بإسم الوطن النازف جراح فقر وفتنة وجريمة وفساد وغش ومحسوبيات..

بإسم المواطن الرازح تحت ثقل لقمة العيش والكرامة المداسة تحت ألف عنوان..

بإسم الضمير أو ما بقي منه...

بإسمهم...صرخة ضد نظام صحي غير مطابق للمواصفات...

نعم يا معالي الوزير..

قبل ملفات المطاعم المترنحة بين الاقفال والاغلاق تبعا" لمحسوبية المندوب الصحي وحجم إكراميته..

قبل ملف المؤسسات الغذائية الفاسدة قمحا" 

وسكرا" وملحا"..

فلنبدأ من أهل البيت يا معالي الوزير..

فلنبدأ من المستشفيات والنظام الاستشفائي.

وما أكتب عنه اليوم ليس سبقا" صحفيا" بل هو قضية حدثت معي اليوم..

ظهرت لإبني كتلة في رقبته فطلب مني طبيبه إجراء صورة (سيتي سكان) له.

بعد انجاز معاملة الضمان حجزت موعدا" لإبني يتناسب مع دوام عملي ومع دوام مدرسته فكان الخيار نهار السبت.


 في تمام الثامنة توجهت الى مستشفى الساحل لإجراء الصورة..بداية الى الصندوق.. سلمتهم ملف المعاملة..أجابتني الموظفة أن ملف المعاملة ناقص وصفة الطبيب التي على أساسها يتم اجراء الصورة..فقلت لها وأين يجب أن تكون..لعلها بقيت لديهم في الضمان..وما الحل؟أجابتني إما أن اذهب الى الضمان لأجلب الورقة وإما أن أستحصل من الطبيب على وصفة أخرى وإما أن أدفع ثمن الصورة كاش وآخذ سند أمانة لاسترجع ثمنها لاحقا" بعد استكمال اوراق المعاملة..

ولأنه لا أمان وظيفي يتيح دفع ثمن الصورة كاش..

ولأنه لا أمان فسادي يجعلك تثق باعادة استرجاع المبلغ..

كان الحل الأسهل على قاعدة المر والأمر هو التوجه الى الضمان الاجتماعي...

وخلف أروقة الضمان حكاية من نوع آخر..

حكاية تبدأ بطوابير المواطنين المنتظرين، وتتتابع بالموظفة التي حين راجعتها بطلبي انزعجت لأنها (بتفهم اكتر من المستشفى وما بتحب حدا يعلمها شغلها) على حد تعبيرها...وتستكمل فصولها مع موظف كان متعاونا" فتنازل ونزل الى الارشيف لنفتش معا" بين جحافل الاوراق عن ورقة بطبيعة الحال لم نجدها..وبعد عدة متابعات كان الجواب النهائي : الورقة ضاعت...

خرجت من دائرة الضمان أجر أذيال الخيبة والحسرة ويتآكلني عجزي عن الاجابة على أسئلة ابني الذي هاله وهو في عمر الثانية عشرة ما رآه وما سمعه ورحت بخجل أفكر كيف سأطلب منه حفظ مقرر مادة التربية المدنية وفيها الكثير من الكلام عن الادارات العامة والنظام والقانون...

وبعد،

تواصلت مع الطبيب واستحصلت على وصفة جديدة منه وعاودت الذهاب الى المستشفى..

دخلت المستشفى متأخرة عن موعد الصورة اربع ساعات..بسبب نظام بال فاسد مهترئ لا يمنح المواطن اي قيمة لا له ولا لوقته ولا لماله...

اعتقدت أن رحلة القرف انتهت بعد أن طمأنتني الموظفة على الصندوق أن المعاملة باتت مكتملة وبعد أن دفعت ما يسمى فرق الضمان في دولة لا فرق عندها بين ألم مواطنها وأمله...

دخلت مع إبني الى قسم سحب الدم لإجراء فحص ما قبل الصورة..

إصطنعت إبتسامة على وجهي لتوحي له بأن كل شيء على ما يرام وأن أسباب الحنق إنتهت وكنت أفكر بما سيكون عنوان مقالتي هذه وهل إن عنونته بكتاب الى معالي الوزير سيشد القراء ليأتيني الرد سريعا" بعنوان موجع ومخزي ومقرف من كل ما سبق..

الرد أتى من ذبابة..

نعم ذبابة في قسم سحب الدم في المستشفى اكتشفت سريعا" أنها بعكسي ليست وحيدة في هذا المكان الغريب بل يوجد ذبابات أخرى في عدة أمكنة من المستشفى...


وبعد..

سيسكت القلم عند هذا الحد من الكلام المباح..

وستبقى هذه القضية يا معالي الوزير واحدة من ألف قضية وقضية غارقة في ليل الفساد..

تنتظر ديكا" يأتي ذات وطن يعلن ذات صباح..

 

(نادين خزعل)