ستة أيام تفصل لبنان عن الاستحقاق الرئاسي المتعثر , وفرنجية يتوقع مفاجآت

 

السفير :

لم يكن اللقاء بين السيد حسن نصرالله و «فخامة» العماد ميشال عون مفاجئاً لأحد. «برمة العروس» قادت «الجنرال» الى الضاحية الجنوبية، قبل ساعات قليلة من خطاب الأمين العام لـ «حزب الله». خطاب كان عون يتمنى لو أن «السيد» قد أهمل منه الجزء المتعلق بمخاطبة قواعد «التيار الوطني الحر»، «لأنه لا خوف على العلاقة التاريخية بين الحزب والتيار، وهي مرت في ظروف أصعب ولم تهتز».
واللافت للانتباه أن السعودية واكبت «لقاء التهنئة والشكر» بين نصرالله وعون، بقرار لمجلس وزرائها جدّد فيه العزم على مواصلة التصدي لما وصفته بـ «أنشطة حزب الله الإرهابية». وهي سبق أن واكبت إعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح عون بعقوبات مشتركة مع أميركا ضد خمسة أشخاص وشركة بتهمة دعم «حزب الله».
في هذه الأثناء، كانت علامات الارتياح والاطمئنان والانشراح بادية على محيّا العماد عون، عندما استهل نهاره، في الرابية، صباح أمس، باستقبال أعضاء المكتب السياسي في «التيار». شعر الحاضرون بأن «الجنرال» صار أكثر حيوية ونشاطاً، «عاد عمره 30 عاماً إلى الوراء، أو الأدقّ، عاد 26 عاماً».
ميشال عون لم يصبر سنتين ونصف سنة فقط حتى يصل إلى مراده. وضع الرئاسة نصب عينه منذ ثلاثين عاماً. دار الزمن دورة كاملة قبل أن يعود ليشكل «الفرصة الوحيدة» لإنهاء الفراغ الرئاسي. كان سعد الحريري بعيداً جداً، فإذا به يجلس في أحضان العهد العوني ويصبح «لاجئاً سياسياً» في حارة حريك.. وسمير جعجع كذلك، ولو أن حساباته تذهب أبعد من حصّته في الحكومة المقبلة، وتحديداً نحو الانتخابات النيابية المقبلة وما يمكن أن تفرزه من موازين قوى جديدة تؤثر في الاستحقاقات المقبلة.
يدرك عون أنّ التحالف الاستراتيجي مع «حزب الله» من جهة، والنفس الطويل للحزب، شكلا ورقة رابحة أوصلته إلى الرئاسة الأولى..
ليل أمس الأول، عقد «لقاء العهد»، الذي وصف في الشكل بأنه «لقاء تهنئة وشكر». «الجنرال» شكر «السيد» على دعمه الصادق واللامحدود ووقفته التاريخية الى جانبه. ونصرالله رد مهنئاً عون بالرئاسة الأولى، فكان جواب «الجنرال» أنه «لولاكم يا سيد لما وصلت الأمور الرئاسية الى خواتيمها».
هي المرة الأولى التي يخرج ضيف بعد لقائه «السيد» للتصريح منذ حرب تموز 2006. وبحسب البيان الصادر عن «العلاقات الإعلامية في حزب الله»، قال عون: «جئنا الليلة نشكر السيد حسن نصرالله على مساعدتنا في حل المشكلة التي كانت مستعصية في انتخاب رئيس الجمهورية وأعطى كل التسهيلات لحل هذه القضية، والحمد لله وصلنا إلى نهاية سعيدة ونتمنى أن تستكمل الأمور ودائماً كنا نجد كل مساعدة وكل تسامح في القضايا الوطنية».
لكن النهاية السعيدة لم تكتمل بالنسبة للحزب. الحليفان الأهم لا يزالان خارجها. لذلك، إلى جانب الشكر، تناول اللقاء الذي حضره جبران باسيل وحسين الخليل ووفيق صفا، المساعي المطلوبة لتحويل انتخابات الرئيس إلى مناسبة جامعة تعبّر أفضل تعبير عن وحدة الصف السياسي الذي كان ينتمي العماد عون إليه أولاً من ثم الى مناسبة لتعزيز الوحدة الوطنية. فقال الأمين العام لـ «حزب الله» لضيفه «إن البلد لا يحكم لا بثنائية ولا بثلاثية إنما يحكم بمشاركة الجميع»، مشيراً إلى أنه «وفينا بوعدنا والتزامنا معكم ونحن جاهزون للمساعدة والتعاون على قاعدة الشراكة».
لكن إذا كان نصرالله قد قال في أسبوع الشهيد حاتم حمادة («علاء»)، إننا سنذهب مع بري متفاهمين ومتفهمين إلى الجلسة، فقد بدا ذلك تأكيداً على أنّ حبل التسوية لم ينقطع. فهل ما يزال هنالك متسع من الوقت لإيجاد صيغة ترضي رئيس المجلس النيابي قبل الحادي والثلاثين من تشرين الأول؟
لعل الأهم بالنسبة لعون هو أنّ بري لن يعطّل الاستحقاق وسيشارك عملياً في «العرس الديموقراطي»، وهو ما يراه نصف مشاركة أو أكثر في الانتخاب. أما رسالة السيد نصرالله لعون، التي كررها أكثر من مرة، بحسب المعلومات التي توافرت، فمفادها «لا حكومة بلا الرئيس نبيه بري ونحن لن نشارك في حكومة لا يشارك دولة الرئيس فيها»، فيما كان هناك تأكيد متجدد من عون بالانفتاح الكامل على كل الفرقاء والاستعداد للتفاهم معهم وتفهم مطالبهم.
كل ذلك لم يلغ رغبة «حزب الله» في أن تكون مشاركة بري كاملة إن أمكن، أو على الأقل تأكيد موقعه كحام للدستور والميثاق. ولذلك، تردد أنه تم طرح اقتراحين خلال اللقاء بين نصرالله وعون. الأول، يقضي بتأجيل بسيط لجلسة 31 تشرين الأول، بما يعنيه ذلك من بعث رسالة إيجابية لبري، مفادها أن الاستحقاق لن يجري إلا بمباركته. وهو ربما ما جعل نصرالله لا يذكر تاريخ 31 تشرين الأول في خطاب القماطية قبل اللقاء مع «الجنرال»، تاركاً فرصة الوصول إلى تفاهم كهذا قائمة، كما يقول مصدر عوني.
أما الاقتراح الثاني في اللقاء، فتركّز على إمكان التئام طاولة الحوار، بما يؤدي إلى مناقشة مسألة الترشيح بشكل جامع، وبما يخرجها من خانة «اتفاق جبران باسيل ونادر الحريري» ويؤدي إلى مساهمة الجميع في أوسع صياغة سياسية تمهد لاتفاق يشمل أكثر من عنوان، إضافة إلى رئاسة الجمهورية، وأبرزها التوافق على قانون انتخابي عصري.
رفض عون اقتراح تأجيل الانتخابات ولو يوماً واحداً مهما كانت المبررات، تحسباً لأي احتمال قد يؤدي الى خلط أوراق الرئاسة، ربطاً باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثامن من تشرين الثاني المقبل.
أما طاولة الحوار، فلم يعترض عون على عقدها قبيل الانتخابات الرئاسية (تردد أن «الجنرال» اقترح يوم السبت المقبل مع عودة الرئيس بري من جنيف)، خصوصاً أن عقدها يمكن أن يعيد بري إلى الواجهة بوصفه عرّاب الحل. وعندها يدخل الجميع الى جلسة الإثنين في 31 تشرين الأول ضمن توافق يؤدي الى انسحاب سليمان فرنجية وضمان أصوات الرئيس نبيه بري وبالتالي حصول عون على 86 صوتاً من الجلسة الأولى. لكن الإشكالية العونية تتمثل في احتمال تمديد طاولة الحوار، فيصار إلى عقد أكثر من جلسة، تستوجب تأجيل الانتخابات الرئاسية، وهذا أمر صار بمثابة «خط أحمر» لدى «الجنرال».
انتهى اللقاء بين نصرالله وعون باتفاق على تكثيف الاتصالات واللقاءات مع الحلفاء والاستفادة من الوقت الفاصل عن موعد جلسة الانتخاب في الأسبوع المقبل، وخصوصاً أن ثمة من يسعى في فريق «14 آذار» الى تحويل فوز «الجنرال» إلى «انتصار لفريقه»، وتحديداً رئيس «القوات» سمير جعجع.
وحتى موعد الإثنين، ثمة نصيحة من «السيد» إلى «فخامة الرئيس»: «حزب الله» قدم تضحية كبيرة (عدم الممانعة بعودة الحريري) لإتمام الاستحقاق، ندعوكم إلى الاستفادة والاستثمار على هذه التضحية، والباقي عندكم.
من الثابت أن عون ليس في وارد زيارة فرنجية في بنشعي ولا الأخير في وارد استقبال أي موفد غير «الجنرال». وهو قال، ليل أمس، في حوار مع الزميل مارسيل غانم ضمن برنامج «كلام الناس»: «ليس لدينا مشكلة بوصول عون للرئاسة وإذا ربح فسنهنئه لأنه صبر ونال ما عمل من أجله وهو انتصار لفريقنا السياسي».
وأكد أنه إذا حصل إجماع وطني على عون «الله يوفقه»، ورأى أن مضيّه بالترشيح «أشبه بتحد شخصي»، وقال إنه بالسياسة «لا مانع لدينا من وصول الحريري لرئاسة الحكومة».
وكان عون قد زار، مساء أمس، البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، لإطلاعه على تطورات الملف الرئاسي، وأوضح بيان عن المجتمعين أن الراعي «أبدى ارتياحه لحصول ما كان يطالب به باستمرار، وهو إعلان الكتل السياسية والنيابية موقفها بشأن الترشيح، الأمر الذي بات يضمن انعقاد الجلسة الانتخابية المقررة، وانتخاب رئيس للبلاد طالما انتظره الشعب بفارغ الصبر».

 

النهار :

ستة أيام تفصل عن الاثنين 31 تشرين الاول موعد الجلسة الـ46 لانتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية والتي بات في حكم المؤكد انها لن تكون قابلة للتأجيل أقله في ضوء كل المعطيات السياسية الراهنة. واذا كانت المعطيات نفسها تجعل انتخاب العماد ميشال عون أمراً محسوماً في ظل توافر الأكثرية النيابية لانتخابه، فان ذلك لا يحجب الحمى السياسية التي تشهدها الكواليس السياسية والنيابية والحزبية على نحو تصاعدي والتي تطرح عبر اجوائها كل الملفات التي تطل على هذا الاستحقاق وما بعده بدءاً بسيناريوات الجلسة الانتخابية وما يمكن ان تشهده من نتائج التصويت التي ستحدد حجم الموالاة والمعارضة لعون، مرورا بفتح مبكر لسيناريوات ملف تأليف الحكومة الاولى التي تسابق الاستحقاق الانتخابي، بلوغاً الى طرح طبيعة المعادلة الداخلية التي يمكن ان تنشأ عن خلط التحالفات والاوراق الذي سيعقب يوم الانتخاب رأساً. ولا مغالاة في القول إن المهلة القصيرة المتبقية قبل موعد الجلسة تبدو بمثابة استنفار سياسي غير مسبوق سيترتب عليه ليس وضع نهاية لحقبة الفراغ الرئاسي التي طالت نحو سنتين وخمسة اشهر فحسب، بل أيضاً رسم الملامح الكبيرة للتموضعات الطارئة التي ستواكب ولادة العهد الجديد والتي ستحدد هوية لبنان السياسية داخليا وخارجيا في ظله.
ولعل النقطة اللافتة التي شكلت اضاءة متقدمة على آفاق الجلسة الانتخابية وما يمكن ان تشهده من مفاجآت، تمثلت في ما بتثته محطة "او تي في " الناطقة باسم "التيار الوطني الحر" مساء أمس من أن موعد جلسة الانتخاب في 31 تشرين الأول الجاري هو موعد ثابت، لا تغيير له ولا تبديل كما أن هذه الجلسة هي دورة اقتراع ثانية بعد الدورة الأولى التي أجريت في 23 نيسان 2014، "كما أعلن رئيس المجلس نبيه بري بوضوح صارخ". ومعلوم ان ثمة معطيات أخرى مغايرة تفيد أن كل جلسة انتخابية تستلزم نصاب الثلثين كما تستلزم عقد دورتين في حال عدم نيل أي مرشح اكثرية الثلثين في الدورة الاولى.

 

فرنجية
ورسم الحديث الذي أدلى به مساء النائب سليمان فرنجية الى برنامج "كلام الناس" اطارا شديد الحدة لمعركة التنافس التي أكد مضيه فيها في مواجهة العماد عون. واعلن فرنجية انه لن ينسحب من السباق الرئاسي وسينزل الى مجلس النواب واضعا احتمالي الخسارة والربح "وسنتقبل النتيجة أياً كانت". ومع انه أكد ان "لا مشكلة لديه في وصول العماد عون واذا وصل نهنئه لانه صبر ونال"، فقد أضاف: "ان شاء الله ( في حال فوزه ) لا يأخذنا الى مرحلة غامضة " متسائلا هل "العماد عون و(رئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير) جعجع مرتبطان بمرحلة استقرار وأمان وازدهار ام بمرحلة فوضى وحروب ؟" ولفت الى "ان من قال إنه سيغير الطائف ويبدله ليس انا".
وكشف ما حصل بينه وبين الرئيس سعد الحريري قبل سنة، موضحا انه ذهب بعد ذلك الى عون وقال له: "طالما انت مرشح انا معك ولكن اذا لم تعد مرشحا هل تكون معي، فأجابني لا ". ورأى أن عون "ميثاقي وهو الاقوى عند المسيحيين لكنه ليس الميثاقي الوحيد وغيره ليس نكرة".
وأفاد فرنجية ان "هناك ما بين 64 و65 نائباً معه ومثلهم مع عون وهناك 10 اصوات موزعين هنا وهناك اما التصويت الابيض فهو الذي قد يجعل حظوظي أقل أو يطير الاثنين ". وقال أيضاً: "انا في قلب السيد حسن نصرالله والكل راهنوا على ان حزب الله لا يريد الانتخابات لكنهم اكلوا الضرب وحلفاء الرئيس سعد الحريري خذلوه ودعموا عون لاسقاط ترشيحناً". وشدد على ان الحريري "كان صادقا معي واحترم قراره " وتوقع ان " يتعذب الحريري كثيراً مع عون".
في غضون ذلك، مضى العماد عون في حركته الدائرية فالتقى ليل الثلثاء الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله، ثم التقى مساء أمس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي أبدى ارتياحه "الى حصول ما كان يطالب به باستمرار وهو اعلان الكتل السياسية والنيابية موقفها في شأن الترشيح الامر الذي بات يضمن انعقاد الجلسة المقررة وانتخاب رئيس للبلاد طالما انتظره الشعب بفارغ الصبر ".

 

بري والحزب
وعلمت "النهار" ان قناة الحوار بين "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري مفتوحة على موضوع الحكومة الجديدة التي ستولد بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي.ويفيد المتابعون لهذا الحوار ان الحزب يحرص على ان تكون مشاركة الرئيس بري في الحكومة المقبلة وازنة.
واليوم، تعقد كتلة "المستقبل" إجتماعها الاسبوعي في "بيت الوسط" برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وسط أجواء تشير الى تقلص حجم الاعتراض في داخلها على خطوة الرئيس الحريري دعم ترشيح العماد عون. ومن المتوقع ان تؤكد الكتلة أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي وتأثيره على إنتظام عمل المؤسسات وعودة النشاط الى مختلف القطاعات في البلاد.
كذلك ترأس النائب وليد جنبلاط في كلميمنصو اليوم إجتماع قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي، علما أنه سيستقبل قريباً العماد عون ويرأس إجتماع "اللقاء الديموقراطي" غدا الاربعاء او بعد غد الخميس على أبعد تقدير.

قزي... وسعيد
وفي المواقف من الاستحقاق أوضح وزير العمل سجعان قزي انه "لم يعلن مرة انه ضد العماد عون ولنعط تالياً هذا الخيار الفرصة بغض النظر عن تأييدنا أو معارضتنا له". لكنه قال في حديث الى برنامج "وجها لوجه " من "تلفزيون لبنان" إن هذا الخيار "هو اعتراف بهزيمة الفريق الذي ينتمي اليه الرئيس الحريري وانتصار الفريق الآخر ويفتح لبنان امام الخيار الايراني الروسي". وحذّر من ان ذلك يفتح لبنان على "تغيير من دون ضوابط لسيطرة ممثلي المحور الآخر على مقومات الدولة ولذا يجب على القوى السيادية ان تدعم عون الذي عنده ثوابت وطنية وشعور مسيحي وممثل أكبر كتلة مسيحية لنمنع ذهاب لبنان الى المجهول ".
كما صرّح منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد لـ"النهار" بأن "ما حصل هو انتصار موصوف لـ"حزب الله" وإيران في لبنان، وعدم الاعتراف بالخسارة لا يساعد في الخروج منها، فهناك وصاية إيرانية تحلّ على لبنان بعد الوصاية السورية، وضمان لبنان لم يعد في الدستور والقانون بل في "مرشد الجمهورية" السيد حسن نصرالله بناء على مقايضة يوزع من خلالها المواقع، حتى رئاسة الجمهورية، لقاء الاستسلام لمصالح "حزب الله" وحمايتها".
واعتبر أن "قوى 14 آذار سقطت كلها لأنها لم تسلم بترشيح النائب عون للرئاسة، وبقي حزب "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل" اللذان التحقا بقواعد لعبة الوصاية الجديدة، أي المقايضة بين الكرسي والنفوذ، وهناك غيرهما سقط على الطريق". ولاحظ أنها "المرة الأولى في تاريخ لبنان المعاصر يؤمن المسيحيون الغطاء الكامل لوصاية وسلاح غير لبنانيين على البلاد، بعدما قاوموا الوصاية الفلسطينية والاحتلال السوري".

 

المستقبل :

على وقع تسارع العد العكسي الرئاسي قبل بلوغ لحظة اكتمال النصاب النيابي لانتخاب رئيس الجمهورية الاثنين المقبل ربطاً بإعلان الرئيس سعد الحريري تأييد ترشيح النائب ميشال عون، تتسارع الإيقاعات الناظمة لبانوراما المشهد السياسي لتتبلور معها خارطة أصوات الكتل النيابية في صندوق الاقتراع بين مؤيد ومعارض لانتخاب عون. فإذا كان «حزب الله» سارع إلى تلقف مبادرة الحريري مؤكداً على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله مشاركة كتلته البرلمانية في الجلسة المقبلة والتصويت لصالح انتخاب عون، في مقابل تمسك رئيس المجلس النيابي بموقفه المعارض لهذا الانتخاب وإعلان رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية استمراره في الترشح، فإنّ الأنظار باتت متجهة نحو القرار الذي يعتزم رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط اتخاذه إزاء المستجدات الرئاسية، وسط أنباء «اشتراكية» موثوقة أكدت عشية اجتماع مجلس قيادة «الحزب التقدمي الاشتراكي» اليوم برئاسة جنبلاط أنه حسم خياره الرئاسي ويتجه إلى تأييد ترشيح عون.

وبناءً على هذه المعلومات التي تناقلها الاشتراكيون مساء أمس، فإنّ جنبلاط يعتزم الاقتراع لصالح انتخاب عون في الجلسة الرئاسية المقبلة باعتباره خياراً نابعاً من رغبته في مواكبة المناخ الإيجابي السائد في البلد غداة اتساع دائرة التفاهم الوطني على تأييد ترشيح عون بما قد يُشكل فرصة إنقاذية للوطن تتيح انتشاله تدريجياً من دوامة الفراغ والشلل. غير أنّ جنبلاط الذي من المتوقع أن يطلع مجلس القيادة الاشتراكية على قراره هذا، يفضل بحسب المعطيات المتوافرة إبقاء اجتماع اليوم ضمن إطار «التشاور الحزبي» وإرجاء إعلان القرار رسمياً إلى حين صدوره من قبل «اللقاء الديمقراطي» خلال اجتماعه المرجح نهاية هذا الأسبوع بعد زيارة عون المرتقبة إلى المختارة.

عون في بكركي

وأمس، زار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وأطلعه على مجريات التطورات الرئاسية تمهيداً لجلسة 31 الجاري، بينما نقل البيان الصادر عن المجتمعين أنّ الراعي أعرب لعون عن ارتياحه لمسار الأمور الذي بات «يضمن انعقاد الجلسة الانتخابية المقررة (الاثنين المقبل) وانتخاب رئيس للبلاد طالما انتظره الشعب بفارغ الصبر».

.. وفرنجية يستعد للمعركة

تزامناً، وفي حلقة استثنائية من برنامج «كلام الناس» كشف في مستهلها الزميل مارسيل غانم أنّ الرئيس الحريري سيطل عبر برنامجه مساء يوم الجمعة المقبل، أطل رئيس «تيار المردة» أمس ليؤكد استمراره في الترشح وخوض المعركة الرئاسية في مواجهة عون، مشدداً على أنه «مستعد نفسياً للربح أو الخسارة» خلال جلسة الانتخاب المقبلة. 

فرنجية الذي أخذ على عون أنه رفض دعم انتخابه رئيساً، أبدى في المقابل تقديره عالياً لموقف الرئيس بري الداعم له واصفاً إياه بـ«الحليف التاريخي»، مشدداً في الوقت عينه على أنه لا يحمل أي ضغينة سياسية تجاه الرئيس الحريري الذي أشاد بشجاعته وبمبادراته المتتالية لإنهاء الشغور الرئاسي وإنقاذ البلد، وقال: «كان صادقاً معي حين دعم ترشيحي وكذلك حين قرر تأييد ترشيح عون وسيبقى صديقاً إلى الأبد»، مع تأكيده على متانة العلاقة التي تربطه بنصرالله، وتقديره للموقف «الأخلاقي» الذي اتخذه جنبلاط تجاهه.

 

الديار :

عند الساعات الاولى من مساء  امس صدر بيان اميركي - روسي ان وزيري خارجية اميركا جون كيري وروسيا سيرغي لافروف اتفقا على استمرار الهدنة في حلب بعدما ظهر في الافق ان معركة كبرى آتية على منطقة حلب، خاصة انه بعد ثلاثة ايام من هدنة انسانية طرحتها قوات درع الفرات لم يخرج اهالي حلب من المدينة، قسم منهم لا يريدون مغادرة منازلهم، وقسم لان المسلحين منعوهم ، والقسم الاكبر  يريد البقاء في المدينة.
معركة حلب اصبحت معركة اقليمية، فيها درع الفرات والتحالف الدولي وفيها تدخل تركي كبير بالاضافة الى التدخل الروسي المباشر بحجم قوي لم يسبق له مثيل حتى في زمن معارك الشيشان.
مدينة حلب التي يسكنها مليون ونصف مواطن الآن، وعدد سكانها الاصليين يبلغ اربع ملايين ونصف، وتعتبر المعركة فاصلة، وهي الثانية خارج العاصمة دمشق، وفتيل التفجير في معركة حلب هي مدينة الباب ومساحتها 190كلم، وعدد سكانها ثلاثمائة الف نسمة وفق احصاء سنة 1980. 
الباب مدينة كانت تحتلها «داعش» فانسحب قسم كبير منها وبقي فيها لواء الفتح وتكفيريون وقسم من «جبهة النصرة» وآخرون جاءوا من مناطق كثيرة، ويقدر عدد المسلحين الرافضين للنظام في الباب بحوالى 22 الف مقاتل، بينما قرر الرئيس بشار الاسد بالتنسيق مع روسيا انهاء معركة= الباب، واتصلت موسكو بانقرة طالبة من الجيش التركي ان يتقدم نحو الباب للضغط عليها كي يقوم الجيش السوري مع حزب الله بالهجوم على مدينة الباب والسيطرة عليها لانه عند ذلك ستصبح منطقة حلب منطقة ساقطة وتحت نيران مرمى السلاح التابع للجيش النظامي السوري.
اقرب نقطة الى الباب يتمركز فيها الجيش السوري هي مطار كويرس العسكري والمعروف ان الجيش السوري خاض اعنف المعارك حتى استطاع السيطرة على مطار كويرس ورغم قصف المسلحين للمطار فان الطوافات السورية تستخدمه وتنقل اليه اسلحة وذخيرة ومعدات باعداد كبيرة.

ـ حسم المعركة في الباب ـ

قرار القيادة السورية بحسم المعركة في الباب ظهر من خلال انتقال الفرقة الاولى من خط دمشق على طريق حمص، وقيادة الفرقة الاولى كانت في معلولا ثم انتقلت الى منطقة النبك، والآن انتقلت الى مدينة الباب وعديدها 15الف ضابط وجندي ورتيب، حيث بدأت بحفر الخنادق وتركيز المدافع وتحضير الوحدات بالهجوم على المدنية، والفرقة الاولى كان عديدها 35 الف جندي، لكن مع الحرب والاسشتهاد خلال المعارك والفرار والجرحى اصبح عديدها 15 الف جندي، لكنه مؤلف من عناصر مدربة ومقاتلة وشاركت بالمعارك طوال 5 سنوات ولها خبرة ميدانية قوية جداً. ومن المقرر ان ينطلق الجيش السوري بثلاثة افواج من الوحدات الخاصة ضد التكفيريين باتجاه مدينة الباب على ان تتقدم الفرقة الاولى من شرق وجنوب حلب باتجاه المدينة، مع العلم ان الطائرات الروسية والسورية لم تتوقف امس عن قصف مدينة الباب ولكن ليس في الاحياء السكنية بل مخازن الاسلحة ومرابض راجمات الصواريخ ومراكز اتصالات المسلحين، ويعتقد ان التكفيريين نصبوا فيها صواريخ مضادة للطائرات من غير نوع سام - 7 بل من نوع صاروخ روسي متطور لا يحمل على الكتف بل يركز على الارض ويتم اخفاؤه ويربط برادار ويمكن وضعه قرب الشجرة كي لا يتم اكتشافه. لكن الطائرات الروسية ومن خلال استخدامها لآلات التشويش الالكترونية استطاعت كشفها وقصفها خلال نهار امس. 

ـ الهدنة لا تشمل مدينة الباب ـ

وعندما وجدت واشنطن ان الجيش العربي السوري وبدعم روسي سيهاجم المدينة وان الجيش التركي سيتقدم نحو الباب بموافقة روسية تم الاتصال بين وزيري خارجية واشنطن وموسكو واتفقا على هدنة في حلب تشمل محيطها، لكن يبدو ان مدينة الباب لا تشملها الهدنة بدليل القصف المستمر من قبل الجيش السوري براجمات الصواريخ ضد مواقع المسلحين داخل المدينة ومن قبل مدفعية جيش النظام السوري  وقصف الطائرات الروسية بالاضافة الى قصف الطيران السوري الذي كان كثيفاً على المدينة. فيما المسلحون في مدينة الباب يحضرون لمعركة من اشرس المعارك التي قد تحصل لكن ما تركته داعش في مدينة الباب من عبوات ناسفة والغام على الارض قد تعيق تحرك لواء الفتح وجبهة النصرة لانها ستنفجر بهم اثناء تنقلاتهم وهم لا يعرفون اماكنها لان «داعش» لم تترك خرائط لاماكن زراعة العبوات. 

ـ دخول واشنطن على الخط ـ

بسبب خطورة الوضع في حلب ومدينة الباب دخلت واشنطن على الخط لعلها توقف المعركة ونحن على بعد ساعات من بدئها بشكل عنيف جداً خاصة ان الجيش السوري استقدم الوحدات الرئيسية الى مدينة الباب للسيطرة عليها وتسهيل اختراق جبهة حلب من الجنوب والشمال لاحقاً لان الهدف الاستراتيجي للجيش السوري حالياً هو السيطرة على مدينة حلب، وهذا القرار هو قرار متفق عليه بين الرئيس الروسي بوتين والرئيس السوري بشار الاسد.
الآن، اصبحت مدينة الباب محاصرة ولا يستطيع احد الخروج منها او الدخول اليها بسبب محاصرتها من قبل الجيش النظامي السوري وحزب الله والطيران السوري والروسي اضافة الى قوات تركية دخلت المنطقة واقامت سورا حول مدينة الباب، وهي تنتظر اذناً من موسكو للهجوم على الباب، لكن روسيا حتى الآن وتحت ضغط  سوري من القيادة العليا لم تعط الاذن للاتراك بالهجوم على الباب. لان السؤال هو ماذا بعد السيطرة على مدينة الباب، فاذا دخلت تركيا المدينة فانها تصبح على مسافة 28 كيلومتراً من حدود حلب وانها قد تسيطر عسكرياً من خلال التقدم على حلب وقد  تمنع الجيش السوري من السيطرة على العاصمة الثانية في سوريا. وهذا الامر، لا ترضى به القيادة السورية وقالت في بيان ان الطائرات التركية سيتم قصفها ومحاولة اسقاطها اذا خرقت الاجواء السورية وخاصة اذا قصفت حلب، لكن الطيران التركي استمر في خرق الاجواء السورية دون قصف حلب لان المنظومة السورية اس - 300 واس - 400تم تجهيزها لقصف اي طائرة غير سورية وغير روسية، لان الصواريخ الروسية مزودة بآلات الكترونية من منظومة الدفاع الروسية لا تطلق الصواريخ تجاه الطائرات الروسية والسورية، والطائرات التركية لا تملك هذه التقنية واذا دخلت الطائرات التركية اجواء حلب باستطاعة المنظومة الروسية اس - 300 واس - 400 ان تسقطهما. وقد اعلنت القيادة الروسية  خلال شهر آب ان منظومة الصواريخ الروسية اصبحت بامرة الجيش السوري ولم تعد تحت امرة الجيش الروسي، وبانه اذا تم اسقاط طائرة تركية دخلت المجال الجوي السوري فسيتم اسقاطها ليس بقرار روسي بل بقرار سوري دفاعاً عن المجال الجوي السوري في وجه الطائرات التركية التي تخرق الاجواء.
ساعات تفصلنا عن معركة الباب الا اذا ضغطت واشنطن بكامل ثقلها كي لا يسيطر الجيش السوري وحلفاؤه وتحديداً روسيا على مدينة الباب، وتلغي المعارضة التي ما زالت تركيا تدعمها تارة تحت الطاولة واحياناً فوق الطاولة او عبر السعودية او قطر وحتى تركيا. 

ـ حشود الجيش السوري ـ

هنالك 450 دبابة سورية تحيط بمدينة الباب وكذلك هناك 800 مدفع سوري تحيط بالباب، كما ان الطائرات السورية والروسية قادرة على تزويد حوالى 50 طائرة الى 100طائرة بقصف الباب واسقاطها.واذا كانت المعارضة السورية تتحدث عن دفاعها عن الباب فحقيقة الامر وفق مراسل جريدة «Independant» البريطانية الموجود على حدود السورية- التركية ان مدينة الباب ساقطة عسكرياً امام الجيش السوري والروسي، لا بل ان المعركة اصبحت روسية مع الثوار عبر مدينة الباب، ويقول المراسل ان الطائرات الروسية لا تنفك تقصف الباب بشكل لا مثيل له، والثوار يقولون اننا نخوض معركة ضد روسيا اكثر مما نخوض معركة ضد الجيش السوري. لكن الجيش السوري يستعد للدخول براً الى الباب خاصة ان ضابطاً تركياً يقول: لقد تشتت المقاتلون داخل الباب واكبر عدد منهم اصبح مجتمعاً على محور واحد لا يزيد عن 1000 عنصر، كذلك فان تنسيق النيران، وتشتت الثوار يجعلهم غير قادرين على قصف حلب ولا يستطيعون قصف القرى في محيط حلب لان فيها معارضة ويركزون قصفهم على مطار كويرس المحصن بالدشم والذي تنهال منه مدفعية الجيش السوري على مدينة الباب لاسكات مرابض الصواريخ ومدفعية التفكيريين.

ـ ماذا بعد معركة الباب؟ ـ

والسؤال الآن الرئيسي: ماذا بعد معركة الباب اذا حصلت وسيطر الجيش السوري على اربعمئة الف مواطن ومساحة 190 كيلومتراً وعلى هضاب بلدة الباب التي تطل على حلب يعني ان معركة حلب الفعلية بدأت وستصبح ميدانية وليست حرب دشم وانفاق او قصف جوي بل تصبح معركة الوية وافواج ضد مجموعات من الثوار ينتشرون في المدينة لكنه يتم قصفهم من الطائرات اضافة الى القصف المدفعي خصوصاً ان الجيش السوري يملك اهم اسلحة مدفعية في المنطقة.

 

الجمهورية :

مع بدء العدّ العكسي لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الاثنين المقبل، ما تزال ترتسم في الأفق على رغم الأجواء الإيجابية تساؤلات وعلامات استفهام حول ما ستؤول إليه مواقف داخلية وخارجية تبدي اعتراضاً في الشكل حيناً وفي المضمون أحياناً على التسوية المعقودة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون الذي نال بركة بكركي أمس. ولذلك ينتظر أن تتركّز الاهتمامات والمشاورات على معالجة مواقف المعترضين، مرشّحين أو كتل سياسية، على أمل أن تنتهي بفوز الرئيس العتيد بأكثرية مرموقة.

المؤكّد أنّ لقاء الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله مع عون مساء أمس الاوّل والذي حضَره رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل والمعاون السياسي لنصرالله الحاج حسين الخليل ومسؤول لجنة التنسيق والارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا، قد أسّس لورشة المشاورات الهادفة الى تمهيد الساحة امام جلسة انتخاب ناجعة تفضي إلى إنجاز الاستحقاق.

وعلمت «الجمهورية» أنّ عون أبدى خلال اللقاء ارتياحه الكبير الى المواقف التي أعلنها نصرالله قبَيل اللقاء بينهما، مُبدياً الامتنان الشديد، خصوصاً أنّ هذه المواقف بدّدت ما كان سائداً في أوساط «التيار» من تشكيك في صدقية تأييد حزب الله لترشيح عون.

وكان باسيل قد نشَر على حسابه على موقع «تويتر» صورةً للقاء عون ونصرالله، وأرفقَها بالعبارة الآتية: «الصدق في السياسة».

وشرَح نصرالله لعون أهمّية قبول الحزب بالتسوية والتي من ضِمنها القبول بالحريري رئيساً للحكومة تسهيلاً منه لحلّ أزمة الاستحقاق الرئاسي، ولاقتناع الحزب بأنّ هذا الأمر يمنع انهيار البلد، خصوصاً على المستويات الامنية والمالية والاقتصادية.

وذكر بيان «العلاقات الإعلامية» في الحزب أنّه تمّ خلال اللقاء «استعراض آخر المستجدات السياسية في لبنان والمنطقة، وخصوصاً ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي القائم وضرورة مواصلة الجهود لإنجاحه في أفضل الأجواء الايجابية الممكنة».

وورَد في البيان أنّ عون قال بعد اللقاء: «جئنا الليلة نشكر السيّد حسن نصر الله على مساعدتنا في حلّ المشكلة التي كانت مستعصية في انتخاب رئيس الجمهورية، فأعطى كلّ التسهيلات لحلّ هذه القضية، والحمدلله وصلنا إلى نهاية سعيدة، ونتمنّى أن تستكمل الأمور، ودائماً كنّا نجد كلّ
مساعدة وكلّ تسامح في القضايا الوطنية».

«التيار الوطني الحر»

وقالت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» إنّ اللقاء بين نصرالله وعون «جاء تتويجاً للمسار الراهن، وتمّ خلاله تقويم لكلّ المرحلة السابقة واستشراف المستقبل، وتمّ التركيز على سُبل الحفاظ على الحلف القائم والتشديد على أنّ التفاصيل الصغيرة مع جميع حلفاء الطرفين يجب أن لا تفسد في الود قضية».

وأكّدت «أنّ ثقة «التيار» المطلقة بالحزب لم تهتزّ للحظة، وقد عبّر العماد عون عن ذلك في أكثر من مناسبة». ووصَفت المصادر خطاب نصرالله الأخير بأنه «كان خطاباً مطَمئنا على كلّ الصُعد»، مؤكدةً «أنّ الاستحقاق الرئاسي لبنانيّ مئة في المئة»، ومعلنةً «الاستعداد للقيام بكلّ ما يتطلبه إنجاح المرحلة المقبلة، وذلك في إطار سياسة اليد الممدودة».

وتوقّفت هذه المصادر عند تلويح البعض بعرقلة تأليف الحكومة، معتبرةً «أنّهم بذلك يعرقلون البلد وليس العماد عون، فهذه ليست جمهورية «بيت بيّو»، بل جمهوريتُنا جميعاً، نعمل لعهد جديد وأمل جديد، وقد بدأ الجميع يستبشر خيراً». ولفتَت المصادر الى «أنّ الحكومة التي ستؤلّف يفترض أن تكون حكومة تشرف على إنجاز الانتخابات النيابية، والأساسي هو الحكومة التي ستؤلّف بعد الانتخابات».

وعلمت «الجمهورية» أنّ عون شدّد خلال اللقاء على ضرورة مساعدة الحريري في تأليف حكومة العهد الأولى، معتبراً «أنّ إعاقة تشكيلها وعرقلتَها بشروط غير تقليدية ستشكّل ضربة للعهد في أيامه الأولى أكثر ما ستكون إعاقة مهمّة الحريري الحكومية».

عون في بكركي

وفي هذه الأجواء التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عون في بكركي مساء أمس، واطّلع منه على آخر التطورات في الملف الرئاسي قبل الجلسة الانتخابية المقبلة، فأبدى البطريرك ارتياحه الى حصول ما كان يطالب به دائماً وهو إعلان الكتل السياسية والنيابية موقفَها في شأن الترشيح، الأمر الذي بات يضمن انعقاد الجلسة الانتخابية المقررة، وانتخاب رئيس للبلاد طالما انتظرَه الشعب بفارغ الصبر.

وأكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «اللقاء ساده جوّ من التفاهم والإيجابية، حيث بارك الراعي الحراك الرئاسي الأخير وأبدى تفاؤله بوصوله الى خواتيمه السعيدة، خصوصاً أنّ الراعي كان من أشدّ المطالبين بانتخاب رئيس في كلّ عظاته ومواقفه».

وكشفَت أنّ «عون أبدى حرصَه على التفاهم مع كلّ المكوّنات الوطنية والمسيحيّة»، لافتةً إلى أنّ «الراعي الذي أبدى حرصَه على الوحدة المسيحية والوطنيّة ناقشَ وعون كلَّ الملفات والاستحقاقات التي ستواجه العهد الرئاسي، وكان هناك اتّفاق تامّ على معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وإعادة عمل مؤسسات الدولة إلى سابق عهدها». (التفاصيل ص 6)

جنبلاط و«الطريق الأخضر»

وإلى ذلك كشفَ رئيس اللقاء الديموقرطي» النائب وليد جنبلاط في تغريدة عبر «تويتر» أنّه بعد التشاور مع «اللقاء الديموقراطي» سيَجتمع مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي اليوم. وكان جنبلاط قد نشَر صورةً لطريق برّية غير معبّدة وعلى جوانبها أشجار خضراء، وعلّق قائلاً: «الطريق الأخضر إلى بعبدا».

فرنجية

مِن جهته، أكّد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في حديث إلى برنامج «كلام الناس» مع الزميل مرسيل غانم عبر «ال.بي.سي»، أنه لن ينسحب من المعركة الرئاسية «وأنا أكثر شخص مرتاح لأنني أعرف ماذا أريد وأعرف انّه سيحصل انتخابات، وإذا خسرنا فنحن مستعدّون نفسياً وسياسياً، وإذا ربحنا مستعدّون لذلك، فنحن نضع احتمالَي الخسارة والربح في جلسة 31 الشهر»، كاشفاً عن أنّ «حزب الله» كان يعوّل على انسحاب عون بعدما رشّحَني الحريري، لكنّ دعم الدكتور سمير جعجع لعون قلَب المعادلة وأدّى إلى تشبّثه بترشيحه».

ورأى فرنجية أنّ «كلّ ما يُريده البطريرك هو انتخاب رئيس للجمهورية»، مشدّداً على أنّ «عون رَجل ميثاقي والأقوى عند المسيحيين ولكنّه ليس الوحيد».

وأضاف: «إذا فتحتم قلبَ السيّد حسن نصرالله ستجدون اسمَ سليمان فرنجية في داخله، وأنا أعتب على أبواق 8 آذار التي خوّنتني رغم تنسيقي الكامل مع «حزب الله»، وجَعلوا من عون بطلاً قومياً رغم ما فَعله، وأنا نّسقت كلّ شيء مع «حزب الله» ووافقوا على أن يأتي الحريري رئيساً للحكومة».

واعتبَر أنّ «حظوظ العماد عون أقوى للوصول إلى رئاسة الجمهورية بوجود الورقة البيضاء، لكن إذا تحوّلت هذه الأوراق البيضاء إلى رصيدي سترتفع حظوظي»، موضحاً «قد لا أسمّي الحريري لرئاسة الحكومة إذا طلبَ منّي برّي هذا الأمر».

«الكتائب»

وعَقد المكتب السياسي الكتائبي اجتماعه الأسبوعي في إطار اجتماعاته المفتوحة برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميّل ولم يُصدِر أيّ موقف نهائي في شأن الاستحقاق الرئاسي.

ورفع الاجتماع لبعض الوقت عندما زار النائب مروان حمادة بيتَ الكتائب المركزي في الصيفي والتقى الجميّل في حضور النواب إيلي ماروني وفادي الهبر ونديم الجميّل، وخصّص اللقاء للبحث في التطوّرات المتصلة بالاستحقاق الرئاسي والمواقف منه.

«المستقبل»

وفي انتظار عودة الحريري من الرياض قريباً، أوضَحت مصادر بارزة في كتلة «المستقبل» لـ«الجمهورية» أنّ زيارته للسعودية «هي زيارة خاصة كانت مقرّرة مُسبقاً، وتتعلق بأعماله هناك ولا ترتبط بالتطورات الرئاسية».

وإذ أبدت المصادر اطمئنانَها إلى سير الامور، لفتت الى انّ ما حصل يؤكد ما كنّا نردّده دائماً بأنّ الموقف السعودي واضح بأنّ الرئاسة شأن لبناني وهي لا تتدخّل فيه، وأنّ على اللبنانيين ان يجدوا الحلّ.

وتعليقاً على قول السيّد نصرالله «نحن نقدّم تضحية كبيرة جداً عندما نقول إنّنا لا نمانع في أن يتولى الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة»، اعتبرَت المصادر أنّ تضحية الحزب تكمن في قبوله بالدستور، فبحسَب هذا الدستور ينال الرئيس الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة غالبية الأصوات، يكلّف على أساسها تأليفَ الحكومة، والحزب ليس معتاداً على الرضوخ للدستور، وهذه تضحية كبيرة بالنسبة إليه، هناك استشارات تحكم».

وعن إمكانية عرقلة تأليف الحكومة، لفتت المصادر إلى «أنّ هذا الاحتمال قائم دائماً، بغضّ النظر عمّا يقال اليوم، لكن بذلك يكونون يعرقلون العماد عون».

وكرّرت المصادر التأكيد أن «لا انقسام داخل «المستقبل»، بل هناك أقلّية من النواب عبّرت عن رأيها علناً، إنّما الغالبية الساحقة من كتلة «المستقبل» تؤيّد مبادرة الرئيس الحريري، وإنّ الاتصالات مع هذه الأقلية غير مقطوعة أساساً، فهؤلاء النواب عبّروا عن موقفهم وأبدوا رأيَهم، لكنّهم لم يستقيلوا من الكتلة، والحوار دائم في داخلها، فنحن أهل حوار وليس منطقنا إقامة مجالس تأديبية أو طرد من لا يلتزم».

وعن مقولة أنّ الحريري بمبادرته «خسرَ سياسياً وشعبياً، اعتبرَت المصادر «أنّ الوقت كفيل بتبيان من يعمل صحيحاً ومن يعمل خطأ، فالرئيس الحريري قال إنّه «إذا كان أحد يبتزّني برصيدي الشعبي فأنا أقبل».

في كلّ الحالات الناس ليسوا أغبياء، وسيأتي وقت ويرون، والآن قد بدأوا يرون، أنّ هذا الرجل أقدمَ على خطوة ستودي إلى حلّ وستفضي الى انتخاب رئيس جمهورية وتأليف حكومة جديدة، فإذا كان الناس قد بدأوا يرون أنّ هذا الحلّ أثّر إيجاباً على أمنهم وحياتهم ومستقبلهم فهم ليسوا أغبياء، وقد تبيّن أنّ التهويل بالرفض العارم ليس في محلّه، وشاهدنا حجم تأثير من حاوَل القيام بعراضات على مزاج الناس».

الحجّار

وكان عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجّار قد قال إنّ الكتلة ستصوّت بغالبيتها الساحقة لعون في جلسة الانتخاب الاثنين المقبل. وأشار إلى أنّ 3 أو 4 نواب فقط اعترضوا على قرار الحريري.

جعجع

وفي المواقف المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، جدّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع القول إنّ «حزب الله» لا يريد أحداً في رئاسة الجمهورية، لأنه لا يريد جمهوريةً في الأصل، وانطلاقاً من هذا الواقع كنّا أمام خيارين: إمّا الذهاب مع «حزب الله» وكسر الجمهورية، وإمّا سحب العماد ميشال عون من هناك». وتساءلَ جعجع: «لماذا موقف الرئيس نبيه برّي حادّ إلى هذه الدرجة ضدّ العماد ميشال عون؟

فلو كان عون ذراع طهران في السلطة كما يُقال أكان عارضَه برّي بهذا الشكل؟ فعون حين يصل إلى رئاسة الجمهورية، ونظراً لأنه شخص براغماتي سيكون همّه إنجاح رئاسة الجمهورية وهذا ما يُزعج «حزب الله»، وأكّد أنّ «رئيس الحكومة المقبل سيكون بإذن الله سعد الحريري، وطبعاً القوات ستكون ضمن المعادلة الحكومية».

السعودية

إقليمياً، جدّد مجلس الوزراء السعودي خلال جلسة ترأسَها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز «عزمَ المملكة ومواصلتَها مكافحة الأنشطة الإرهابية لـ»حزب الله»، والاستمرار في العمل مع الشركاء في أنحاء العالم، لكشفِ أنشطته الإرهابية والإجرامية، وما اتّخذَته المملكة من تصنيف اسمَين لفردين وكيان واحد لارتباطها بأنشطة إرهابية، وتأكيد فرض العقوبات عليها استناداً لنظام جرائم الإرهاب وتمويله ونظام مكافحة غسل الأموال».

إيران

أمّا إيران فرحّبَت بلسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي «بأيّ اتفاق يتوصّل إليه اللبنانيون في إطار انتخاب رئيس جمهورية»، مؤكّداً «أنّ الحفاظ على وحدة أراضي لبنان واستقلاله يَحظى بأهمّية كبيرة لدى إيران».

وقال قاسمي: «إنّ توصّلَ الأحزاب اللبنانية الى نقطة مشتركة واتّفاق لملف رئاسة الجمهورية يُعتبَر أمراً مباركاً ويدعو إلى التفاؤل والسرور»، مؤكّداً دعمَ بلاده وترحيبَها بأيّ اتّفاق في هذا الصدد.

واعتبَر «أنّ التوصّل الى اتفاق نهائي في هذا الملف من شأنه إيصال رسالة إيجابية الى المنطقة عموماً، آملا في «أن يتّحد أبناء الشعب اللبناني بعد مزيد من التفاهمات والتوافقات بين الأطراف اللبنانية
المختلفة».

 

اللواء :

انطلقت ورشة إنهاء الشغور الرئاسي في كل اتجاه، سواء ورشة التحضيرات في قصر بعبدا لاستقبال النائب ميشال عون أو في مجلس النواب استعداداً لجلسة الانتخاب الاثنين، أو ورشة حركة الموفدين الدبلوماسيين إلى بيروت للوقوف على حقيقة ما جرى، لا سيما من العواصم المعنية دولياً واقليمياً، حيث ترددت معلومات عن موفدين: فرنسي وسعودي وإيراني إلى بيروت قبل استحقاق الاثنين، مع العلم ان الدبلوماسيتين الأميركية والروسية عبر السفارتين في بيروت وعوكر مستنفرتان لتزويد بلديهما بمستجدات تتعلق بالوضع الرئاسي.
وسياسياً، أخذت الصورة في التبلور، في ظل بروز عقبة دستورية تتناولها الاتصالات بعيداً عن الأنظار، ويتوقع ان تحسم مع عودة الرئيس نبيه برّي مساء الجمعة آتياً إلى بيروت من جنييف.
وهذه العقبة تتعلق بالنصاب الانتخابي في جلسة الاثنين وعما إذا كان رقم 86 فقط لحضور الجلسة أم يجب توفره لاعلان فوز عون في الدورة الانتخابية الأولى، أو اعتبار الدورة الأولى حدثت في نيسان 2014، ويكفي 65 نائباً باعتبارها ثانية، علماً ان مصادر نيابية في كتلة «المستقبل» اعتبرت ان النقاش في هذا الأمر اقفل مع اقفال محاضر الجلسة.
وحافظ المسار السياسي على طابعه الإيجابي بانتظار اكتمال حلقة إعلان المواقف أو نتائج الاتصالات:
1- فالنائب وليد جنبلاط دعا مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي للاجتماع اليوم، بعد اجتماع اللقاء الديمقراطي ضمن توجه يوفّر الدعم الدرزي للنائب عون ا<