طرح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري صيغة قانونية تقوم على اعتبار جلسة انتخاب رئيس للجمهورية المقررة في 31 أكتوبر هي دورة أولى تتطلب فوز المرشح الرئاسي فيها بأكثرية الثلثين، أي 85 صوتا.
 
وتؤكد مصادر بري أنه سائر في هذا التوجه، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حالة التوتر بينه والتيار الوطني الحر الذي تشدد كتلته النيابية على اعتبار الجلسة المقبلة هي الدورة الثانية.
 
وتطرح عدة سيناريوهات في هذا الصدد؛ فإذا جرت جلسة الانتخاب ولم يستطع الجنرال عون، كما هو متوقع، الحصول على أكثرية الثلثين في المرة الأولى فإن من الممكن أن يتم عقد دورة ثانية تلي الأولى مباشرة.
 
ولا يتطلب الفوز في الدورة الثانية سوى أكثرية عادية أي حوالي 65 صوتا فقط، وهذا في حال بقي النصاب مؤمنا، أما في حال انفض النصاب فإنه سيصار إلى تأجيل الجلسة إلى منتصف شهر نوفمبر، وهو ما يحرص الجنرال ميشال عون على تجنبه بأي ثمن.
 
وتكمن مشكلة التأجيل في أنها تأتي في مرحلة بالغة الحساسية والتعقيد، وحافلة بالاستحقاقات الإقليمية والدولية الكبرى التي ستتردد أصداؤها في المنطقة عموما وفي لبنان خصوصا. حيث تجري الانتخابات الأميركية التي يتوقع أن تفوز فيها مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في هذه الفترة، كما يتوقع أن تشهد مدينة حلب السورية في نوفمبر تصعيدا كبيرا، في ظل الحشد العسكري الذي تقوم به روسيا.
 
ويتخوف الجنرال ميشال عون من أن تؤدي كل هذه التطورات إلى خلق ظروف مغايرة للأجواء السائدة حاليا، والتي تؤكد فوزه بالرئاسة في حال عقدت الجلسة في موعدها المقرر في نهاية الشهر الجاري.
 
وتقوم قراءة التيار الوطني الحر على ضرورة اعتبار الجلسة التي كان رئيس القوات سمير جعجع مرشحا فيها والتي جرت العام 2014 دورة انتخابية أولى، ويجب أن يصار بعدها إلى الانتقال مباشرة إلى دورة ثانية فور تأمين الظروف المناسبة وهو ما يتوفر حاليا.
 
وتعتمد قراءة الرئيس بري على رأي مناقض تماما، يعتبر أن الجلسة الانتخابية التي تمت قبل عامين قد أقفلت محاضرها، وتاليا فإن الدورة الانتخابية الحالية هي دورة جديدة وليست استكمالا للجلسة الماضية، ما يتطلب حصول دورتين. ويجب على المرشح إذا أراد تأمين الفوز في الدورة الأولى الحصول على أكثرية الثلثين، أو سيبقى الأمر معلقا إلى الدورة الثانية.
 
وتؤكد معظم المعطيات أن المنازلة القانونية لن تـؤدي إلى إعادة النظر في مسار تولي عون الرئاسة وخصوصا مع انضمام كـتلة النائب وليد جنبلاط إليه. كذلك فإن رقعة رفض التصويت لميشال عون في صفوف تيار المستقبل قد تقلصت إلى حد كبير، والأمر نفسه ينـطبق على فريق 8 آذار.
 
وكانت مواقع عديدة قد نشرت بيانات إحصائية تدرس خارطة توزع التصويت النيابي وفق المواقف المعلنة حتى هذه اللحظة، وخرجت بنتيجة تقول إن الجنرال يستطيع تأمين حوالي 76 صوتا نيابيا لصالحه.
 
وتتعامل الطبقة السياسية مع انتخاب الجنرال كأنه قد بات أمرا واقعا، وتؤكد أن بري لن يعمد إلى رفع الجلسة في حال لم يستطع عون الحصول على نسبة الثلثين في الدورة الأولى، بل سيعمد إلى عقد دورة ثانية تليها مباشرة، وسيكون الفوز فيها مضمونا للجنرال، ولكن بنسبة أصوات أقل لا تضمن له اعتبار فوزه فوزا كاسحا.
 
وتشير بعض المصادر إلى أن الرئيس بري وحزب الله لا يريدان إعاقة وصول عون إلى سدة الرئاسة، بل يسعيان إلى ألا يتخذ ذلك صبغة الإجماع الوطني العام. وهذا المنطق سيسمح تاليا لبري بانتزاع حصة وزارية وازنة مقابل تسهيل عمل عهد ميشال عون الرئاسي، وسيكون بإمكان حزب الله إزاء أي مشكلة تحتاج إلى توافق عام الطلب من الجنرال التفاهم مع رئيس مجلس النواب.
 
وهكذا فإن الحجج القانونية التي يصر عليها بري لن تشكل عائقا أمام وصول الجنرال كما تؤكد جل المصادر، ولكنها ترسم خارطة تعامل الكتلة الشيعية مع عهده مع إصرار الرئيس بري على الانتقال إلى صفوف المعارضة.
 
ويذكّر هؤلاء بأن احتجاج نبيه بري لم يكن على الاتفاق بين سعد الحريري وميشال عون في حد ذاته بل على عدم إدراجه فيه، لذلك لا يتوقعون أن تسير الأمور في اتجاه تصادم فعلي بين هذه الأطراف بل إلى تسوية يرضى بها الرئيس بري، ويبدو الجنرال ميشيل عون مستعدا لتقديم التنازلات التي تسهل إتمامها.
 
العرب :شادي علاء الدين