لا يخاف النبيه في الشدائد بل يهزأ منها ويرى في أخصامه أطفال سياسة يركضون وراء ألعابهم تحسّساً منهم لطفولة مبكرة وضعتهم في ملاعب اللهو لإفراغ شُحنات الطيشنة والشيطنة المتملكة في نشأة الأطفال ليعودوا إلى بيوتهم نياماً من تعب اللّعب، وبذلك يتمتع الوالدان بهدوء تام ويتخلص الأهل من ضجيج مزعج لأطفال يظنون أنهم كبروا وبات بوسعهم القيام بأعمال الكبار .
في عجقة السير السياسي ما بين بيت الوسط والرابية، وانهماك اللبنانيين تأييداً أو رفضاً لمجيء الجنرال ميشال عون رئيساً، غادر الرئيس نبيه بري ساحة الاستهلاك السياسي وترك الجدل يأكل الجدليين مرتاحاً لموقفه مطمئناً للغد القادم والذي سيعيد فيه دوره الريادي في المعارضة التي افتقدته ومازالت تدعوه إليها لقيادة الإصلاح الجديد في ورشة الدولة .
لقد أطلق الرئيس نبيه بري صرخة المعارضة قَبل وصول الجنرال إلى القصر حتى يستفيق الصديق قبل الخصم من نوم مَرضي وتتبدّد أجواء التأييد لصالح الرجوع إلى شخصية غير مشروطة بأجندات مسبقة ولا مثقلة بعصبية طائفية وبنزعات وهواجس شخصية مفرطة في الأنا المضرّة بالسلامة العامة .
ثمّة رهان على الاستفاقة من جهة للمتضرر الأوّل من تحالف عون – جعجع – الحريري وعلى ما سيجري داخل الجلسة إذا ما عُقدت في 31 الشهر من اختيار مناسب لرئيس يُخرج لبنان من أزمة بالغة الخطورة، رغم أن ميشال عون رافضًا للدخول في أي جلسة غير ضامنة مسبقاً لرئاسته لأنه يخاف من صحوة الضمير والأخلاق في اللحظة المناسبة .
يكفي الرئيس بري أنه عاد من جديد بطل 6 شباط ومعه لبنانيون من كل الطوائف، وهذا ما جعله الوطني الوحيد، وما دلالات الشارع اللبناني إلاّ مظهر من مظاهر التأييد للرئيس النبيه. وتبدو الساحات السنية المؤيدة للزعيم الشيعي من طريق الجديدة في بيروت إلى طرابلس رسالة واضحة إلى من يعنيه الأمر في الداخل والخارج، بأن اللبنانيين ليسوا غنماً يذبحون بسكين سعد أو غيره ممّن يتقن فنّ الخسارة في السياسة.