غدًا ستكون الجلسة المنتظرة منذ أكثر من عامين بعد أن حلّ  الفراغ رئيسًا على اللبنانيين.
 فجلسة 31 تشرين الأول 2016 مفصلية ومهمة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية وهي كفيلة بمجرد الإعلان عن الرئيس ال 13 للجمهورية اللبنانية، أن تُحرّك الجمود الذي حلّ على كافة مؤسسات الدولة لكن بشرطها وشروطها.

الورقة البيضاء:

جلسة الغد لن تكون صعبة ولن تكون سهلة أيضًا كما يتوقّعها الجنرال ميشال عون، فالورقة البيضاء التي سيُدلي بها المعارضين له ستشكّل له إحراجًا كبيرًا في بداية عهده كونها تعبّر عن وجود معارضة وطنية له.
هذه الأوراق البيضاء كانت خيار بعض نواب كتلة المستقبل والمستقلّين لكن بالأمس استجدّ موقف للنائب سليمان فرنجية يدعو فيها مؤيّديه من النواب  للتصويت بورقة بيضاء أيضًا، ما سيزيد من حجم هذه الكتلة  وفي هذا الإطار ستصوّت كتلة الرئيس نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة ومن يدور في فلكه في تيار المستقبل وأعضاء كتلة المردة والكتائب والرئيس نجيب ميقاتي وغيرهم ، بورقة بيضاء.
هذا التصويت سيرسم ملامح المعارضة التي ستتشكّل في العهد الجديد قائمةً على تحالفات بين قوى أساسية لها وزن في البلاد ولن تسهّل الأمر على عون.
فالجنرال يعتقد أنّ تفاهمه مع الرئيس سعد  الحريري وحزب الله والقوات اللبنانية ورضوخ النائب وليد جنبلاط لهذه الصفقة سيكون كفيلًا بتسهيل أمر عهده وحكومة الحريري في العهد القادم، إلا أنّ الأمور لا تبشّر بذلك كون المعارضة الجديدة لن تكون سهلة وكون الذين أوصلوا عون للرئاسة لن يستمروا بالمغامرة معه للذهاب بعيدا والتطنيش لرأي المعارضة الجديدة.
يأتي في طليعة هؤلاء حزب الله الذي أشارت معلومات مقرّبة منه أنّ الحزب بوارد تكليف الرئيس بري بكامل الصلاحيات فيما يخصّ الملف الحكومي، ما يجبر عون على التواصل مع بري لاحقا للاتفاق على مستقبل العهد.
أضِف أنّ الحريري لم ولا يريد أن يقطع شعرة معاوية مع الرئيس بري، وهو يعرف جيدًا تبعات هذا الموضوع خصوصًا بعد تنامي ظاهرة اللواء أشرف ريفي واقتراب الانتخابات النيابية، وهو في وضع لا يُحسَد عليه والاحتمالات في هذا المجال مفتوحة حتى لو اضطرّ الرئيس بري إلى فتح اتصالات مع ريفي لردّ الصاع صاعين للحريري.
هذه المعطيات يدركها الحريري جيدا ويدرك أنّ رهانه الناجح سيبقى على الرئيس بري لا حزب الله الذي لديه تجربة مُرّة معه.
ولن تقتصر جهود الحريري على بري، بل ستتعدّاها  إلى " الصديق " سليمان فرنجية الذي سيعمل جاهدا الحريري لإرضائه.
أما فيما يخص وليد جنبلاط فالأمور سهلة كون الجميع يدرك أنه سيذهب بخيار عون مجبَرًا ولن يصطدم بالرئيس بري.

عهد مضطرب:

كل ما تَقَدَّم لا يشير بالضرورة إلى أنّ الأمور ستأخذ مجراها الطبيعي بسهولة لأنها متوقّفة على تجاوب الرئيس بري بالدرجة الأولى.
فثمة أسئلة عديدة تُطرح حول هذا التجاوب مع تكليف حزب الله وهل سيستغلّه الرئيس بري لوضع العصي في الدواليب لإفشال حكومة الحريري وحكم عون لأنّ المعطيات المسرّبة من دوائر مقربة من عين التينة تشير إلى غضب كبير لدى الرئيس بري من الاتفاق الذي حصل بين الوزير جبران باسيل والمستشار نادر الحريري ومردّ هذا الغضب هو خوف وهواجس الرئيس بري من أن يتحول هذا الإتفاق وهذا الأسلوب بالتعاطي إلى عادة وعُرف في الحياة السياسية اللبنانية في المستقبل بحيث يتمّ تهميش دوره وإبلاغه لاحقا بأي اتفاق يحصل دون أن يطّلع عليه.
وخوف الرئيس بري في هذا المجال له أسبابه خصوصا بعد أن اعترف السيد حسن نصر الله في إحدى خطبه باطّلاعه مسبقًا على التفاهم الذي حصل بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر.
فالتسريبات الإعلامية التي تحصل من إعلاميين مقربين للرئيس بري توحي بأنه لن يسهّل الحكم الجديد وسيحوّله إلى عهد مضطرب، وما تكليف حزب الله للرئيس بري بهذا الملف إلا خشية الشرخ الشيعي الذي بدأ يظهر إعلاميا ولم يكن يتوقعه بهذا الحجم ولا حتى ردة فعل الرئيس بري تجاهه.

إقرأ أيضا : هل حان أوان تحالف الرئيس مع اللواء ؟

مغامرة غير محسوبة:

فبَعد جلسة 31 تشرين الأول ليس كما قَبلها وعلى الرئيس الجديد ألا يغامر بعلاقاته بالمعارضة الجديدة ولا يستخف بقدراتها.
فغدًا سينتخب النواب ميشال عون وسيصل إلى بعبدا، بات الأمر سهلا، لكن على عون أن يدقّق بالأوراق البيضاء، فهي التي ستغني عهده وتسمنه من جوع في حال اختار طريق التسوية خيارا لعهده الجديد.

 

بقلم رئيس التحرير