قاعدة وحيدة ينطلق منها عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لمناقشة كل الاقتراحات التي توضع على طاولة اللجنة الفرعية للانتخابات: النقاش شيء والموافقة على ما يطرح شيء آخر. فالموقف النهائي متروك للحظة الأخيرة. 
حتى بعد الاتفاق على مشروع مختلط، فإن فتفت يذكّر أن النظام البرلماني لا يُلزم النائب بموقف ثابت في مراحل التسريع المختلفة (لجنة نيابية، لجنة فرعية، لجان مشتركة وهيئة عامة). 
هل تترك لنفسك هامشاً للإطاحة بالتوافق إذا تحقق؟ يوضح فتفت: هذا موقف مبدئي ينطلق من حقوقنا كنواب، ولكن بحسب طريقة عملنا في اللجنة، فإن الموافقة على أي من المقترحات لن تصدر إلا بعد دراسة، وبالتالي فهو حكماً لن يكون عرضة للتغيير.
كما كل أعضاء اللجنة الفرعية، كذلك فإن فتفت يبدو مرتاحاً لمجرى النقاش. يعتبر أن أحد إنجازات اللجنة أنها تحوّلت إلى منتدى لتقاطع وجهات النظر، أدت لاحقاً إلى وضع نقاط تفاهم سياسي إضافة إلى التفاهم التقني. 
يوضح أن نقاط التفاهم التي يتحدث عنها تتعلق بقانون الانتخاب، في ظل التباعد المستمر في القضايا الاستراتيجية. أما أبرز معالم التفاهم التقني، فقد تُرجمت في النقاط الخمس التي اتفق عليها، وأهمها السعي إلى قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل المسيحي من دون خلق خلل سياسي.
بالرغم من أن الحديث مع نائب «المستقبل» يوحي أنه لا يتوقع الوصول إلى التوافق المنشود، إلا أنه يوضح في الوقت نفسه أن معالم الخرق الذي يمكن أن يتحقق في الفترة المتبقية من عمر اللجنة (الأسبوع الحالي)، باتت واضحة، وأولها ضرورة عدم السير بمشروع الـ50 بالمئة أكثري و50 بالمئة نسبي الذي تقدم به النائب علي بزي، لأنه يعطي الأغلبية لـ«8 آذار». وثانيها، تصغير الدوائر وفق النظام الأكثري، بما يفوق الـ26 الدائرة «التي لا نوافق عليها»، على أن تحترم خصوصيات الأقليات الطائفية في بعض المناطق أثناء توزيع المقاعد بين الأكثري والنسبي. 
وفي معرض السعي للتوافق، يؤكد فتفت أنه لا بد من إيجاد حل لثلاثة مقاعد تشكل خللاً ديموغرافياً كبيراً هي المقعد السني الثاني في بعلبك الهرمل، المقعد الماروني في طرابلس والمقعد الدرزي في بيروت. 
وعلى سبيل المثال، يوضح فتفت أنه في الوقت الذي يمثل كل نائب سني نحو 34 ألف ناخب من طائفته، فإن هذا المعدل ينخفض إلى ما دون العشرين ألفاً في بعلبك الهرمل ويرتفع إلى نحو ما يزيد عن خمسين ألفاً في عكار. وفيما يكاد يغيب الصوت الماروني في طرابلس، فإن النائب الدرزي الذي ينتخب في بيروت يمثل نحو 1800 ناخب درزي فقط. 

قدمنا خطة متكاملة وليس قانوناً انتخابياً

يرفض فتفت تسمية اقتراح القانون الذي تقدمت به «كتلة المستقبل» بأنه اقتراح قانون انتخاب: إنه خطة سياسية متكاملة للخروج من المأزق الراهن. كما يؤكد أن المبادرة لم تكن وليدة اللحظة السياسية وإنما بدأ العمل عليها منذ ما يزيد عن سنة ونصف. 
لكن لماذا قدّمت الآن؟ يوضح فتفت: «استفدنا من وضع البلد المأزوم لنقول إن هذا هو الوقت المناسب لطرح المبادرة بشكل جدي، علماً أننا كنا قد طرحنا أفكاراً شبيهة في لقاءاتنا في الفترة السابقة مع مختلف المسؤولين»... 
ولكن هل كان الاقتراح سيقدم لو أن «قانون الستين» ظل ساري المفعول؟ يجيب فتفت: لو كان الجميع موافقاً على «قانون الستين» لما كنا اليوم في أزمة.
يتخوّف فتفت، «في حال الاتفاق على قانون مختلط، أن تبدأ حملة إسقاطه، ربما قبل إقراره في الهيئة العامة، حيث يستعمل في المهاترات الانتخابية كأن يخرج العماد ميشال عون، على سبيل المثال، ليعلن عدم الموافقة على قانون يؤمن انتخاب 55 نائباً مسيحياً بأصوات المسيحيين مطالباً بالتسعة الباقين».
ويضيف: «ثم من يضمن ألا نعود إلى المعركة نفسها بعد أربع سنوات».. قبل أن يخلص مجدداً إلى أن الأمثل هو أن ندخل في حل متكامل للبلد.

البعض لا يريد إجراء الانتخابات

يتابع فتفت هجومه على الخصوم، مبدياً اعتقاده بأن البعض يريد أن لا تجرى الانتخابات. ثم يوضح أن كل من يرفض النظام الأكثري يعمل لتأجيل الاستحقاق. 
ينطلق من إشارة وزير الداخلية مروان شربل الى أن الوزارة لن تكون تقنياً جاهزة لإجراء الانتخابات قبل 9 حزيران إذا تغيّر القانون، فيدعو إلى تلقف مبادرة «المستقبل»، التي تشكل، إضافة إلى «قانون الستين»، المخرج الوحيد لاحترام المواعيد الدستورية. يوضح أن «تأجيل الانتخابات خطير جداً لأن أحداً لا يضمن كم يمتد. أما بشأن التأجيل التقني فهو بدوره ليس مضموناً أن لا يتكرر تحت عناوين مختلفة». 
يحسم فتفت الموقف مؤكداً أن كتلة «المستقبل» لن تسير بأي تأجيل، كما يجزم انه شخصياً لن يصوّت للتمديد لمجلس النواب الحالي ولو ليوم واحد. يتذكر مثلاً بلجيكياً يقول «لا شيء يستمر إلا المؤقت». 
ماذا لو فشل التوافق؟ يؤكد فتفت أن على الحكومة أن تجري الانتخابات، انطلاقاً من مسؤوليتها الدستورية. ويضيف: إذا لم تفعل فهذا يعني أن البلد سيدخل في أزمة كبيرة ناتجة عن التمديد لمجلس النواب ومجلس الوزراء. ليس هذا فقط، بل يؤكد أن الأزمة الأكبر قد تنتج عن عرقلة التمديد لمجلس النواب بما يؤدي إلى استمرار الحكومة الحالية وبالتالي سيطرة «حزب الله» على كل مفاصل الدولة. 

«الستين» قابل للطعن لكنه نافذ

يرفض فتفت أي كلام عن عدم نفاذ «قانون الستين». يقول «صحيح أنه قابل للطعن ولكنه نافذ». لم يفهم فتفت حتى اليوم كيف أعلن الرئيس نبيه بري أن «قانون الستين» غير نافذ. ويضيف: «إذا كانت الحكومة قد قصرت في تنفيذ قانون فإن على بري أن يضغط لتنفيذه بدل أن يعطيها سلطة تشريعية، تسمح لها بتجميد القانون».
ولكن، لماذا الحديث عن التمديد أو تأجيل الانتخابات، وما يزال قانون «اللقاء الارثوذكسي» حاصلاً على الأغلبية النيابية، وبنداً أولاً على جدول أعمال جلسة اللجان النيابية المشتركة في 18 الحالي؟ ثم لماذا لا يعطي «المستقبل» الفرصة لحلفائه الذين يعتبرون أن مجلساً ينتج عن انتخابات طائفية يمكن ان يكون تأسيسياً؟ 
يعود النائب أحمد فتفت إلى كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، مؤكداً أن الكلام عن التأسيس (المؤتمر التأسيسي) خطير جداً لأنه يعلن بذلك إلغاء الدولة أو عدم وجودها. ويقول إن تيار «المستقبل» لا يمكن أن يكون إلا عابراً للطوائف، ويرفض أن يوضع في خانة السنة حصراً. كذلك يرفض فتفت اعتبار الدوائر الصغرى شكلاً آخر من أشكال الانغلاق ويؤكد أنها تعطي الناخب قيمة أكبر من دون أن تلغي الاختلاط. 
يعترف فتفت أن القانون «الارثوذكسي» قد يتحول إلى أمر واقع، خاصة أنه غير مقتنع بأن بري لن يدعو لعقد جلسة نيابية عامة في غياب «المستقبل». يجزم أن «التيار الازرق» سيطعن في القانون عندها، من دون أن يعني ذلك أنه لن يشارك في الانتخابات التي قد تجرى على أساسه، انطلاقاً من قرار واضح بعدم مقاطعة الانتخابات بغض النظر عن قانونها. 
ومع ذلك، يحذر فتفت من أن السير بانتخابات كهذه سيعني أمراً من اثنين: إما أزمة جديدة إذا صدرت نتيجة الطعن قبل الانتخابات بما يؤدي إلى تطييرها، وإما كارثة إذا صدرت بعد إجرائها، وأدّت إلى إبطال نتائجها مع ما يعنيه ذلك من غياب لمؤسستي مجلس النواب ومجلس الوزراء.