جاءت مسيرة حزب الله في العاشر من محرم تلبية خاصة لنداء النصرة لليمن بدعوة من السيد حسن نصر الله الذي أسقط المناسبة الحسينية على الواقع اليمني للتعبير عن حجم الموقف من التأييد للحوثيين والتنديد بالسعوديين الذين يخوضون معركة أمنهم القومي بعد أن دخل الايرانيون الى اليمن لتهديد المملكة كما هو يقين السعوديين في ذلك .
يبدو نداء التلبية للمستغيث اليمني من قبل حزب الله يُضاعف من الدور المذهبي في الحرب ويغذي الصراعات ويدفعها الى الأمام رغم أن الحرب الدائرة بين يمنيين ويمنيين وبين الحوثيين وجماعة صالح وبين تحالف تقوده المملكة  العربية السعودية هو في طبيعته صراع سياسي على مصالح تتجاوز من يأخذ السلطة أو يحكم اليمن لتصل الى حسابات اقليمية يترتب عليها ماهيات الدور الايراني والسعودي في منطقة لا  يحكمها إلا الأقوياء .
عندما دخل الامام الحسين عليه السلام اليمن مؤيداً للحوثيين ضد غيرهم من اليمنيين أو ضد المملكة وحلفائها الخليجيين كان يشرعن الجماعة التي انتفضت على جلادها والتي منحت نفسها فرص السيطرة على اليمن لتنتصر ارادة الخير على ارادات الشرّ المستطير وهنا يكون الامام الحسين قد اختار الفرقة المؤمنة والتي أخذت على عاتقها تحقيق منطق الاصلاح في الأمّة . 
هذا الحضور الحسيني في اليمن يقابله حضور ليزيد في سوريا الذي دخل أبوابها من اتجاهات مختلفة ومعه كل أمّة لا اله إلاّ الله لاسقاط ارادة الخير وإقامة دولة الشرّ وهدم الدولة التي بناها أبوه معاوية وما زالت قباب مساجد بني أمية مرتفعة بعد أن أسست على غير تقوى و إيمان .
اذاً نحن أمام تاريخ جديد بمضمون قديم تتداخل فيه شبكات المصالح والمفاسد وفق تشخيص متعدد الوجوه ينسجم تماماً مع ما ينفع الجهات المتقاتلة والمصطفة في محوري الحق والباطل فإمّا مع معسكر الامام الحسين  في اليمن  وإمّا مع معسكر يزيد في الشام .
لبى الحسينيون صرخة الحوثيين في اليمن كما لبى اليزيديون نداء بني أمية في سوريا وباتت كربلاء خارج المكان والحيز والجغرافيا كونها مساحة لانتاج السلطة أو لإتاحة فرص سلطوية للباحثين عن مال سياسي يصرف في الحروب ليخدم قضايا الموت المفضي الى جنّات القصور التي شيدها الأمويون لإعلاء كلمة الله .
هكذا يرى الكثيرون مجرى التاريخ العنفي ودلالات التواصل مع المقدس في المدنس وهكذا يتم التفاعل مع الرهان التاريخي وإسقاطه على الراهن كونه أداة أساسية في تدمير بُنى الأمّة ومهما كانت هشّة لأن الفرقة هي الناجية من أزمة الوحدة .
بعد اليمن سيكمل الامام الحسين سيره نحو الموصل كما أن يزيد هو الآخر مدعو الى بلد آخر لأخذ البيعة بسيف الشمر حتى تنتظم أمور الخلافة ويستقيم الدين على بدع السلاطين .