السيد نصرالله يتنازل ويقبل بالحريري رئيسا للحكومة , ولأول مرة في تاريخ لبنان متعامل مع العدو سيكون رئيسا للجمهورية بأصوات المقاومة

 

السفير :

 

سبعة أيام ويأتي موعد «الاختبار الكبير». هل يكون للبنان «رئيس صنع محليا» في الحادي والثلاثين من تشرين الأول، أم أن هذا التاريخ سينطوي كغيره من التواريخ على مدى سنتين ونصف سنة من الفراغ الرئاسي؟
«على الورقة والقلم»، صار العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اعتبارا من 31 ت1. هذا أقله بالنسبة الى العونيين ورئيسهم جبران باسيل. بالنسبة الى المعارضين «حتى على الورقة والقلم» لم يُحسم الأمر، «وكل يوم يمر، يزداد معه تسرب الأصوات المعارضة». حتما لن يكون هؤلاء جميعا من حصة سليمان فرنجية، ولكن للورقة البيضاء معناها في هذا الاستحقاق.
في هذه الأثناء، بدا خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، في أسبوع القيادي الشهيد حاتم حمادة (الحاج علاء)، أمس، في القماطية، موجهاً الى الحلفاء أكثر منه الى الخصوم، وذلك من موقع الحرص على التفاهم القائم مع عون، من دون المس بالعلاقة التاريخية بين «حزب الله» وحركة «أمل» لا بل العلاقة السياسية والعاطفية والشخصية بين «السيد» والرئيس نبيه بري.
الأهم من ذلك، أن الأمين العام لـ «حزب الله»، من حيث يدري أو لا يدري، أبرز دوره الناظم للعلاقات الداخلية، بما فيها تلك العابرة لكل الاصطفافات الآذارية، ولو بشكل غير مباشر.
وليس خافيا على بعض المتابعين للاستحقاق أن الرسالة الأبرز من خطاب نصرالله هي إبراز حجم «التضحية الكبيرة جداً» التي قدمها «حزب الله» بعدم ممانعته بعودة سعد الحريري رئيسا للحكومة، خصوصا أن رئيس «تيار المستقبل» لم يوفر قناة مباشرة وغير مباشرة، وخصوصا عبر «الحوار الثنائي» في عين التينة، على مدى شهور، من أجل الحصول على كلمة واحدة من الحزب.
لم يعد الحريري الى بيروت إلا بعدما بلغه الجواب بصورة غير مباشرة ثم لاحقا في خطاب الذكرى العاشرة لحرب تموز 2006، عندما قالها «السيد» بالفم الملآن، «إننا إذا توافقنا على رئاسة الجمهورية (انتخاب عون)، فنحن منفتحون في موضوع رئاسة الحكومة».
وبرغم أن تلك الرسالة الايجابية المنتظرة لا بل المطلوبة وصلت إلى «من يهمه الأمر»، لم يتردد الحريري وقتها ومن ثم كتلته في الرد بعنف على الأمين العام لـ «حزب الله» الذي قرر أن يبلع الموسى، تسهيلا لأمر حليفه «الجنرال».
كانت المعادلة عند الحريري واضحة: موافقتي على عون رئيسا للجمهورية مرتبطة بموافقة «حزب الله» على عودتي إلى السرايا الكبيرة.
نال زعيم «المستقبل» الموافقة وتبنى ترشيح «الجنرال»، ولم يتوان عن «شيطنة حزب الله»، فيما كانت الرسائل تتوالى من تحت الطاولة ومؤداها أن من يضع يده بيد السيد نصرالله «يكسب الرهان محليا».
أما «حزب الله»، فكان لسان حاله التزام الصمت وعدم الرد لا بعنف ولا بهدوء على الحريري وكتلته، من باب سحب الذرائع ونزع أي لغم محتمل من أمام الدروب التي ستسلكها سيارة عون في طريقها من الرابية إلى بعبدا.
بالنسبة إلى «حزب الله»، فقد أدى قسطه للعلى، بقبوله المعادلة التي تعيد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وهو الذي لم يساير من قبل الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان مصراً على عودة الحريري رئيساً للحكومة، بعد استقالة وزراء «8 آذار» من الحكومة، لحظة دخول رئيسها إلى البيت الأبيض للقاء باراك أوباما في الثاني عشر من كانون الثاني 2011.
كانت حجة الرئيس السوري للتمسك بالحريري، وهو أبلغ ذلك إلى «الخليلين» (حسين خليل وعلي حسن خليل)، بأنه ملتزم مع الملك عبدالله بن عبد العزيز (مرحلة السين سين)، على الحريري رئيسا لوزراء لبنان وإياد علاوي رئيسا لوزراء العراق. سقط الخياران في كل من بغداد وبيروت، ولم تمض أسابيع قليلة، حتى بدأت أحداث سوريا.
وما يسري على الأسد، يسري أيضا على أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان (قبل أن يصبح رئيسا). أوفد الرجلان وزيري خارجيتيهما حمد بن جاسم وداود أوغلو الى بيروت وانتقلا من مطارها الى الضاحية الجنوبية، وأبلغا السيد نصرالله تمني قيادتهما عودة الحريري، فرفض، وعندما لمسا إصرارا فوق العادة، أخرجا ورقة بيضاء وقالا إنهما مستعدان للموافقة على الشروط التي يضعها الحزب، وفي الأولوية منها إسقاط المحكمة الدولية التي كانت سبب الخلاف مع الحريري واستقالة وزراء «8 آذار» منها!
في تلك اللحظة، أيقن نصرالله أن المحكمة الدولية مجرد أداة سياسية للاستثمار، بدليل العرض الفاضح الذي قُدّم الى «حزب الله»، وهو كان سببا في سقوط حكومة الحريري، فما كان منه إلا أن قال لضيفيه القطري والتركي: بين مصلحتي ومصلحة البلد، أفضّل مصلحة البلد، والمحكمة بالنسبة إلينا غير موجودة.
هل كان مطلوبا من «حزب الله» أن يقدم تضحية أكبر من قبول عودة الحريري، وهل المطلوب منه أن يعطي تطمينات للحريري بأنه ما دام عون رئيسا للجمهورية، «فإننا نضمن لك أن تستمر رئيسا للحكومة، سواء أكنت تملك الأكثرية أم لا تملكها»؟
عمليا، أعطى نصرالله أصواته لعون والحريري معا، وهو كرر تعهد الحزب بانتخاب عون رئيسا للجمهورية، وشدد على ان نواب «الوفاء للمقاومة» سينزلون كلهم الى المجلس النيابي لانتخاب «الجنرال»، حتى انه أعلن انه إذا كان قانون المجلس يسمح للنواب بفتح أوراقهم أمام الكاميرات، فإن نواب كتلة «الوفاء» مستعدون لجعل العالم كله «يرى أنه مكتوب اسم ميشال عون».
واللافت للانتباه في هذه النقطة بالذات، أن كلام نصرالله لم يشف غليل بعض «المدققين السياسيين»، ممن راحوا يبثون ليلا مناخات سلبية، مفادها أن الأمين العام لـ «حزب الله» لم يتفوّه بتاريخ الحادي والثلاثين من تشرين في معرض تأكيد الانتخاب، وهو الأمر الذي جعل أحد الحزبيين يردد «هل كان مطلوبا من «السيد» أن يذكر أرقام لوحات سيارات النواب والدروب التي سيسلكونها والثياب التي يرتدونها والأقلام التي يحملونها واللحظة التي يجب أن يسقطوا فيها أوراقهم في الصندوقة الانتخابية»!
ولم يغب عن بال نصرالله أن ينطلق، في الشق اللبناني، من عند خطاب الحريري التصعيدي بوجه الحزب، ليؤكد عدم النية بمقابلة التصعيد بمثله، لتأكيد النية بالتهدئة «إذ إنني أريد أن آخذ الجانب الإيجابي من الخطاب، لأننا نحن نريد أن نصل إلى نتائج إيجابية لمصلحة البلد والاستقرار»، وهي المعادلة التي كانت تحكم في مرحلة معينة علاقة «حزب الله» بالرئيس رفيق الحريري، حيث كان السيد نصرالله يؤكد له، خصوصا في آخر لقاءات بينهما في نهاية العام 2014، أننا نعمل في المقاومة سويا، فأنا مسؤول عن المقاومين وأنت المسؤول عن عائلاتهم، أي عن البيئة الحاضنة للمقاومة، عبر تأمين مقومات استقرارها الاجتماعي وأمانها الاقتصادي.
ووجه نصرالله رسالة غير مباشرة الى عون قائلا ان «كل ما يجري عندنا يمكن مقاربته من خلال حوار»، مطمئنا حول ما قيل عن حرب أهلية حيث أكد أن «ليس هناك أحد لا في الحلفاء، في الأصدقاء ولا في الخصوم، ليس هناك أحد يفكر بعقلية الفوضى ولا بعقلية العودة إلى الحرب الأهلية».
كما طمأن المتخوفين من ان «ليس هناك أحد الآن في لبنان يفكر بعقلية إدارة ثنائية للبلد، لا ثنائية على أساس مذهبي، ولا ثنائية على أساس طائفي ولا ثنائية على أساس حزبي»، مشددا على ان هذا الامر غير موجود لدى الحلفاء وعند الخصوم. من دون أن ينفي وجود قلق لدى بعض حلفائه «يجب أن يعالج».
وتضمّن الخطب رسالة رمزية الى «قواعد التيار الوطني الحر»، بأن «لا تسمحوا لأحد بأن يستغل أو يوظف أو يسيء الى العلاقة بيننا وبينكم، أو يحاول أن يشوّهها، ولا أود الدخول بالأسماء، كل الناس تعلم الحرف الأول من الاسم.. والحرف الأخير»، ملمحا الى سمير جعجع.
وفي انتظار ما سيحمله موفد روسي يزور بيروت قريبا، علم أن الموفد الفرنسي جيروم بونافون ألغى بعد زيارته الأخيرة لبيروت سلسلة مواعيد كان قد طلبها في كل من العاصمتين السعودية والايرانية لأسباب لم تعرف بعد

 

النهار :

"تضحيات" متبادلة يقدّمها الأفرقاء المتباعدون – المتحالفون في "أسبوع الآلام" الذي يسبق الانتخابات الرئاسيّة المقررة الاثنين 31 تشرين الأول ما لم يحصل تطوّر مفاجئ يطيح الجلسة. فالرهانات على إرجاء الجلسة مستمرة، والشكوك في انعقادها وإجراء الاستحقاق على أشدّها، وهي تكبر ككرة الثلج، وتولد استياء على المستويين السياسي والشعبي، وتكاد تهدد التحالفات القائمة. وقد دفع هذا الواقع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أمس إلى التعبير عن استيائه من الشائعات ومحاولات الإيقاع بين الحزب وحلفائه، وخصوصاً بعد التباعد في وجهات النظر حيال ترشيح العماد ميشال عون مع حلفاء كثر يصر بعضهم على التصويت للنائب سليمان فرنجية. وبينما سعى البعض الى إقناع الحزب بالعمل على إرجاء الجلسة الانتخابية أسبوعين، تفيد المعلومات التي توافرت لـ"النهار" أن الحزب نزل عند رغبة عون في عدم التأجيل نهاراً واحداً. وقد نشط المعاون السياسي للأمن العام حسين الخليل ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق المركزية في الحزب وفيق صفا في الأيام الأخيرة في لقاءات بعيدة من الأنظار لاستيعاب الحلفاء وحملهم على تفهّم موقف الحزب من دون الضغط عليهم للمضي في خياره. وهذا ما لمّح إليه السيد نصرالله بتأكيده أن نواب الحزب ملتزمون عون وإذا سمح لهم النظام الداخلي فإنهم سيقترعون بأوراق مفتوحة، في إشارة الى عدم ضمان أصوات الحلفاء.
وإذ أعلن نصرالله، في معرض تأكيده التزام حزبه انتخاب العماد ميشال عون رئيساً الاثنين المقبل، أن الحزب "يضحّي" بقبوله الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة، تتحدث مصادر مستقبلية عن "تجرّع" الحريري كأس انتخاب عون، ما يجعل حسابات الربح والخسارة متقاربة لدى الطرفين. فالحزب يدفع ثمن خياره تباعداً مع الرئيس نبيه بري تطور الى اختلاف دفع الأخير الى اعلان عدم اقتراعه لعون وتحوّله الى المعارضة، وهو ما كرّره أمس من جنيف، مستبعداً فكرة التسوية معه. كما أدّى خيار الحزب الى "فتور" في العلاقة مع رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية يرفض الأخير إظهاره الى العلن. وسيطل فرنجية مساء اليوم في حديث متلفز يعلن فيه مواقفه من آخر التطورات. وعلم أن التواصل قائم مع الرئيس بري بالواسطة أملاً في حصر نقاط التباعد وضمان مشاركته في الحكومة بعد اجراء الاستحقاق.
في المقابل، أدى دعم الحريري ترشيح عون الى ضرب علاقته بالرئيس بري، والى انقسام داخل كتلته النيابية وتباعد في التوجهات مع رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة. كذلك استغل مناوئو الخطوة الاعلان لتحريض الشارع السني عليه، وقد شهد هذا الشارع تحركاً محدوداً في هذا الاتجاه مع الوزير أشرف ريفي السبت والأحد.
وسط كل هذا الصخب، أبلغت أوساط سياسية "النهار" أن جلسة انتخاب رئيس جديد في 31 تشرين الأول قد تشهد دورة اقتراع واحدة يفوز فيها العماد عون بمنصب الرئاسة الأولى إنطلاقاً من زخم التأييد الذي بدأ يتصاعد لمصلحته. وأشارت الى ان الاعتراض الذي ظهر فور إعلان الرئيس الحريري دعم الترشيح داخل كتلة "المستقبل" بدأ ينحسر وهو سيتضح تباعاً في الأيام المقبلة. وقللت هذه الأوشاط أهمية الأنباء التي تحدثت عن سلبية في الموقف السعودي حيال خطوة الحريري، وقد ظهر الموقف جلياً في حياد وسائل الاعلام السعودية في مقاربة ترشيح زعيم "تيار المستقبل" لعون، وقالت إن الكلام بات يدور حول شكل الحكومة المقبلة وحول قانون الانتخاب.

 

كاغ
من جهة أخرى، استرعى الانتباه الموقف الذي نقلته المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بقولها إن "لا فيتو رئاسياً من ايران أو السعودية على أي مرشح لرئاسة الجمهورية في لبنان"، مشيرة الى أن موقف مجلس الأمن، كما الدول التي زارتها، "واحد، وهو أنّ على اللبنانيين اتخاذ القرار، لكن التحالفات والتفاهمات بين القادة في لبنان وبعض الدول الخارجية تشجّع ربما على التعجيل في الأمور".
واعتبرت في حديث الى اذاعة "صوت لبنان – ضبية" أمس أنه "في خضم الأزمات والتغييرات السياسية في المنطقة والعالم فإن لبنان لم يعد يشكّل أولوية وبالتالي على القيادات أن تعمل على وضعه مرة جديدة على الخريطة في ما خص حاجاته". وشددت على أن "مجلس الأمن لا يفضّل شخصاً على آخر لرئاسة الجمهورية في لبنان ولا يعطي رأيه، بل ما يهمّه أن يصل الأفرقاء الى توافق يكون قابلاً للتطبيق لإعادة العمل في مؤسسات الدولة وإعادة تفعيل البرلمان".

 

الحملة الوطنية لتنظيف الليطاني
وفي شأن حياتي، وبعد التوصل الى اتفاق مع موظفي "سوكلين" لاعادة رفع النفايات من الشوارع، انطلقت من نبع العليق البقاعي، الحملة الوطنية لحماية الليطاني وتنظيف مجراه على امتداده بمشاركة المجتمع المدني والجمعيات الكشفية. وعند تقاطع المرج – بر الياس، حضر وزير البيئة محمد المشنوق الذي رفض ما كتب في لافتة "الليطاني يقتلنا"، وقال: "الليطاني لا يقتلنا. الليطاني مصدر حياة وسنعيده مصدراً للحياة، التلوّث نحن نقوم به".
وفي منطقة الخردلي – الليطاني (مرجعيون)، جمعت تظاهرة بيئية مكوّنات سياسية وبلدية واجتماعية ودينية، وشارك بعض الغطاسين وفريق من الدفاع المدني في حملة لتنظيف النهر، وجمع المشاركون النفايات في مستوعبات وأكياس، فيما تولّت آليات "بوكلين" تنظيف المجرى وتوسيعه.

 

 

المستقبل :

لعله الإثنين الأخير الذي يمرّ على الجمهورية من دون رئيس.. فبعد مبادرة تلو أخرى ومسعى يعقبه آخر وبنفس وطني طويل لا يكلّ ولا يملّ ولا يبخس الدولة حقها على أبنائها في بذل التضحيات مهما غلا ثمنها، نجح الرئيس سعد الحريري أخيراً في تعطيل التعطيل ومحاصرة صنّاع الفراغ فارضاً بمبادرته الرئاسية الأخيرة طوقاً محكماً ضيّق الخناق حول الشغور حتى بات اليوم في مرحلة لفظ الأنفاس الأخيرة. إذ تدلّ كافة المعطيات والتصريحات المتعاقبة غداة تأييد الحريري ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، على أنّ الأسبوع الجاري سيكون أسبوع الشغور الأخير قبل بزوغ عهد رئاسي جديد الاثنين المقبل تنتهي معه لعبة تطيير النصاب التي انتهجها «حزب الله» طيلة عامين ونصف العام وكاد أن يطيّر معها البلد.

أما رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورغم معارضته السياسية العلنية لمآل الأمور التي رست على ضمان عون تأييد أكثرية نيابية وازنة تؤمن انتخابه رئيساً للجمهورية، فهو، وعلى دارج عادة رجال الدولة في تحمّل المسؤوليات الوطنية أمام المحطات الفصلية، «لم ولن» يلجأ إلى تعطيل النصاب الرئاسي كما أكد جازماً من جنيف أمس، كاشفاً أنه كان قد قال لعون خلال لقائهما الأخير في عين التينة: «تعطيل النصاب في جيبتي الكبيرة لكنني لست أنا من يلجأ إليه».

نصرالله

وفي سياق مؤكد لانتخاب عون رئيساً للجمهورية بعد مبادرة تأييد الحريري ترشيحه، جاء إعلان الأمين العام لـــــ«حزب الله» أمس أنّ كتلته البرلمانية ملتزمة المشاركة في جلسة الانتخاب المقبلة ومنح أصواتها كاملةً لصالح عون، مبدياً استعداد نواب الكتلة لكشف أوراق اقتراعهم «السرية» تبديداً للشكوك التي تراود العونيين حيال هذا الأمر. وفي خطاب متلفّز ألقاه أمس لمناسبة ذكرى أسبوع على مقتل القيادي في الحزب حاتم حمادة، تناول السيد حسن نصرالله الشأن الرئاسي من بوابة «التطوّر المهم» الذي تمثل بإعلان الحريري تأييد ترشيح عون، مؤكداً أنّ هذا التطوّر «فتح الباب على مصرعيه أمام إنجاز الاستحقاق بشكل واقعي في الموعد المقبل» في إشارة إلى جلسة 31 الجاري.

وبمعزل عن محاولة الأمين العام لـــــ «حزب الله» التعاطي مع مسألة تولي الرئيس الحريري سدة رئاسة الحكومة في العهد الرئاسي الجديد بذهنية «تربيح الجميلة» للعونيين بأنه لو أراد أن ينسف حظوظ التوافق على انتخاب العماد عون لكان رفض هذه المسألة أو لكان صعّد لهجة موقفه تجاه الحريري، برز إقرار نصرالله بوجود أزمة «لا ثقة» من جانب قواعد «التيار الوطني الحر» بصدقية دعم «حزب الله» لانتخاب عون ربطاً بالمستجدات الرئاسية الأخيرة، طالباً من جمهور التيار في المقابل عدم الالتفات إلى ما يثار من تشكيك بحقيقة موقف الحزب. وأردف كاشفاً أنه أرسل لعون يقول له: «إذا كان قانون المجلس لا يسمح بأن يفتح نوابنا ورقة الاقتراع أمام الكاميرات والناس لتتبيّن أنه مكتوب عليها إسم ميشال عون «بعات« مندوب من النواب ليقعد بين نوابنا ويرى الواقع»، مضيفاً: «عيب أن نصل إلى هذا الموقع لأنّ هناك قلة أخلاق وقلة عقل».

أما على ضفة حلفائه المعترضين على انتخاب عون، فتعهد نصرالله انطلاقاً من إعلان رئيس «تيار المستقبل» تأييد ترشيح عون أنه سيواصل جهوده للوصول «مع بقية الأصدقاء والحلفاء» إلى استحقاق رئاسي «هادئ ومعقول ومطمئن»، وقال: «نحن بدأنا ببذل جهد على هذا الصعيد وسنكمل، لكن هل نوفق أو لا، هذا متروك للوقت»، مع تأكيده متانة العلاقة مع كل من الرئيس بري والمرشح النائب سليمان فرنجية اللذين اعتبرهما «متفهمين» لموقف الحزب، رغم أنه ردّ بشيء من العتب على عبارة فرنجية التي أشار فيها بشكل غير مباشر إلى كون «كثرة أخلاق» حزب الله هي التي حالت دون انتخابه رئيساً، قائلاً: «سليمان بك تحدث عن كثرة الاخلاق.. معليش كترة الأخلاق جيدة».

 

الديار :

سيدخل لبنان، ما لم يقع شيء غير متوقع، مرحلة استقرار وتفاؤل وازدهار ووفاق سياسي. والذي استمع الى سماحة السيد حسن نصرالله، استنتج بوضوح ان المقاومة تركز على جبهة سوريا حاليا وفي السنتين القادمتين. بينما هي تريد الاستقرار الكامل في لبنان وبدء مرحلة الازدهار والخروج من الشلل الحكومي وداخل المؤسسات. هذا ما يمكن استنتاجه من خطاب سماحة السيد حسن نصرالله.
وبالاشارة الى هذا الجو، فإن الرابية مقر العماد ميشال عون تشهد اجتماعات مكثفة لوضع لوائح بتعيين مسؤولين جدد ضمن النفوذ الذي يقع للعماد عون. كذلك فإن لفتة ظهرت من العماد عون بطريقة غير مباشرة نحو الوزير وليد جنبلاط، وذلك عشية اتخاذ جنبلاط لقراره بتأييد العماد عون من خلال نقل كلام عن لسانه وهو: أكمل مصالحتك في الجبل يا وليد بك. وقد نفى مصدر قريب من العماد عون ان يكون عون قد وجه نداء الى جنبلاط لتأييده. انما حقيقة الامور هي ان جمهوراً من التيار العوني في الشوف وعاليه زار وليد جنبلاط وقال له أكمل المصالحة في الجبل.
وعند الكتل السياسية والحزبية الاخرى ورش عمل وكأن ضوءاً أخضر كبيرا جاء الى لبنان، فانتقلنا من فراغ رئاسي فجأة الى التحضير لانتخاب رئيس، ومن حكومة مشلولة لا تتخذ قرارات، الى الوعد بحكومة قوية بإشراف العماد عون ورئاسة سعد الحريري، ومن مجلس نيابي لا يشرع، الى مجلس نيابي ينتظره 180 مشروع قانون لاصدارها والموافقة عليها، فيما الودائع المالية في المصارف اللبنانية وصلت الى 190 مليار دولار، والجيش اللبناني لأول مرة يصل عديده الى 80 ألف جندي ورتيب وضابط. وهكذا بسحر ساحر يستعد لبنان للانطلاق من الرجل المريض الى الدولة القوية.
ماذا قال السيد نصرالله؟
اكد نصرالله «ان اعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة فتح الباب على مصراعيه امام انجاز الاستحقاق في الموعد المقبل». واشار خلال ذكرى اسبوع الشهيد القائد حاتم حماده (الحاج علاء) في بلدة القماطية الى «انه رغم ان خطاب الاعلان كان تصعيديا ضدنا، مع ذلك انا اقف عند هذا الموضوع، وان كان لنا حق الرد بل نريد ان نأخذ الجانب الايجابي».
وشدد على «ان ليس هناك احد يفكر بعقلية ادارة ثنائىة للبلد على اساس مذهبي أو طائفي أو حزبي، وليس هناك من الاصدقاء ولا من الخصوم من يفكر بعقلية الفوضى أو بعقلية العودة الى الحرب الاهلية».
واكد ان «العلاقة بين حركة امل وحزب الله هي اعمق وأقوى وأصلب من ان تنال منها الفبركات».
وأعلن السيد نصرالله انه «عندما تعقد الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس ستحضر كتلة الوفاء للمقاومة بكامل اعضائها لانتخاب العماد ميشال عون، وعندما نذهب الى  الجلسة المقبلة سنذهب متفهمين متفاهمين مع حركة امل».
واذ اعتبر السيد نصرالله «اننا نقدم تضحية كبيرة جدا عندما نقول اننا لا نمانع ان يتولى سعد الحريري رئاسة الحكومة»، شدد على ان حزب الله «كان يريد من اليوم الاول انتخابات رئاسية، وقال: «اننا سنكون اهل الصدق والوفاء مع الحليف».
وتوجه لجمهور التيار الوطني الحر بالقول: «لا تسمحوا لأحد بأن يستغل او يسيء أو يحاول ان يشوّه العلاقة بيننا وبينكم».
وقال السيد نصرالله: «لا يراهن احد على تعبنا، ونحن نفتخر بشهدائنا في سوريا، والحالة الوحيدة التي تعيدنا الى لبنان هي الانتصار في سوريا».

ـ بري: سأصوّت لفرنجية ـ

بدوره اكد رئىس مجلس النواب نبيه بري من جنيف انه ابلغ العماد ميشال عون بأن «تعطيل النصاب لجلسة انتخاب رئىس الجمهورية في جيبي الكبيرة ولكن لست انا من يلجأ الى ذلك فأنا لم افعلها مرة ولن افعلها».
واكد انه سيصوّت للنائب سليمان فرنجية ما دام مستمرا في ترشيح نفسه. واكتفى بالجواب عن سؤال عمّا اذا كان سيسمي الرئيس الحريري لتأليف الحكومة الجديدة بالقول «لوقتها».
وقال في دردشة مع الاعلاميين، بعد ترؤسه الاجتماع التشاوري لاتحاد مجالس دول منظمة التعاون الاسلامي»، ان «الاهم في العرس اللبناني هو شهر العسل وأكل العسل». وقال: «اعلنت انني سأكون في المعارضة وأنها معارضة بناءة» 

ـ باسيل: العملية الحسابية انتهت ـ

وقال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل «اننا طامحون ان نستكمل التفاهمات، لاننا لا نرى ان هذا الامر يكتمل دون الطائفة الدرزية، ومن دون اشتمال كل المسيحيين، ومن يرغب من المسيحيين بهذه التفاهمات، لاننا لا نريد ان يكون اي احد خارج هذا التفاهم». واكد ان العملية الحسابية قد انتهت، وكل ما تسمعونه هو من باب التشويش، أكان بالأعداد او بالارقام او بالمواقف الخارجية او بالحركات الشعبية الخ...
وشدد باسيل، خلال تكريم الناجحين في الشهادات الرسمية في بلدة اده - البترون، على ان«التفاهمات ستنتصر على الصفقات». وقال: «نحن نعلم انه لن تفرش الورود امام العهد المقبل لكننا في صدد تصحيح خلل قديم، علينا ان نعي معه اننا اصبحنا في مرحلة جديدة». اضاف: حقنا ان نقوم بتفاهمات ثنائىة لكن رئىس الجمهورية يحوّلها الى تفاهم جامع ويتصرف على هذا الاساس».
ووجه باسيل دعوة الى «كل من يريد التفاهم اننا لا نستثني احدا ولا نلغي احدا ومن لديه اوهام وانتقادات ندعوه للمجيء» مؤكداً ان الحرب انتهت ولن تعود. 

ـ خالد الضاهر: التقارب بين المستقبل والتيار انتج تفاؤلا بين الناس ـ

من جهته قال النائب خالد الضاهر للديار إن الرئيس سعد الحريري سواء احبه او كرهه البعض هو رئيس اكبر كتلة نيابية، وبالتالي هو المخول الاول لتسلم رئاسة الوزراء في لبنان، ولا يمكن تجاوز الحريري في السلطة. وحول التعاون بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، اعرب الضاهر عن تفاؤله في هذا الشان معتبرا ان هذا التقارب بين هاتين القوتين سيثمر بشكل ايجابي على الصعيد العام ويضمد الجراح بين اللبنانيين ويخفف الانقسامات التي نخرت بالوطن. 
اما عن الانتقادات التي توجه الى العماد ميشال عون من بعض الزعماء بأنه رجل ايران في لبنان والى ما ذلك، ولفت النائب خالد الضاهر الى ان عون كان في صلب 14 اذار في بدء الامر غير ان حلفاؤه في 14 اذار اخطأوا تجاهه عندما ارادوا تحجيم قوته ونفوذه، فمسؤولية خروج عون من تكتل 14 اذار تقع على زعماء هذا التكتل. في المقابل ادرك حزب الله قوة التيار الوطني الحر واستفاد من اخطاء حلفاء عون السابقين، فمد يده الى التيار الحر، والامر الذي انتج وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر. وهنا شدد الضاهر على ان عون ليس من صميم 8 اذار بل هو حليف مع اقطاب من 8 اذار.
وطالب النائب الضاهر النواب الذين ينتمون الى كتلة المستقبل بالالتزام بقرار الرئيس سعد الحريري

الجمهورية :

دخلَ لبنان أسبوع «الحسم الأخير»، قبلَ الاستحقاق الرئاسي المحدّد في 31 الجاري، بحيث ستكون خطوات ومواقف كلّ المكوّنات السياسية مدروسة ومحسوبة. وهذا ما كانت عليه أمس كلمة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله التي بدت وكأنّها مباركة لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لاجتياز الأمتار الأخيرة إلى قصر بعبدا. إلّا أنّ الأنظار ستبقى شاخصةً إلى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي مِن المتوقع أن يُعلن موقفَه الأخير خلال هذا الأسبوع. ومهما يكن الأمر، لا شيء سيؤخّر انعقاد جلسة 31 الجاري إلّا حدثٌ استثنائيّ، فيما كلّ الأجواء توحي بأنّ عون بات يَحظى بأكثرية الأصوات في البرلمان، مع استمرار رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في ترشيحه، والذي سيطلّ اليوم في مقابلة تلفزيونية يعلن فيها موقفَه من الاستحقاق الرئاسي.

مع انطلاق أسبوع حبس الأنفاس، ترَكت كلمة نصرالله آثاراً ملحوظة لدى الأفرقاء السياسيين في لحظة دقيقة بلغَ فيها السباق الرئاسي الشوط الأخير. ولا شكّ في أنّ المعنيين وصَلت إليهم أربعة إشارات من هذه الكلمة:

أوّلاً، لا تأجيلَ لجلسة انتخاب الرئيس حاملة الرقم 46 التي ستحصل في 31 الجاري، وتأكيد انتخاب عون، على رغم معارضة حليفِه رئيس
مجلس النواب نبيه بري «الذي يتفهّم موقفَنا ونتفهّم موقفه».

ثانياً، «حزب الله» لن يعرقلَ تسوية تأتي برئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري رئيساً للحكومة، مؤكّداً «أنّ القبول بالحريري رئيساً للحكومة تضحية كبيرة».

ثالثاً، عدم المراهنة على خلافات بين حزب الله وحركة «أمل»، لأنّ «العلاقة أقوى من المحاولات التي يلجأ إليها البعض لزرع الفتن، وأصلب مِن أن تنال منها كلّ الفبركات».

رابعاً، نصائح لقاعدة «التيار الوطني الحر» بعدم السماح لأحد الاصطياد في المياه العكرة و»أن لا تسمحوا لأحد أن يسيء العلاقة بيننا وبينكم ويشوّهها».

أبي رميا

أولى الانطباعات كانت من «التيار الوطني الحر» الذي تلقّفَ كلمة نصرالله بإيجابية، معتبراً أنّها تدحَض كلّ ما سيقَ خلال الأسبوعين المنصرمين من ادّعاءات حول موقف «حزب الله» من انتخاب عون أو رغبة «الحزب» بإرجاء الجلسة، إضافةً إلى الحديث عن تبادل أدوار بين «الحزب» وبري.

وقال عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب سيمون أبي رميا لـ«الجمهورية»: إنّنا في حكمِ العلاقة مع «حزب الله» منذ 11 عاماً أصبَحنا نعرفهم ونعرف أنّهم صادقون. عندما يَعِدون لا بدّ أن يحقّقوا وعودهم.

كلام السيّد أبطلَ كلَّ التشويش الإعلامي». ولفتَ أبي رميا إلى «أنّ «التيار» سيعمل خلال أسبوع لتذليل كلّ العقبات من خلال التشاور مع الكتل الرافضة لانتخاب عون، وهي كتلة «التنمية والتحرير» و«تيار «المردة» و«اللقاء الديموقراطي» و«الكتائب». ولعلّ اللقاء الذي صار مؤكّداً على أجندة التيار سيكون مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط».

كرم

أمّا عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم فأوضَح لـ«الجمهورية»: «ثمّة أمور عدة تحتمل التعليق في كلمة نصرالله، لكن لنكُن إيجابيين، لا نريد أن نشوّش على الاستحقاق الرئاسي».

وتوقّعَ «أن لا يكون هناك عائق للوصول إلى جلسة انتخاب الرئيس ما دام السيّد نصرالله صادقاً في التزامه مع الجنرال عون، ويريد تهدئة الوضع اللبناني كما يقول». ولم يستبعد كرم «أن تنضمّ الكتل المعارضة لعون إلى التوافق الكبير على شخصه، خصوصاً أنّ المعترضين هم حلفاء عون أصلاً».

من جهته تيار «المستقبل»، رأت مصادرُه «أنّ كلمة السيّد نصرالله موجّهة إلى قواعد «التيار الوطني الحر» التي بدأت في الأشهر الماضية تطرَح سلسلة تساؤلات حول مدى التزام «الحزب» بانتخاب عون. أمّا ما بقيَ غامضاً في الكلمة فهو كيفية معالجة «الحزب» لعقدة بري».

وقالت مصادر سياسية ونيابية لـ«الجمهورية» إنّ المساعي التي بُذلت لتأجيل جلسة انتخاب الرئيس قد طويَت نهائياً قبل أن يسافر بري إلى جنيف، وليس هناك ما يَستدعي التأجيل ما لم يطرأ ما لا يتحمّله البلد الذي يستعدّ لجلسة تنعقد في أجواء من الاستقرار والهدوء لإنهاء حالِ الشغور الرئاسي اليوم قبل الغد.

وأضافت هذه المصادر أنّ بري رفضَ البحث في اقتراح تلقّاه من أحد الأطراف، فردَّ عليه بفشل المسعى، بعدما أكّد علناً وبكلّ الوسائل مشاركةَ نوّاب كتلة «التنمية والتحرير» في الجلسة، على رغم رفضهم التصويتَ لعون، والملاحظات الكبيرة على أداء الحريري والتي ولّدت نوعاً من القطيعة معه، وتعزّزت بعدما أوفَد إليه الوزير علي حسن خليل قبل يومين من ترشيح عون لثنيِه عن الخطوة قبل التفاهم على بعض المسائل الضرورية والملحّة، ولمّا فعلها الحريري لم يعُد هناك أيّ مبرّر لتأجيل الجلسة.

على أنّ مصادر بري تتوقع أن تشهد الجلسة معركةً حقيقية من خلال التنافس بين عون وفرنجية. وقالت إنّ جنبلاط أقدمَ على الخطوة عينها، وتولّى الوزير وائل أبو فاعور الإبلاغ إلى «حزب الله» مشاركة نوّاب «اللقاء الديموقراطي» في الجلسة ولو أنّهم لم يحسموا أمرَهم بعد في انتخاب عون أو فرنجية أو الاستمرار في ترشيح النائب هنري حلو تعبيراً عن رفضِهم الترشيحين الآخرين معاً، وهو ما يُعدّ مخرجاً لا يمتلكه سوى «اللقاء الديموقراطي» إذا لم ترمَّم العلاقة بين حليفَيه بري والحريري.

تريّث جنبلاط

وتأكيداً لِما نشرته «الجمهورية» السبت الماضي، لم يرَ جنبلاط سبباً للاستعجال في إعلان موقف كتلة «اللقاء الديمقراطي» من الانتخابات الرئاسية لأسباب عدة.

وقالت مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الجمهورية» إنّ جنبلاط «يتردّد في حسمِ موقف الكتلة «حفاظاً على وحدتها قبل أيّ سبب آخر، وبالتالي في انتظار مزيد من التنسيق مع الرئيس بري أوّلاً، والرئيس الحريري تالياً، وهو يراقب أداءَهما قبل الكشف عن الموقف النهائي».

وأكّدت «أنّ جنبلاط ينتظر أن يزورَه عون أو وفدٌ مِن «التيار الوطني الحر» هذا الأسبوع ليبنيَ على الشيء مقتضاه».

وإلى ذلك، يراقب جنبلاط حجمَ التفكّك في بعض الكتل النيابية، ولا سيّما منها كتلة «المستقبل»، فضلاً عن مواقف السيّد نصرالله التي جاءت أمس الأحد كما تَوقّعها جنبلاط قبل 24 ساعة.

وهو ما كشَفه قياديّ في الحزب التقدمي لـ«الجمهورية»، متوقّفاً أمام هدوء نصرالله وإصراره على المعالجة في جو هادئ بلا أيّ ضجيج بين مجموعة من الحلفاء في مروحة واسعة تمتدّ مِن الضاحية إلى عين التينة وصولاً إلى الرابية وبنشعي، من دون إعطاء أيّ دور أو أهمّية لمواقف معراب و»بيت الوسط» وتداعياتها.

بانتظار عودة الحريري

وبانتظار عودة الحريري من الرياض التي توجَّه إليها السبت الماضي ستتّضح أمور كثيرة، سواء بقيَ في الرياض أو توجَّه إلى القاهرة التي قيلَ إنّه توجّه إليها من دون إعلان.

وقالت مصادر بيت الوسط لـ«الجمهورية» إنّ الحريري زار الرياض من دون الإشارة إلى أيّ موعد مقرّر له مع أيّ من أركان القيادة السعودية، رافضةً الحديثَ عن رواية قالت إنّه استدعيَ إلى العاصمة السعودية للتشاور في التطوّرات، وأكّدت «أنّه لو وجِدت مثلُ هذه الخطوة السعودية بهدف التشاور لن يكون منزعجاً أبداً، فلديه ما يكفي من المعطيات للدفاع وتوضيح خطوته الأخيرة بترشيح عون».

وإلى هذه المعطيات، قالت المصادر إنّ الحريري وفورَعودته المتوقعة في أيّ وقت، سيتفرّغ لمناقشة نوابه المعترضين في خيار عون فرداً فرداً، سعياً وراء استعادة وحدتِهم، فهو لم ولن يقبلَ أن تكون التزاماته مع عون أو مع أيّ طرف آخر عرضةً لأيّ انتقاد أو مراجعة، حسب أوساطه.

بري

في غضون ذلك أكّد بري خلال ترؤسِه أمس في جنيف الاجتماع التشاوري لاتّحاد برلمانات دول منظمة التعاون الإسلامي، في دردشة مع الوفد الإعلامي المرافق: «عندما تركتُ بيروت قاصداً جنيف لم يطرأ أيّ جديد على الوضع. هنا أودّ أن أذكّر الجميع ونقارن بين ما طرحته في ما سمّيَ السلة وبين ما نَسمعه ونعرفه عن اتّفاق قد حصل.

وقد دعوتُ إلى الاتّفاق على تشكّل الحكومة وعلى قانون جديد للانتخاب وأن يبدأ التنفيذ بانتخاب رئيس الجمهورية. وها نحن اليوم وفقَ الاتفاق الذي عَقدوه نجد أنّ هناك اتفاقاً على اسمِ رئيس الحكومة، هل أحد ينكر ذلك؟

لا بل إنّ هناك اتفاقاً، كما نَسمع، على تشكيل الحكومة من 24 وزيراً وعلى توزيع بعض الحقائب، بل يقال أيضاً الآن إنّ هناك اتفاقاً غيرَ معلن بالإبقاء على قانون الستين، وبلا قانون جديد. بينما كنت أشدّد في طرحي على الاتفاق على القانون الجديد وعلى تشكيل الحكومة وأن لا نقدمَ على شيء قبل انتخاب رئيس الجمهورية».

وردّاً على سؤال، قال: «ليكُن معلوماً، لقد أكّدتُ وأؤكّد أنّني لن أقاطعَ جلسة انتخاب الرئيس، ولم أقاطعها سابقاً. وقد قلت للعماد عون إنّ تعطيل النصاب في جيبتي الكبيرة لكنّني لستُ أنا من يلجأ إلى تعطيل النصاب. لم أفعلها مرّةً ولن أفعلها».

 

 

اللواء :

في مثل هذا اليوم، بعد أسبوع، ينتخب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية أو يطرأ تطوّر ليس بالحسبان يرجئ هذا الانتخاب أو يؤخره.
ومع أن كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله كان جازماً لجهة تصويت كتلة الوفاء للمقاومة للنائب عون «وبالتفهم والتفاهم» مع حركة «امل»، وبصرف النظر لمن تقترع، فان الأوساط السياسية المتابعة لخطاب نصرالله ولطبيعة الاتصالات الجارية، وصفت موقف الأمين العام للحزب من مستجدات ما بعد إعلان الرئيس سعد الحريري دعم تبني ترشيح النائب عون، بأنه «حمّال أوجه»، وينطوي على رسائل لم تكن مألوفة في خطاباته السابقة، فهو بدا مثقلاً بأزمة ثقة تلوح في الأفق مع جمهور «التيار الوطني الحر»، الذي خاطبه كصديق قائلاً: «لا تسمحوا لأحد أن يستغل او يُسيء او يحاول ان يشوّه العلاقة بيننا وبينكم».
وأردف نصر الله: «نحن نريد بصدق أن يصل المرشح الذي دعمناه منذ اليوم الأوّل إلى قصر بعبدا»، مشيراً إلى أن الحزب «قدّم تضحية كبيرة جداً» عندما قال انه «لا يمانع من أن يتولى الرئيس الحريري، رئاسة الحكومة، مشدداً على أن ما نتطلع إليه هو أن يكون البلد «آمناً متماسكاً ولو على حسابنا».
وقال نصرالله في ما خص الاستحقاق الرئاسي، في ذكرى أسبوع أحد المسؤولين العسكريين للحزب حاتم حمادة، عبر الشاشة «عندما تعقد الجلسة المقبلة فان كتلة الوفاء للمقاومة ستحضر الجلسة بكامل أعضائها وستنتخب العماد عون رئيساً للجمهورية»، معرباً عن أمله بالوصول من خلال التواصل مع الكتل النيابية إلى «استحقاق ايجابي لا قلق فيه عند احد». مضيفاً «نحن كحزب الله نريد ان نعمل في ما بقي من وقت متاح لمراكمة الايجابيات»، داعياً الى «معالجة نقاط القلق».
وفي ما خص تحالفاته مع «التيار الوطني الحر» وحركة «امل» والنائب سليمان فرنجية كشفت عن نقاط لحل مسألة الاستحقاق الرئاسي، ومؤكداً انه اذا كان التحالف بين فريقين على قاعدة الثقة، فان أي خلاف لا ينسف التحالف، غامزاً من قناة من يريد زرع الفتنة بين حزب الله و«التيار الحر» وحركة «المردة» وحركة «امل» في إشارة من دون تسمية الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
على أن اللافت كان ما أعلنه نصرالله في محاولة لتطمين حليفه العوني، هو اقتراح إما أن يكشف نواب الحزب عن اسم عون قبل وضع الورقة في صندوقة الاقتراع، إذا سمح الدستور، أو ان يجلس أحد النواب العونيين مع نواب الحزب ليرى بأم العين وضع اسم العماد عون في الورقة.
وهذه إشارة احدثت صدمة إضافية في مختلف الأوساط، إلى انها تعكس أزمة ثقة غير مخفية بين «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر».
ورجحت معلومات أن يكون لقاء عقد في عين التينة بين ممثلين عن «حزب الله» وحركة «امل» تضمن التفاهم على ما يمكن ان يعلنه نصر الله على صعيد الاستحقاق الرئاسي.
ولم تشأ مصادر المعلومات أن تكشف المزيد.
الجلسة تُعقد أم لا؟
ووصف نائب متشدد في كتلة «المستقبل» لم يشأ الكشف عن إسمه في معرض الرد على سؤال حول ما إذا كانت الجلسة النيابية ستعقد حتماً بعد موقف نصر الله، أن «الأمور فايتة ببعضها»، وأنه لا يعرف إذا كانت الجلسة ستعقد أم لا، في حين أن مصدراً نيابياً آخر، رأى أن المعطيات الراهنة ترجح عقد الجلسة في 31 الشهر الحالي وسيفوز النائب عون برئاسة الجمهورية من الدورة الثانية، باعتبار أن الدورة الأولى لن تؤمّن له أصوات ثلثي عدد النواب، لكنه استدرك قائلاً أن لا ضمانة مائة بالمائة تؤكد انعقاد الجلسة، طالما أن في السياسة لا شيء مستحيل، وربما كانت هناك مفاجآت وتطورات قد تحصل من الآن وحتى موعد الجلسة، لافتاً النظر إلى أن هناك مرشحين للرئاسة ناموا رؤساء واستيقظوا في اليوم الثاني نواباً مثل حميد فرنجية وكميل شمعون ومخايل ضاهر في العام 1988.
وأشار المصدر النيابي، إلى أن الأمين العام لحزب الله، برّأ ذمته من موضوع الاستحقاق الرئاسي، حين أكد أن نواب «الوفاء للمقاومة» سيصوّتون للعماد عون، كما وأبرز استعداده لأن يظهر الأوراق التي سيصوّتون بها، لكنه من ناحية ثانية تحدث عن ضرورة التفاهم مع الرئيس برّي ومع النائب سليمان فرنجية، من دون أن يزيل الشكوك حول إمكانية أن لا تنعقد الجلسة قبل أن يتم التفاهم مع هاتين المرجعيتين.
ونفى المصدر النيابي وجود كتلة نيابية تسمى الكتلة البيضاء، لكنه كشف بأن نواب كتلة «المستقبل» الذين اعترضوا على قرار الرئيس الحريري بتبنّي ترشيح عون سيصوّتون بورقة بيضاء.
موقف برّي
وكان الرئيس برّي، الذي استأثرت تصريحاته من جنيف بمتابعة دقيقة في بيروت، قد أكد من جانبه، انه لن يقاطع جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، كاشفاً، في دردشة مع الإعلاميين، انه قال للعماد عون، عندما التقاه في آخر لقاء معه، بإن تعطيل النصاب في جيبه الكبيرة، «لكنني لست أنا من يلجأ إلى تعطيل النصاب». مردفاً: «لم أفعلها مرّة ولن أفعلها».
ولفت برّي أنه عندما ترك بيروت قاصداً جنيف لم يطرأ أي جديد على الوضع، مذكّراً الجميع، بل مقارناً بين ما طرحه في ما سمّي السلة وبين ما نسمعه ونعرفه عن اتفاق قد حصل (في إشارة إلى تفاهم جبران باسيل ونادر الحريري).
وقال: «دعوت إلى الاتفاق على أن تشكّل الحكومة وعلى قانون جديد للانتخاب وان يبدأ التنفيذ بانتخاب رئيس الجمهورية، وها نحن اليوم وفق الاتفاق الذي عقدوه نجد ان هناك اتفاقا على اسم رئيس الحكومة، هل احد ينكر ذلك؟ لا بل ان هناك اتفاقا كما نسمع على تشكيل الحكومة من 24 وزيرا وعلى توزيع بعض الحقائب، بل يقال ايضا الآن ان هناك اتفاقا غير معلن على الابقاء على قانون الستين، وبلا قانون جديد، بينما كنت أشدّد في طرحي على الاتفاق على القانون الجديد وعلى تشكيل الحكومة وألا نقدم على شيء قبل انتخاب رئيس الجمهورية».
موقف جنبلاط
وفي ما خصّ موقف «اللقاء الديمقراطي» الذي أرجأ قراره إلى ما بعد موقف نصر الله وعودة الرئيس الحريري من الخارج، حيث زار الرياض السبت في زيارة عمل، ثم انتقل إلى باريس، وربما بعد عودة الرئيس برّي من جنيف المتوقعة مساء الجمعة، فقد شغلت تغريدة جديدة للنائب وليد جنبلاط يقول فيها: «يبدو أن الزهر يقول درجي، فمن هو الرابح؟» الأوساط الديبلوماسية والنيابية، بصرف النظر عن إمكان فهم مضمونها، وفك الترميز الذي تُشير إليه.
وترددت معلومات عن إمكان تصويت عدد من نواب «اللقاء الديموقراطي» بورقة بيضاء في الدورة الثانية، بعد أن يصوّتوا لمصلحة مرشّح الحزب الاشتراكي هنري حلو في الدورة الأولى.
ولفت نائب من كتلة «المستقبل» إلى أنه إذا لم يعط الاشتراكي أو اللقاء الديموقراطي أصواته للعماد عون، فإنه من الصعب أن يفوز بـ64 صوتاً، أي النصف زائد واحداً في الدورة الثانية، فضلاً عن الضغوط التي سيمارسها الرئيس الحريري على النواب المعترضين على قراره، من أجل تأمين الأكثرية لعون.
من ناحية ثانية، توقع مصدر وزاري لـ«اللواء» أن تكون جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الخميس المقبل، آخر جلسة لحكومة الرئيس تمام سلام، في حال انعقدت جلسة الانتخاب الاثنين المقبل، وانتخب رئيس للجمهورية، مشيراً إلى أن الوزراء بدأوا بجمع أوراقهم وأغراضهم ومستنداتهم، تمهيداً لأن تكون جلسة الخميس جلسة وداع للوزراء قبل أن ينصرفوا لإنجاز جدول الأعمال الذي وزّع على الوزراء السبت، وكان البند الأوّل فيه مناقصة الخليوي.
تراجع واشنطن واستطلاع روسي
في هذا الوقت، وفيما ترددت معلومات عن أن مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائي<