تقدّم المحاميان انطوان نعمة ومحمّد صبلوح بوكالتهما عن المتهم الموقوف الشيخ أحمد الأسير الحسيني بشكوى بمثابة اخبار ضد المدعى عليهم: وفيق صفا، هلال حمود، علي محمّد كرم الجعفيل، رامي قطيش، زيد ضاهر، توفيق محمّد البابا، أحمد محي الدين معطى وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً متستراً ومتكتماً عن المنفذين أو محرضاً، طالبين اجراء التحقيقات اللازمة معهم، توصلاً لمعرفة الهوية الكاملة للمشاركين في احداث عبرا والادعاء عليهم وإحالتهم مخفورين للقضاء المختص لمحاكمتهم وفق الأصول.
وتضمّن الاخبار عرض لما حصل في 23 حزيران 2013 معتبراً انه تمَّ تشويه الوقائع وتعمية الابصار لتصوير ما جرى في حينه على انه اعتداء على أمن الدولة اللبنانية وقواها الأمنية من امام مصلى مسجد بلال بن رباح - عبرا - صيدا، إلا انه في الحقيقة، ووفق ما جاء في الإخبار، هو اعتداء على مسجد بلال بن رباح والقوى الأمنية معاً من قبل عناصر قوى الأمر الواقع المسماة «حزب الله» واذرعه سرايا المقاومة وغيرها من القوى التي تتلطى تحت هذا الستار للاعتداء على النّاس تحت غطاء سلاح المقاومة المهيمن، واهداف طائفية بغيضة اضحت معروفة للجميع، الذين يؤثرون الصمت خوفاً وطمعاً مبرِّرين ذلك بعدم القدرة على جمحِها وبحماية الاستقرار تارة والعجز الواقعي تارة أخرى.
وبيّن الاخبار في حيثيات الاعتداء، ان ما حصل في عبرا في 23 حزيران 2013 كان ارتداداً لما جرى قبل 23 حزيران من اعتداءات دأبت قوى الأمر الواقع على ارتكابها على مرأى ومسمع القوى الأمنية حيث عمد مُسلّحون متحصنون في شقق أمنية أُوجدت قصداً في عبرا تمهيداً للاعتداء على مسجد بلال بن رباح حيث بدأ هؤلاء المسلحون بإطلاق النار من مختلف أنواع الأسلحة باتجاه المسجد مع العلم ان النار أطلقت بغزارة على مكتب الأسير في عبرا أثناء وجود امنيين فيه، ولم يُبادر أي جهاز أمني إلى اجراء التحقيق برفع الدشم والسواتر الترابية بمحاذاة المسجد وعلى التلال المحيطة حيث عملت الجرافات مُـدّة أربعة أيام في تلة مار الياس - حارة صيدا امام أعين القوى الأمنية التي لها مراكز هناك حيث الثكنات العسكرية.
ويتابع الإخبار تبيان الوقائع والحواجز التي انتشرت، والمراكز التي حُصنت ومنها أطلقت النيران على كل الموجودين على حاجز الجيش المقابل لمبنى الـKFC حيث اصيب ضابط واستشهد عنصر واصيب أحد شبان مسجد بلال بن رباح وهذا كان ايذاناً لتنفيذ الاعتداء وتصويره انه معركة مع الجيش وقد أطلقت مجموعات قوى الأمر الواقع المسماة «حزب الله» النار بكل الاتجاهات لتكبيد القوى الأمنية أكبر قدر من الخسائر البشرية ورمت مجموعات أخرى القذائف على عبرا وهي وقائع موثقة بأفلام وصور ومناطق التمركز.
وتطرق الإخبارالى النائب بهية الحريري التي طلبت حماية الجيش بعدما طوّق منزلها وحاصره عناصر من حزب الله واطلقوا النار عليه، مذكّراً ان تلك العناصر احتلت المنازل ونصبت في داخلها المدافع، وأن المشاهدات الحيّة نٍُقلت عبر وسائل الإعلام، وأظهرت ممارسات هذه الميليشيات الاجرامية.
وأكّد الإخبار ان المستمع لإفاداتهم امام هيئة المحكمة العسكرية الدائمة شدّدوا ان العناصر الحزبية التابعة لحزب الله هي التي قاتلت في عبرا وأن مجموعة الأسير وعناصر الجيش كانا ضحية اعتداء مسلح مُدبّر من طرفٍ ثالث وأن المواطنين أكدوا على ظهور عناصر غريبة افتعلت الاشكال وشاركت بالقصف العشوائي، واحتلت الشقق وعمدت تلك القوى التابعة لحزب الله بالاستيلاء على تسجيلات بنك عودة التي تبيّن بوضوح من اطلق النار على حاجز الجيش حيث كان إلى جانب الجيش مدير مكتب الأسير الشيخ محمّد الحريري ومرافقوه، إضافة إلى انتشار حواجز أمنية مسلحة لمقنعين في صيدا والمحيط، اعتقل عناصرها المواطنين وحققوا معهم، وأن وسائل الإعلام نقلت ما ردّده أحد العناصر «يا زينب» عند دخوله مسجد بلال بن رباح.
وأكّد الذين اعتقلوا، ان عناصر حزبية ملتحية تعرّضت بالضرب والعنف لهم قبل تسليمهم للقوى الأمنية التي لم تلاحق الخاطفين.
ولفت الإخبار إلى ان حزب الله وسرايا المقاومة لم يتنكّرا للقتال، بل نعيا مقاتلين سقطوا وأسمتهم «شهداء معركة عبرا» عُرف منهم محمد صالح، محمد فواز، نزار بيروتي، أبو علي عساف، وفادي الترحيني.
ويرفق وكيلا الدفاع بالإخبار تحقيقاً أجرته المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الانسان Life يؤكد فيه أن هناك طرفاً ثالثاً تسبّب بالنزاع وشارك فيه وعمل على إذكائه لإيقاع أكبر عدد من الجرحى والقتلى والدمار لتعقيد القضية واستثمارها بإعطائها بعداً مذهبياً غريباً عن الاسير ومسيرته ونهجه.
وبما أن التحقيق مع المدعى عليهم المذكورة أسماؤهم في الإخبار،وملاحقة العناصر الحزبية التابعة لقوى الأمر الواقع المسماة حزب الله وسرايا المقاومة وغيرهما من قوى الأمر الواقع الذين افتعلوا حادثة عبرا وشاركوا فيها يوم 23/6/2013 فاستباحوا البلاد ورقاب العباد مرتكبين القتل والتدمير والسطو المسلح والتهجير القسري والاعتقالات التعسفية وأعمال التعذيب والتمثيل بالجثث وحرق بعضها، وبما أن التحقيق يعيد للقانون هيبته وللعدالة مكانتها في النفوس بحيث يحاسَب المجرم الفعلي والمسؤول الحقيقي عن تلك الجرائم.
وأرفق المدعيان وكيلا الاسير صوراً وأقراصاً مدمجة وتقارير طبية بالإخبار.
ونتج هذا الإخبار عن إفادة الموقوف علي محمد كرم الجعفيل يوم 4 تشرين الاول 2016 أمام هيئة المحكمة العسكرية الدائمة، الذي صرّح أثناء استجوابه في القضية المساقة ضده بجرم الاشتراك مع آخرين في مجموعة مسلحة في منطقة التعمير - عين الحلوة، باعتراض دورية أمنية لإعاقة عملها، بأنه ينتمي الى سرايا المقاومة في حزب الله، وأنه قاتل في أحداث عبرا مسانداً الجيش، وأن حزب الله طلب منه النزول بالسلاح الى الشارع لمواجهة الأسير، بعدما صدر تعميم عن الحزب بهذا الشأن، إضافة الى أن النيابة العامة لدى المحكمة العسكرية بعد استنكاف وكلاء الدفاع عن المثول أمامها للدفاع عن الأسير حتى تحقيق المطالب الثلاثة، والتي تحقق منها إثنان وهما نقل الاسير من سجن الريحانية الى رومية، والسماح بتصوير محضر التحقيق مع الموكل الأسير لدى الأمن العام بعد توقيفه في مطار بيروت، وقد بقي المطلب الثالث المتعلق بإخبار «من أطلق الرصاصة الأولى في أحداث عبرا» الذي بدل أن يُصار الى إجراء التحقيق فيه، والادعاء، ضم الى الملف الأساسي، لكن القدر أبى إلا أن يظهر الحقيقة ويشير الى الظلم، لرفعه عن المظلوم بحيث صرح الجعفيل، وأعلن عن حقيقة يحاول المعنيون طمسها، أشار إليها الإخبار الثاني بالتفاصيل، مما يفتح الباب الواسع أمام الاستنكاف من جديد الى حين تحقيق المطلب الثالث والذي يعيد للقانون هيبته وللعدالة وقفتها الصلبة في وجه الظلم.
يذكر أن موقف النيابة العامة من إي إخبار يقدّم، يحدده القانون بطريقين، إما الحفظ في حال تبيّن عدم وجود جرم، أو الإحالة الى الضابطة العدلية، للتحقيق والادعاء، لمعاقبة الفاعلين. أما مسألة الضم الى الملف لسبق التحقيق، كما حصل بمصير الإخبار الأول، فلا أساس قانوني له.
أما ظاهرة الاستنكاف بسبب عدم تطبيق الطرق القانونية في مسائل تتعلق بالشكليات أو بالأساس أو بحقوق الإنسان أثناء المحاكمة، فهي موقف قانوني سبق إليه المحامي الكبير الراحل د. إدمون نعيم أثناء محاكمات رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع، حين طلب نعيم نقله من سجن وزارة الدفاع الى سجن قانوني، ما جعل السياسيين في ذلك الحين يهرعون الى تشريع خاص، يكرس سجن وزارة الدفاع سجناً شرعياً، ويعدّل مواد في قانون أصول المحاكمات الجزائية من أجل هذه الأهداف.