدة وعد وعده وقطع قطعه وثبت في قوله بعد أن وعد آخرون وقطعوا اليمين الكاذب وبدلوا تبديلاً مُذلاً أمام الشعب والتاريخ .
هناك مهمة صعبة ستنتظر رئيس الرئيس وهي معالجة ما ستُحدثه معارضة الرئيس نبيه بري المزلزلة إذا ما استمر في جهاده "الأكبر" ضد توازن جديد وضعه جانباً بعد عملية غش فاضحة لمن عاهدوه على بقاء التقليد له في فتوى تحريم انتخاب غير المرشح سليمان فرنجية .
لن تكون مهمة الحكومة سهلة إذا ما استمرت عملية الإقصاء لتأثيرات الرئيس نبيه بري على السلطات من خلال توزيع الوزارات الحساسة على الترويكا الجديدة وترك الحقائب غير الخدماتية لحركة أمل وهنا تكون قد جنت براقش على نفسها وستكون أمام امتحان صعب يُنصح بعدم الدخول إليه .
ظنّ السيد بأنّ مجيء الجنرال يحلّ مشكلة الفراغ ويدخل لبنان في حسابات سياسية آمنة وتيَقّن الرئيس بري بأنّ الإتيان بالجنرال لن يحلّ المشكلة بل سيعقدها أكثر لذا أيّد الأوّل وعارض الثاني ويبدو أن هناك تأييد آخر لمجيء سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وهناك رفض آخر لوصول الحريري إلى قصر الحكومة وبين التأييد والرفض حلف أثبت أنه ليس قوياً كما يجب بين الإخوة لأنه انكشف أمام الاستحقائق الرئاسي فتمّ إرضاء الرئيس على حساب الرئيس .