عقبات ثلاث ستبقي عون خارج القصر الرئاسي في بعبدا إذا لم يتم تذليلها، يقول متابعون ومن قرب لحركة "حزب الله" الذي كان أول من رشّحه لإنهاء الشغور الرئاسي وتمسّك بترشيحه، رغم مبادرة زعيم "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري الى ترشيح حليف "الحزب" والرئيس بشار الأسد نائب زغرتا سليمان فرنجية قبل نحو سنة. وقبل الخوض فيها يلفت هؤلاء الى أنه ليس من حق عون الاعتراض على ما سمّي" سلَّة" الرئيس نبيه بري التي اعتبرها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تفاهمات، ودعا حليفه عون الى البحث عنها وفيها باتصالات مباشرة مع رئيس مجلس النواب و"حركة أمل" في آن واحد. ذلك أنه تفاهم مع الحريري قبل ذلك سواء مباشرة أو عبر الثنائي الشاب والطموح في الوقت نفسه نادر الحريري وجبران باسيل، على رئاسة الدولة له وعلى رئاسة الحكومة للحريري فضلاً عن أنهما تباحثا في موضوعات أخرى صعبة مثل أعضاء الحكومة وتوزيع حقائبها. ولا أحد يستطيع أن يجزم أنهما لم يتوصلا الى تفاهمات حولها وربما أيضاً على موضوعات أكثر تعقيداً وخطورة منها يعرفها اللبنانيون تماماً ولا ضرورة لذكرها تفصيلاً من جديد. إذ أن أحداً منهما لم يجهر بهذا الأمر علانية، كما أن حليف "الحزب" ومرشحه عون لم يقل له شيئاً عن ذلك. ولا يرمي هذا الكلام الى زرع الشكوك بين الحليفين. بل هو حقيقة واقعة. وعلى المرشح عون أن يدرك أن "الحزب" ليس عصا في يده يستعملها ساعة يشاء لمعاقبة من يقف في وجه طموحاته، كما عليه أن يدرك أن "حركة أمل" بزعامة بري تشكل مع "حزب الله" فريقاً واحداً، أو كما سميت ثنائية ناجحة. وهما يحتاجان الى بعضهما البعض. لكن لكل منهما مواقعه الداخلية التي قد تختلف وتتناقض. فضلاً عن أنهما عاشا صراعاً مريراً في الثمانينات جرّاء صراع الأسد الأب (الراحل) وإيران على لبنان رغم تحالفهما الاقليمي ضد عراق صدام حسين الذي توسّع لاحقاً ليصبح أكثر استراتيجية وشمولية.
طبعاً يتحدث البعض هنا عن سبب يعوق استكمال التفاهم بين "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" بترشيح زعيم الأول سعد الحريري رسمياً وجدياً زعيم الثاني العماد عون لرئاسة الجمهورية، هو رفض نظام سوريا ورئيسه بشار الأسد، إذا لم يقدّم مُرشّح عون المرشَّح لرئاسة الحكومة الأولى في "عهده" تنازلات معينة، إو إذا لم يتراجع عن مواقف عدة استراتيجية أو جوهرية على ما صرّح للبنانيين حلفاء له (الأسد). وفي الظاهر قد يكون هذا السبب جدياً، أما في المضمون فإن على حلفاء الرئيس الأسد من الذين أثاروا هذا الأمر أخيراً بعدما تجاهلوه أشهراً طويلة أن يعرفوا، واستناداً طبعاً الى المتابعين أنفسهم ومن قرب لـ"الحركة الرئاسية" لـ"حزب الله"، أن "سوريا الأسد" أو سوريا غيره لم تعد ناخباً رئاسياً في لبنان. فهي كدولة دُمّر معظمها ونزح قسم كبير جداً من شعبها داخلياً ولجأ قسم كبير آخر منه الى الخارج. وهي تعيش حرباً داخلية مذهبية، وحرباً بين "الثوار" على النظام جرّاء التسابق على السيطرة والنفوذ والمكاسب، وحرب الإرهاب على الناس العاديين، وحرباً بواسطة الأطراف السوريين كلهم تخوضها روسيا وأميركا من جهة والمملكة العربية السعودية و"مجلس التعاون الخليجي" وإيران الاسلامية من جهة أخرى، وتركيا والعراق وإيران وسوريا وروسيا من جهة ثالثة. والنظام في سوريا اليوم صامد بفضل "حزب الله" والميليشيات المشابهة له القادمة من العراق وباكستان وأفغانستان وغيرها. وعندما عجز هؤلاء عن منع انهياره تدخلت روسيا بطلب من إيران، وتعاون الجميع لتعزيز صموده. وهم الآن يحاولون تحقيق مكاسب أكثر له. ويعني ذلك عملياً أن القرار السوري "الرسمي" طالما لم ينزع المجتمع الدولي عن النظام الاعتراف به وتالياً الشرعية، لم يعد فعلاً في يد سيّده والرجل الأقوى فيه أي الرئيس بشار الأسد. ويشمل ذلك رئاسة لبنان. فالناخبان الخارجيان لها اليوم هما إيران الاسلامية التي تركت لحليفها اللبناني "حزب الله" وتحديداً أمينه العام نصرالله القرار في هذا الشأن مع استمرار التشاور معها طبعاً، والمملكة العربية السعودية التي يبدو أن القرار في هذا الشأن صار محصوراً فيها لأن ليس عندها "نصرالله" سنياً في لبنان، أو سنياً وطنياً في آن واحد. أو حزباً مماثلاً لحزبه الشيعي والوطني في آن واحد.
ما هي العقبات الثلاث التي لفتنا في بداية "الموقف" الى أنها تقف في طريق انتخاب عون رئيساً للجمهورية؟