قبل أقل من شهرين، خرج المرشح الأمريكي دونالد ترامب ليطلق الاتهامات على الرئيس باراك أوباما بأنه موّل إيران التي "تموّل بدورها العمليات الإرهابية"، وهي "المسبّب الرئيسي لزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط". ولم يتوان عن وصف الاتفاق النووي بأنه "أسوأ صفقة على الإطلاق". لكن يبدو أن ترامب لم يكن يتوقع حينذاك ما سيخرج به مركز النزاهة العامة الأمريكي، بالتعاون مع "الكونسورتيوم العالمي للصحافة الاستقصائية"، من تقارير تؤكد تعاونه في وقت سابق مع بنك "ملي" الإيراني الذي وُضع لاحقاً على لائحة الإرهاب.
 
يظهر أن الفضائح لا تنفك تلاحق المرشّح الجمهوري. فبعد الفضيحة التي كشفتها صحيفة "نيويورك تايمز" بشأن امتناعه عن دفع الضرائب على مدى عشرين عاماً، وهذا ما استدعى البعث برسالة رسمية إلى شركاته بالتوقف عن العمل إلى حين تقديم الكشوفات المالية، ها هو ترامب يعود إلى الواجهة مع تأكيد تعاون مؤسسته العقارية مع البنك الإيراني من العام 1998 إلى العام 2003. وفي التفاصيل، أن الأخير كان قد استأجر مساحة مكتبية تصل إلى 8 آلاف قدم مربع من ترامب، في الطابق الرابع والأربعين من مبنى "جنرال موتورز" في الجادة الخامسة في نيويورك.
ووفقاً لمركز النزاهة، وضعت وزارة الخزانة الأمريكية "ملي" على لائحة العقوبات في العام 1999، ما يعني أن المصرف بقي موجوداً في مبنى ترامب أربع سنوات بعد اتهام المسؤولين الأمريكيين له بتمويل الحرس الثوري الإيراني والجماعات المتورطة بالبرامج النووية و"العمليات الإرهابية". قد يبرّر البعض الأمر بأن وزارة الخزانة كانت تمنح أحياناً تراخيص خاصة لجهات إيرانية للقيام بأعمال محدودة في الولايات المتحدة، وعليه صدر ترخيص لمصرف "ملي" في العام 1996 للعمل في نيويورك بموجب أمر قضائي. مع ذلك، يفسّر مركز النزاهة بأن المصرف وُضع لاحقاً على لائحة العقوبات، كما أن مدة سريان الترخيص ليست معروفة للعلن.
 
ولأن المرشّح المثير للجدل يصرّ على عدم الإفصاح عن سجلاته الضريبيّة بأي شكل كان، ليكون أول مرشح منذ العام 1972 يحجب هذه المعلومات عن الجمهور. يشير مركز النزاهة إلى أن علاقات ترامب بالشركات الإيرانية ربما تكون أوسع نطاقاً لكن يصعب تأكيدها. حتى أن التقارير المتعلقة بمصرف "ملي" لم تلق منه أي تعليق، بينما أكد مقربون منه عدم معرفتهم بها. هنا تعلّق الخبيرة بالشوؤن الإيرانية إيمانويل أورتولانغي قائلة إن ترامب حصل على بدل إيجارات ضخمة تصل إلى أكثر من نصف مليون دولار سنوياً من المصرف، وحجته "لم نكن نعلم" وهي نفسها حجة المقربين منه، ليست صالحة البتة".
 
من جهته، انتقد ريتشارد نيفيو، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية وعمل حوالي عشر سنوات على ملف العقوبات على إيران في إدارتي جورج دابليو بوش وباراك أوباما، ازدواجية ترامب قائلاً إنه "من غير المهم معرفة ما إذا كانت الدفعات التي تلقاها ترامب قانونية أم غير قانونية، المهم هو أن دونالد ترامب يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر عندما يتعلق الأمر بحصوله على الأموال".
 
وفي هذا الإطار، ذكّر التقرير بأن قضية "ملي" ليست الأولى بشأن تعامل ترامب مع الجهات المعادية لإيران. ففي وقت سابق، حاولت منظمة ترامب الحصول على تبرعات من الرئيس الليبي معمر القذافي، المتهم بالوقوف وراء إسقاط طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي في العام 1988، والتي قتلت 189 أمريكياً، بحسب "بازفيد".
 
أكثر من ذلك، انتهكت إحدى الشركات التابعة لترامب الحظر المفروض على كوبا من خلال القيام برحلة عمل إلى الجزيرة في العام 1998، قبل وقت قصير من كلمته في ميامي وقد أيّد فيها الحظر الأمريكي هناك، كما ذكرت مجلة "نيوزويك".
 
في حين ذكرت "نيوزويك" أن مسؤولين في منظمة ترامب انتهكوا الحظر على كوبا بين عامي 2012 و2013، وأبدوا استعدادهم للاستثمار في هافانا.
 
كذلك حققت منظمة ترامب الملايين من خلال بيعها شققاً للسعودية، بحسب "نيويورك دايلي نيوز". صحيح أن السعودية حليف أمريكي، توضح الصحيفة، لكنها متهمة بتمويل الجماعات المتشددة، وترامب نفسه كان قد نصح مؤسسة كلينتون بإعادة التبرعات السعودية التي حصلت عليها، لأن الأخيرة "تنتهك حقوق الإنسان".
 
كما يُسجّل لمنظمة ترامب تعاملات مع الهند وروسيا ودبي، وهي، بحسب "نيوزويك"، تهدّد بعرقلة المصالح الأمريكية في حال فوز ترامب بمنصب الرئاسة.
 
رفض المصرف الإيراني "ملي" التعليق على التقارير، لكن حملة كلينتون "الملوّعة" من اتهامات ترامب، لا سيما عندما قال إنها كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية بينما كانت عائلتها تدير منظمة غير ربحية تقبل تبرعات من مانحين من الحكومات الأجنبية، استفادت من هذه التقارير. ورد مستشار كلينتون السياسي جاك سوليفان قائلاً إن ترامب "يتحدث كثيراً ولكن عندما تصل الأمور إلى جني المال، سوف يتعامل مع أي كان". ونصح في النهاية الناخبين بالبحث أكثر عن صفقات ترامب التجارية، لأنها تحدّد مسارات حكمه.
 
المصدر: رصيف 22