لا يخفى على احد ماتتميز به العلاقات المشتركة بين الجانبين المصري والسعودي على كافة المسارات والاصعدة فهى بلاجدال او نقاش علاقات تضرب بجذورها الراسخة فى اعماق الصداقة والاخوة ولعل ماشهده البلدين عبر عقود طويلة وتحديدا ستينات وسبعينات القرن الماضي-العشرين- يصب فى بوتقة المحبة والمودة على كافة الاصعدة ولقد عمدت في هذه المقدمة الى الاشارة الى ما سطره التاريخ الناصع فى العلاقات والروابط التاريخية التى جمعت بين "الرياض والقاهرة"  ولاغلو  فى ذلك اليست المملكة هى التى ساندت مصر "عبد الناصر" في ستينيات القرن بعد ان تكالبت القوى الاستعمارية على الارادة المصرية ؟! ليس ذلك فحسب اليست المملكة ايضا هي التي وقفت وبكل حسم ابان حرب الكرامة فى 1973 بجانب الدولة المصرية ووقتها لمن يتذكر امر خادم الحرمين بايقاف امدادات النفط للدول الاوروبية المتآمرة مع الولايات المتحدة لصالح اسرائيل ؟! لايمكن قطعا ان ننسى او نتناسى كل هذا الزخم والعبق الذى يمتلآن بنكهة الاخوة الصادقة بين الشقيقتين مصر والسعودية .
وفى واقع الامر ان هذا غيض من فيض فالامثلة والنماذج كثر قد لا يتسع المجال للتطرق اليها في هذا المقام ولكن لايمنع ذلك مطلقا من النظر بقليل من التمعن والفراسة الى ما يدور على السطح من تداعيات وردود افعال قد تبدو ساخنة وملتبسة خاصة من جانب الطرف السعودي الشقيق حيال الموقف المصري الراهن فالبقطع هناك "ثغرة" في الجسد قفز من خلالها ارباب النوايا السوداء والضمائر الخربة لاحداث تلك العكارة فى المياه الجارية نعم مياه "جارية "ما بين الشقيقتين –مصر والسعودية – لكنها ابدا لم ولن تكن مياه "راكدة "في يوم من الايام .
وباختصار العبارة كما يقولون ما احدث هذه الثغرة واوجدها بالافق هو الموقف المصري الاخير حيال المشهد السوري ودعم مصر المساند  للموقف الروسي الرافض للرؤية السعودية ازاء الابقاء على بشار الاسد وهنا لا نذيع  سرا او نكتم خبرا ازاء تفسير السعودية للمشهد بانه خروج من الجانب المصري عن حالة الاجماع العربي لكنها السياسة ودهاليزها فالقيادة المصرية برئاسة عبد الفتاح السيسي ترى انه من اللازم والضروري الحفاظ على سوريا كدولة مؤسسات رغم ما تشهده من معارك وقلاقل طاحنة وما تخشاه القاهرة هو انفراط عقد الدولة السورية وتشرذمها بينما رأت الرياض غير ذلك بضرورة رحيل الاسد وبناء سوريا جديدة ومن هنا كانت الثغرة التي عزف على اوتارها  اصحاب الهوى.
ولعل ما ذكى تلك القلاقل ومنحها بصيصا من الحقيقة هو الاستدعاء المفاجئ لاحمد القطان سفير المملكة بالقاهرة فيما تردد بانها خطوة للتشاور استغرقت 72 ساعة ما منح الفرصة بقوة للمغرضين لبث افكارهم وتكهناتهم المسمومة والتى ذهبت لترسيخ الفجوة فى العلاقة بين الرياض والقاهرة الا ان تلك المزاعم سرعان ما ان اجهضت بعودة القطان والقنصل السعودي بالسويس لثكناتهما بمصر ومباشرة مهام عملهما المنوط بهما حيث بادر سفير المملكة باطلاق تصريحات عبر تويتر ووسائل التواصل نعى خلالها وبشدة شهداء الكنانة الذين قضوا نحبهم على ايادي الارهاب الآثم بسيناء 
وعودا على ذى بدء فان جملة الاستثمارات السعودية بالاراضي المصرية تقفز الى المرتبة الثانية من حيث حجم النشاط التبادلي بين البلدين حيث تقدر قيمة استثمارات الجانب السعودي بسيناء  قرابة 172 مليونًا و42 ألف دولار ولعل هذا يعكس وبقوة ويدحض وبشدة اية تكهنات تخرج من حناجر مغرضة اوعبر شاشات مجحفة  لاتبغى الا العبث بالعلاقات الوطيدة بين الجانبين ولن تنسى القاهرة والشعب المصري الموقف الرصين للملكة العربية السعودية ممثلة في عاهلها الراحل الملك عبد الله –العاشق لارض الكنانة- عندما بادرت المملكة كاول كيان دولي يعترف بشرعية ثورة 30 يونيو التي تفجرت ينابيعها بشوارع وميادين المحروسة ضد حكم جماعة الاخوان كما لا ينسى ايضا الشعب المصري موقف المملكة المشرف والحاسم حيال تهديدات دول الاتحاد الاوروبي ان ذاك بالتأثير على القرار المصري وهددت السعودية بايقاف العديد من صفقات السلاح بملايين الدولارات حتى تعود دول الاتحاد ادراجها .
والغريب فى الامر انه فى نفس السياق الذى خرجت علينا تلك الاصوات الناعقة بعتامة المشهد المتأزم بين الطرفين وروجت لذلك بل والمحت صراحة لوميض من التعاون الوشيك  فيما بين "طهران والقاهرة "باعتبار ان ايران دولة اسلامية على قدر كبير من القوة ولديها من الامكانيات الاقتصادية ما يساهم بشكل كبير فى مساندة مصر لعبور بعض من ازماتها الاقتصادية خاصة فى مجال الامداد البترولي وموارد الطاقة  رغم النفي القاطع من جانب الكيان المصري لصعوبة تحقيق ذلك لكثير من الاعتبارات هكذا استثمر اصحاب الاغراض والمآرب تلك الثغرة للعزف على اوتار القطيعة .
وتعقيبا على ماسبق  نجد ان الواقع الحالي يشير الى ما هو عكس ذلك والنقيض منه تماما والشاهد على ما اقول هنا هو ذلك التعاون القائم والمستمر بين مصر والسعودية في كثير من المجالات الاقتصادية خاصة وانه يتواجد الآن وفد رفيع المستوى من مسؤولي وزارة الكهرباء بالمملكة قادما من الرياض للتنسيق نحو مزيد من أطر التعاون فى مجال الربط الكهربائي بين البلدين لتحقيق اقصى استفادة اقتصادية ممكنة بين الجانبين . 
حتما ستظل العلاقات المصرية –السعودية متجذرة ولن تطال منها ايادى المغرضين او النافخين فى نار الخلافات .