سوزان عون  كاتبة شاعرة وفنانة تجيد العزف على الكلمات وترسم بالحروف نثرا وشعرا وقصيدة , وتبدع في الرسم فتخرج من بين يديها لوحات صاخبة باللون والمعنى .
سوزان عون قريبة من الله فكان القرآن أجمل رفيق تعملت منه وعلّمته في الوطن والإغتراب .
سوزان عون أستاذة ومدرسة وهي مسؤولية كبيرة كانت على قدر هذه المسؤولية عرفنا من خلال كتاباتها فالتقينا على أكثر من حوار .
سوزان عون وهذا الحوار الخاص على موقع لبنان الجديد

مصطفى محمد الشامي
 

كانت البداية في التدريس والإشراف على الدورات القرآنية هل تحن الكاتبة سوزان إلى مهنتها السابقة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
من بعد التحايا , أشكر الله على كل ما أعطاني و وهبني , له الحمد وله الشكر.
بيده ملكوت كل شيء, والذي لا يخيب من دعاه.

حتما أحن لتدريس القرآن الكريم, ولكن لم أبتعد عن القرآن الكريم, فهو غذاء لروحي, ومداد لفكري , ومعجم لألفاظي.
وقد قمت في أستراليا بتدريس القرآن الكريم للجاليات المسلمة من مختلف الجنسيات.

تعيش الكاتبة في أستراليا كيف تجد الكتابة في الاغتراب وما هي الفرص التي أتاحها هذا الاغتراب عن الوطن للكاتبة سوزان ؟

الاغتراب في أستراليا منحني مزيدا من الوقت لإعادة التفكير في كل ما مضى, وتقييم ذاتي, ووضع أولويات ونقاط في حياتي, لأعاود الانطلاق من جديد.
علمتني الحياة في أستراليا, بأن لا شيء اسمه مستحيل في الحياة, وبأن على الإنسان أن لا يستسلم مهما بلغت درجة قسوة الأيام عليه, وأن لا نيأس, مهما كانت ضغوطات الحياة.
علمتني الحياة في أستراليا, بأن الحياة جميلة جدا, وبأن علينا أن نغير المنظار الذي نرى من خلاله لأن علينا واجب كبير تجاه ديننا و إيماننا, وبأن نكون المثال الحسن للآخرين من خلال أخلاقنا الطيبة, وهناك مسؤولية أكبر تجاه أولادنا ليكون أيضا الخلف الصالح الذي سيأخذ الشعلة من بعدنا ليكمل ما بدأنا به.
لأننا أصبحنا و بدون أن ندري, مثالا حيا عن الإنسان العربي المسلم الذي يعيش مع جنسيات شتى. وهنا يبرز هذا الدور لنغير فكرة الآخرين عنا, وأن نريهم أن الإرهاب الذي يلازم العرب, لا علاقة لهم به لا من قريب أو بعيد.
وهذا ما حدث, انخراطي في الحياة في أستراليا, وعودتي لمقاعد الدراسة, أثار فضول الجميع, كيف لامرأة عربية لديها مسؤوليات كبيرة تجاه أفراد أسرتها, تتعلم وترتقي كل سنة من صف إلى آخر, ومعظم أصدقائها في الصف من عمر أبنائها, ذلك لم يوقفني أو يحرجني, وأنا أنتظر نهاية هذه السنة الدراسية لأكمل بعدها إذا قدرني الله لذلك.

الأستاذة والكاتبة سوزان في مقتبل عمرها كانت تكتب القصة والرواية فكيف تحول القلم إلى كتابة الشعر والنثر والخواطر ؟
القصة أو الرواية تحتاج لوقت أطول في إعدادهما, وهذا ما أفتقده حاليا, ولكن دوما أحن إلى تكملة بعض الروايات التي بدأت بها, حاليا لا أدري متى, ولكن الله كريم..
النثر و الخواطر يعيشان معي كنطقي و سمعي, أي أقرر ما أكتبه من خلال رؤيتي لما يدور حولي من قصص هنا و هناك, صور تحدث حولي, فتؤجج لي الأفكار, فأبادر فورا إلى تسجيلها من خلال موبايلي الذي أجده مكتبي المتنقل.
عدم مبادرتي لتسجيل الفكرة فورا, يحرمني منها أبدا, ولأنني أخشى ضياعها, فأنا في كتابة مستمرة , كي لا أبالغ, يوميا أجد نفسي تفيض مما يخزّنه فكري و يقرره قلبي الذي تؤذيه صورة ما في مكان ما.

هل تتوجه الكاتبة سوزان بكتاباتها إلى أحد ما أو هي مجرد كتابات من وحي الخيال ؟
أتوجه في كتاباتي إلى الحلم الذي تحلم به كل امرأة و كل فتاة, أتوجه إلى ما يفتقده الكثيرون هذه الأيام, الحب و الصدق و الوفاء.. إلخ
ولكن صدقا الخيال عندي ذو مساحات خيالية وواسعة, والأفق بلا حدود.
وهو من يسعفني لأكتب و أكتب عن (الآخر) غير المحدد الذي أكنّ له كل احترام.

هل الأوضاع السياسية والاجتماعية تؤثر في الكتابة الشعرية ؟
وكيف لا تؤثر , ونحن نعيش بقلوبنا في قلب الحدث, وأتابع ما يجري على الساحة بترقب, فكل أصدقائي الذين تعرفت عليهم على الفيسبوك, يعيشون في قلب ما يجري, فكيف لا أهتم بما يجري وأدعو الله معهم, وذلك أقل الإيمان أو أقل ما أستطيع أن أقدمه لهم.

باكورة الكاتبة سوزان إليك الرحيل ...فاذكرني , هل هي تعتقد برأيها أنه أخذ مساحته وانتشر على الصعيد العربي ؟
لا أبدا, ابتعادي عن لبنان خلال طباعته, أثرّ سلبا على انتشاره وعلى طريقة طبعه و توزيعه. ولكن أعد القارئ بأن الكتاب الثاني و الثالث سيكون لهما اهتماما أكبر و رعاية أوفر.
وككل كاتب, لا يوجد من يرضى عن عمله مهما بلغت درجة إجادته لهذا العمل.

تقول الكاتبة سوزان أن الكلمة القاسية تجرحها ، لماذا ؟
بكل بساطة, لأن الكلمة صنعتني, وجعلت مني سوزان عون, فكيف لا تؤذيني إذا كانت في غير موضعها.
من خلال تربيتي لأولادي, عرفت كيف تؤثر الكلمة على نفسية الإنسان, وكيف ترسخ في ذاكرة الطفل إذا كانت جارحة, منذ كان أطفالي صغارا, أعاملهم كشباب يافعين, علمتهم الاحترام من خلال احترامي لهم و لآرائهم.
الكلمة الجميلة صدقة, وبالكلمة نُدخل السرور بها على القلوب المعذبة أو المتألمة. وكما علمني والدي أطال الله عمره, قال: الكلمتين ببلاش, فلماذا لا نختار الكلمة الطيبة ونقولها للآخرين؟

ماذا نقول للأستاذة سوزان كاتبة أو فنانة تشكيلية ؟ أو الاثنين معا ماذا تختار هي ؟
أقول بأنني سوزان عون فحسب, ولا أحب إلا هذا الاسم و هذا اللقب.
وكي أعرف عن نفسي أحيانا, أقول بأنني فنانة, فنانة في اللون و الحرف. وهذا لعمري شيء بديع , أن يكون الإنسان فنانا.

رأينا لوحات فنية للأستاذة سوزان كيف وجدت نفسها في الإبداع الفني ،هل هي قريبة من الفن أو هي مجرد رسومات عابرة وتكتفي بها لذاتها ؟

الرسم, ماذا أقول؟ الرسم و الألوان والحروف روحي التي تنبض داخل أوردتي, أعشق الألوان و الحروف و أعشق الطبيعة الخلابة التي تنطقني رغما عني, تدمع عيني أحيانا من مشهد رائع, وأتمم دائما : حبيبي يا رب.
لا, لن أكتفي بها لنفسي, سأكمل و أكمل بإذن الله, إن بقي لي عمر في جنبات روحي.
لن أتنازل أو أتخاذل عن التعبير عما يختلج في داخلي من معاني كتابة أو رسما إلا بالموت.

لوحة فنية اسمها امرأة في مراكب الرحيل ، لماذا الأستاذة سوزان أطلقت عليها هذا العنوان أو تذكرها بالغربة عن بلدها الأم لبنان ؟
ما أروع هذا السؤال, عرفت من خلاله متابعتكم الحثيثة لي و لما أكتب.
أشكركم.
امرأة في مراكب الرحيل, لوحة هي الشمس التي صورتها بشكل وجه امرأة, المرأة التي لا تكل و لا تتعب ولا تتوقف عن العطاء. عملها دؤوب و مستمر, تنام و هي تحلم بماذا تنوي أن تقدمه لأولادها بما تقدر عليه وأقسم لأنني أعيش الأمومة, بأن ما يوقف الأم, هو فحسب قصر يدها, ولو قدرت واستطاعت, لغزلت من رموش عينيها أغطية لأولادها, وجمعتهم في قلبها بعيدا عن عيون البشر, وعن تعب الدنيا, لأجل أن تراهم سعداء ومرتاحي البال.
أهديكم هذا النص فأقول:
أيها القاطنون في حنايا الذاكرة سلام.
سأرحل إلى غدي قبل أن يأتيَ ولو بقارب من خيال. وأدوس أرض الأمنيات في حلم من يقظة. وعند ساعة الشوق، سأدير للماضي ظهري. فعيناي تسكن إشراقا وفي قلبي تحدٍ وصمود. سأقرأ خطوط يدي إن تاهت بي الطريق.
عزف فريد في رأسي يردد أسماء, ونوتات ممزقة أطرافها، تمسكها أصابع من خشب، رغم كل هذا الفيض، لازلت أمسك حروفي أن تقع، فلسقوطها دوي وصراخ.
أجمع كل أصداف تلك البصارة و أضمر في قلبي ولا أكثر الأماني، أمنية تجمعني بك من جديد، لهو الحلم وخير مما يجمعون.